اللاانسانية الممنهجة

د. رانيا اسماعيل
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/25 الساعة 14:46
لا يقاوم العدو الغاصب الشعور الداخلي والفطري باللاانسانية والتحيزات والاستبداد بسبب عقدة نقص أبدية لم يستطع التعافي منها، لذا تسيطر عليه أفكار ومعتقدات خرافية وبالية مبنية على أساس العرق، من خلالها يرتكب جرائمه ومجازره من اضطهاد وتمييز ممنهجين و يعمل على ايجاد قوانين لا ترتقي لمستوى البشرية، فينظر لغيره نظرة مخلوقات متوحشة دون البشر، لأن هنالك صوت داخلي خطير يقود عقليته فطريا لطريق الظلم والقمع والاستبداد ويغلق عينه عن الحقائق الواضحة والجلية أمامه ، هو يعلم الحقيقة، لكنه لا يعترف بحق الآخرين بأبسط سبل الحياة يتلذذ بارتكاب أعمال العنف الجماعي، والإبادة الجماعية بسبب حقده وكراهيته المرعبة للوجود الفلسطيني .
حرمان الفلسطينين من الطعام والشراب والنوم والدواء ليس بجديد على الصباينه ، فهم يستخدمون هذا الاسلوب مع الأطفال الفلسطينيين بعمر الورود المحتجزين بزنازنهم الحديدية لمدة قد تصل لعشرين عاما بتهمة رمي الحجر ، إنهم الأطفال الوحيدين في العالم الذين تتم مقاضاتهم بشكل منهجي من خلال نظام قضائي عسكري وليس مدني، يتعاملون مع الأطفال وكأنهم حيوانات شريرة، بطريقة مهينة ومرعبة ومؤذية جسديا ونفسيا حتى يحطموا كرامة الطفل ونظرته لنفسه يقيدونهم بالكراسي المعدنية ويطلقون الكلاب عليهم.. ويدعون بالمحافل الدولية بالانسانية والتغني بحقوق المرأة والطفل.. أية إنسانية هذه وأيديهم ملطخة بدماء أطفال ونساء وشيوخ فلسطين ؟!..يمارسون جرائم الفصل العنصري ضد الفلسطينيين يوميا بعنجهية معلنة أمام كل الأمم وهيمنة قاسية أمام صمت دولي لا يقوى على ردعهم من الاستيلاء الجماعي على الأراضي والممتلكات الفلسطينية، والقتل والتعذيب والتنكيل ، والتهجير القسري، والقيود الصارمة على التنقل والحرمان من الجنسية والمواطنة للفلسطينيين، فما بالكم بأوقات العدوان العنيف والمستمر والدموي والمتكرر على الشعب الفلسطيني، أيعقل أن تكتب الأم الفلسطينية اسم ابنتها على كل جزء من جسدها حتى تلملم أشلاءها عندما يتفجر جسدها من جراء القصف.. حتى بأفظع كابوس لا يراودك هذا المشهد .. هل تجرد العالم من انسانيته؟!..كل منظمات العالم تنادي بحقوق الإنسان بشكل مستدام، لكنها عجزت للأسف في هذا المشهد الدموي الذي تعجز هوليوود بكل امكانياتها عن إخراجه، إذن ما دامت هذه القوانين الإنسانية الوضعية لا تنفع ولا تضغط في مثل هذه المواقف فما مبرر وجودها؟، لماذا يتم ضخ المليارات على خططها ومشاريعها ومقترحاتها وبرامجها؟، وهي لم تنقذ امراة طاعنة بالسن من ذوات الإعاقة غارقة بدمائها تحت الركام، أو طفلة ولدت للتو وما زالت تحت الأنقاض بلا اسم من أنقذهم كانت يد الانسانية المثقلة والتي تعاني الويلات والتي يتمتع بها الشعب الفلسطيني، الذي غير قواعد علم النفس والسلوك في هذا العدوان، فهذا الشعب تعرض لكل أنواع التعذيب والتضييق والضغط النفسي والحرمان من الحقوق والحريات الأساسية على مدى عشرات السنين، لكنه لم يتحول لوحش كاسر يدوس الشجر والحجر ويزهق أرواح الأطفال، بل كان وسيبقى مثالا للرجولة والشجاعة والكرامة والحكمة والنضال رغم ما يمر به، ورغم أنف المحتل .علينا ألا نتوقف عن كشف الوجه الحقيقي واللاانساني للغاصب لكل العالم، بكل الوسائل وبكل اللغات، بالكلمة والصورة والتحليل والاعتصامات السلمية والرسم والشعر والغناء والتمثيل والقلم والخبر والعلم والكوفية.. الخ ، حتى لا يمر ما يفعله العدو مرور الكرام ، وبالفعل بدأ العالم يكتشف حقيقة هذا المحتل الدموية الكارهة والحاقدة لكل أنواع الحياة.لقد سقط قناعه وظهر وجهه الخفي المظلم ونكبة 1948 لن تتكرر لوجود جيل شباب واعٍ ومدرك لما يدور حوله، فالقضية الفلسطينية تحيا من جديد .
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/25 الساعة 14:46