غازي عليان يكتب: مأساة فلسطين.. بين الأمس والغد

النائب السابق غازي عليان
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/29 الساعة 17:58

يظهر أن الحديث عن المآسي في زماننا المقلوب قد يطول، كيف لا ؟ ونحن نقرأ عن مأساة الحلاج التي أسهب الأدباء في وصفها، وعن مأساة شعب فلسطين الذي تشرد فوق كل الكوكب، وحوصر قطاعه الذي شرف الأمة العربية والإسلامية بتصديه لجيش الإحتلال الصهيوني الذي يصنف كواحد من أقوى جيوش العالم بما يمتلكه من طائرات ودبابات وصواريخ ، ومدعوم من أقوى جيوش العالم التي زارته خلال الأسابيع الماضية مباركة قتله للأطفال والشيوخ وتدمير المساجد والكنائس والمستشفيات ومحو أحياء بأكملها عن وجه الأرض ، بل وأبادت عائلات بأكملها، وأصبح المئات من الأطفال بلا أب ولا أم، ولا حتى عائلة بعد عملية طوفان الأقصى المجيدة ،والتي وفي أسبوعها الرابع لا زالت المقاومة تنفذ عمليات بطولية خلف خطوط العدو الصهيوني في قاعدة زكيم الصهيونية وفي معبر وقاعدة اريتز إلى جانب دك مستوطنات العدو الصهيوني في غلاف غزة بل وفي أقصى جنوب وشمال فلسطين المحتلة.

