المال الأسود في جيوب الفتن

نادية ابراهيم القيسي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/27 الساعة 12:06
مشاهد أليمة جسيمة لا تفارق الأذهان أبلغت بحيثياتها وتفاصيلها ما لم تنطق به الأحرف والكلمات وعجزت أمامها كل اللغات المنطوقة فلا أوصاف تكفي لتعبر عن هول الفواجع المتتالية إنها حرب إبادة وحشية فاقت كل ما سبقها دموية و إجرام.ليقف جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الهاشمي العربي النبيل من نسل أشرف الخلق شامخاً غاضباً لما يحدث في غزة وفلسطين أمام العالم بأسره فيعلو صوته جهورياً جاهراً منتصراً للحق والحقيقة التي لا مجال فيها للتورية أو التزوير مؤكداً كعادته مراراً وتكراراً في مختلف المحافل العربية الإقليمية والدولية موقف الأردن العظيم الذي ظل صامداً على مر التاريخ مقاتلاً مدافعاً سنداً وذخراً لعقيدةٍ، وطنيةٍ، قوميةٍ وأمة إسلامية وعربية بولاءٍ قدريٍّ نابع من الفطرة الإنسانية السوية ممثلاً جوهر وجدان كل وطني حر شريف يحيا على تراب هذه الأرض الطاهرة.إن ليس كل الحروب تخاض بالقوى العسكرية القتالية فهناك حروب معنوية ونفسية صداها وأبعادها ذو أثر بالغ قد يغير الاحتمالات ويقلب الموازين ليحقق الانتصارات القيمة في معارك تغزى في ساحات مختلفة ما بين واقعية وافتراضية، فمنذ القدم و بمختلف الثقافات عبر العصور كانت تمارس شتى أنواع الحروب النفسية لتثير الرعب في الخصوم قبل.. أثناء وبعد المعارك الطاحنة لتهزم المعنويات المقتدة و تضعف الروح القتالية للمحاربين الأشاوس بزعزعة المفاهيم والقناعات و خلق حالات الاحباط و اليأس مثيرة الخلافات بناءاً على الاختلافات لتفرق فتسود و من ثم تنتصر بمفهوم الحرب خدعة.وبتعاقب الحقب الزمنية وتطورات الحياة تنوعت أساليب الحروب النفسية وأدواتها و طرقها الماكرة الدنيئة التي تارة قد تزرع خلايا نائمة تتربص وتتحين الفرص للانقضاض بسمومها و تسديد ضرباتها الغادرة على حين غرة كعادة الجبناء ممن لا عهد لهم ولا ميثاق وتارة أخرى تجند الإعلام المتردي أخلاقياً بمختلف أشكاله كأبواق مَيتةٌ ضمائرها فتوجه معازفها لقلب الحقائق و تحشيد الآراء بما يناسب شرائع المال الأسود الذي يحكم بشراء الذمم المنسلخة عن القيم و المباديء الإنسانية وأي من الانتماءات العقائدية السوية والوطنية لتنفيذ مهام تترجم في إثارة الفتن وتزييف الأحداث وتشتيت الانتباه عن القضايا المحورية بآمال زائفة أن يقع الأغلب فرائس سائغة لمكائد أقوام لا يعقلون.في الآونة الأخيرة خاصة لم يكن الأردن بمنأى عن هذه الحروب النفسية المهيمنة عالمياً ولا بمنأى عن المحاولات المندسة الفاشلة لخلق فجوات لاختراق التلاحم الوطني الأردني العريق أملاً في زعزعة الأمن و الأمان في منظومتنا الوطنية و انقسام الصف الواحد و إضعافه بإثارة النعرات الأصولية، الجهوية و التهجم على مواقف الأردن الشريفة و المشرفة دائماً و أبداً مستخدمين كافة الوسائل المتاحة و بالأخص منصات التواصل الاجتماعي.إن الأردن بمكانته التاريخية و موقعه الجغرافي الاستراتيجي بشعبه الأصيل و قيادته الهاشمية الحكيمة هو ركن أساسي متين عتيد في الشرق الأوسط فلا سلام حقيقي إن لم تكن الأردن مكوناً أولياً دائماً وهاماً فيه ولا نهضة اقتصادية فاعلة و مشاريع عالمية براقة إن لم تكن الأردن رديفاً و امتداداً داعماً في مساراته و تفرعاته مهما تجلت الأوهام والخيالات بنسج مشروع شرق أوسط جديد يعتمد على نفوذ مستحدثة مغايرة لما هو على أرض الواقع الممتد منذ القدم. و بناءاً على ذلك لم تتوانى و على مر العقود النفوس الحاقدة الطامعة بالنيل من وطننا و مكانته الشامخة عن حيك المؤامرات لاستهداف صلابة الموقف الأردني الهاشمي الذي لم يتزحزح قيد أنملة عن نصرة القضية الفلسطينية و حقوق شعبها الجبار و الحفاظ على المقدسات الإسلامية في القدس الشريف بالوصاية الهاشمية عليها برغم كل الضغوطات والمساومات المرهقة على عدة أصعدة ومن مختلف الجهات. بإلاضافة لطموحات تجار الموت -الخاسئة بإذن الله- الذين أوجعتهم الضربات القاضية التي وجهت لمعاقلهم المتأصلة وصد محاولاتهم البائسة المتكررة لجعل هذا الوطن الأبي معبراً دائماً و مقراً آمناً لسمومهم القاتلة التي تفشت و عاثت فساداً في مجتمعات من حولنا. ليأتي أيضاً كابوس الامتداد الطائفي و انتهاجه شتى الأساليب و تقديم مختلف المغريات طمعاً في الدخول و الانغراس تحت مختلف المسميات في نسيجنا الوطني تحقيقاً لمطامع مستترة تحت غطاء الدين و العبادة لدرجة الاحتشاد على حدودنا المشتركة استغلالاً للأوضاع الحالية و بإسم نصرة الشعب الفلسطيني مما أدى لاعاقة الإمداد النفطي و عبور الشاحنات المحملة به للمملكة الأردنية الهاشمية برغم وجود حدود أقرب لانتصارهم هذا و بمساحات شاسعة لنفوذهم تشاركهم توجهاتهم و معتقداتهم الفكرية و المذهبية ذات قدرة على فتح جبهات قوية ممتدة تحقق مطالبهم المزعومة.إن الحروب النفسية لا توقد نيرانها إلا بمخططات شيطانية تستغل الأزمات والمواقف الطارئة ليصدح صوت فحيحها و تبث سمها الزعاف في مواطن الجهل و العوز أحياناً و تعبئة جيوب الفتن الغارقة في بحور الخيانة و الغدر أحياناً أخرى. لكن سيبقى الأردن -برغم كل هذه المهاترات- كما كان و زال سداً منيعاً جباراً عصياً يذود بكل ما يملك ضد كل المحاولات لانتزاع الحقوق من أصحابها الشرعيين قاطعاً بحزم مفاصل و أيادي الغدر القريبة و البعيدة لكل من تسول له نفسه أو يظن أنه قادر على زعزعة استقرار أمن هذا البلد المعطاء أو الاضرار بمنظومته الوطنية المترابطة. وسيبقى الأردنيون من شتى الأصول و المنابت خلف قيادتنا الأبية حاملين بولاء وفخر رايتنا الأبدية الله.. الوطن.. المليك تحت الراية الهاشمية.حفظ الله الأردن أرضاً شعباً وقيادةً.والله دوماً من أمام ووراء القصد
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/27 الساعة 12:06