وهنا، سأذكر بعض الحقائق عن غزة وحصارها وتجويع أبنائها، وعن فلسطين المباركة وقضيتها، وعن حالة العجز والتلكؤ في الأمة العربية والإسلامية.
لقد كان لموقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله أثرا كبيرًا في تغيير صورة المقاومة للإحتلال الصهيوني في فلسطين وغزة، وكانت توجيهاته لوزير الخارجية أيمن الصفدي أكبر الأثر في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة باتخاذ موقف عالمي ضد العدوان الغاشم للعدو الصهيوني على غزة، وكيف لا والملك يعتبر فلسطين قضية الأردن الأولى ومقدساتها تحت وصاية الهاشميين، واستمر الملك مستقبلاً لقيادات العالم مصرًا على موقفه وموقف الشعب الأردني الداعم للقضية الفلسطينية، ومتجولًا في بقاع الأرض للدفاع عن قضية الشعب الفلسطيني المقاوم والصامد بكل قوة محذر من التهجير والطرد والقتل والاقتحامات المتتالية ومحذرًا من منع الغذاء والدواء لأبناء الشعب الفلسطيني في غزة وكان لقراره في بداية الأزمة باستمرار عمل المستشفى العسكري في غزة رسالة واضحة ودقيقة أن الأردن وقائده مع فلسطين ولن يتخلى عنها.
أما جلالة الملكة رانيا العبدالله فكانت لسان الشعب وقلبه وروحه في تصديها للإعلام الغربي بلقاءات كشفت حقيقة جرائم الاحتلال الصهيوني بخرقها لكل قواعد الإنسانية، ورغم محاولات المذيعة انتزاع موقف من جلالة الملكة رانيا يدين المقاومة إلا أن جلالتها بذكاء شديد تجاوزت ذلك بثقافة واسعة ولغة قوية ومتينة لتتحدث عن قضية الشعب الفلسطيني بشمولية مذكرة بكل مجازر الإحتلال الصهيوني عبر تاريخه الدموي، وعن نظام الفصل العنصري والمستبد الذي يمارسه حرفيًا بحق الشعب الفلسطيني الصابر، وفي المعركة الأخيرة أبدعت جلالتها في توصيف جرائم الاحتلال الصهيوني وسياسات وإجراءات انتقامية مجرمة بمنع الدواء والغذاء والمياه والوقود وقصف المستشفيات وأماكن العبادة والمدارس وبيوت الامنين، وقدمت جلالتها درسا شافيا وافيا للمجتمع الدولي ولاعلامه المنحاز للكيان الصهيوني العنصري، كما سأذكر موقف أمين عام الأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش الذي دافع بقوة عن المستضعفين في الأرض الفسطينية وتعرض لهجوم من قادة الكيان المحتل الصهيوني.
أما الموقف الثالث فهو مقارنة بين الغرب الأوروبي والأمريكي الداعم بلا حدود للكيان الصهيوني العنصري المجرم بالإسلحة والأموال وحاملات الطائرات والصواريخ العابرة للقارات وحتى الفضاءات، وعن مواقف دول شقيقة بعضها كالكويت والجزائر وغيرها يقف خلف المقاومة للإحتلال الصهيوني، وبعضها متخاذل للأسف يصف المقاومة للاحتلال الصهيوني بالاجرام، وتصف الشهداء بالقتلى وتساوي بين الضحية الفلسطينية، والقاتل الصهيوني، والغريب في دول جوار قطاع غزة وشعبها وجيشها بالملايين ولا تستطيع إدخال المساعدات إلا بموافقة العدو الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فيا حسرتي ويا مصيبة المصائب بهكذا عالم عربي وإسلامي متخاذل وبائس يترك شعبا بأكمله تحت نار الإحتلال الصهيوني، بل تنقل لنا بعض الأخبار عن دعم بلا حدود من دول عربية وأخرى يتحكم بها اللوبي الصهيوني، ولكن لا يأس ولا بأس، وأقول ما قاله الصحفي وائل الدحدود وهو يرى زوجته وأولاده شهداء معلش كله فداء لفلسطين، فإن في فلسطين شعب الجبارين الذي مرغ أنف الإحتلال الصهيوني بالتراب وبإذن الله أن النصر قادم.
وهنا يحضرني الحديث ولا بد من ذلك عن مأساة الأمة التي تعاني من محيطها إلى خليجها من التجزئه وحروب القبائل والانفصال.
أين أمس اليمن السعيد من واقعه اليوم ، وفي سوريا أين دولة الصمود والتصدي التي تعاتي التجزئه الان، وفي ليبيا،
و العراق الحال ليس أفضل، أما باقي الدول فقد استفحل الإرهاب وضرب عمقها وحلم مشاريع التنميه أصبح مثار حديث الشارع.
أما ليبيا فقد غابت حكومه ونظام، لتظهر حكومات تعمل على قاعدة الكراسي المتعاكسه، وحلم الرفاهيه في العالم العربي، أصبح في البحث عن الذات والمكان في ظل ضياع زمان الانجازات، ولا تتوقف القائمه ولكن يعجز القلم عن تسجيل المآسي في الصومال السودان وغيرها وهي مخططات غربية عمقت أزمات المنطقة لتنفرد بقضية فلسطين المقدسة لتهجير أهلها ولكنهم لن ينجحوا في ظل شعب فلسطين المقاوم.
إنَ مآسي العالم العربي التي أراد لها راسموا السياسة الحديثة أن تطول ، وما وراء الأكمة ما وراءها يدفع الى فكري بيتاً بيت للشاعر الشهيد عبد الرحيم محمود في فلسطين وهو يقول:
وسابقت النسيم ولا افتخار أليس عليَ أنْ أفدي بلادي
فالشاعر و الامة كلاهما ضحية وشهيد، فالأول سَطَر بدمائه انشودة المجد، والثاني قدَمت نفسها قرباناً لترتيبات ما فوق اقليمية، في مأساة تفتيت دول وذوبان هوية شعوب واستهداف لأمة باكملها ، والشعوب تدفع الثمن دماءاً زكية وخراب وضياع، فصدق فيهما قول القائل:"والجود بالنفس أقصى غاية الجود".
لقد لحقت شعوب العالم العربي بالشعب الفلسطيني في مسلسل الضياع والفرقة والتجزئة والتشريد والموت في قطار سريع لا تعرف له وجهة ، واذا كان الشعب الفلسطيني قد اختار قهر الأيام حتى لا يتخذ ظالم غشوم، مُسلَح بكل أدوات التخريب والتهويد والحصار، وصياغة المؤامرات والاغتيالات الإساءة إلى وحدته حُجَة، للهجوم على الأمة، ونهب خيراتها سبيلاً، وتعذيب شعبها منهجاً، فكانت المقاومة للاحتلال، فإننا نتمنى لهذا أن يدوم، وان تنتصر المقاومة ويندحر الإحتلال وليس ذلك على الله بعيد.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/29 الساعة 17:58