د. رافع شفيق البطاينة
ما زال السؤال الذي يتردد على ألسنة الناس بشكل دائم هو هل هناك جدية في مكافحة الفساد في الأردن؟ حيث ما زال هناك تشكيك من البعض بمدى جدية الدولة الأردنية من خلال مؤسساتها الرقابية بمكافحة الفساد والحد منه وصولاً إلى القضاء عليه واجتثاثه من جذوره بما يفضي إلى تحقيق دوله نزيهه ورشيدة تعمل بالحوكمة الرشيدة، وأن تسود العدالة والمساواة الحقيقية بين المواطنين، يكون المواطن مطمئنا أنه سوف ينال ويحصل على حقوقه الوظيفية أو القيادية أو المالية أو الخدماتية بعيدا عن أي تدخلات من هنا وهناك ، أو تدخل واسطات أو محسوبيات للاعتداء على حقه ومنحه لآخر دون وجه شرعي، وأن المواطن يريد كذلك أن يطمئن أن ما يدفعه من رسوم وضرائب تذهب إلى خزينة الدولة، وأنها في أيد أمينة محمية من أي إعتداء عليها من جهات أو أشخاص بطرق غير مشروعة دون حسيب أو رقيب أو مساءلة قانونية أو محاسبة، وهذا وضع طبيعي في ضوء ما يشاهده المواطن من بعض الممارسات من بعض المسؤولين من قرارات غير مسؤولة، ومن إشاعات تصدر من هنا وهناك عن قضايا فساد دون التيقن من صحتها ، أو عدم توافر الدليل أو الأدلة الدامغة التي تدين مرتكبها المدعى عليه، ولذلك تبقى في باب الإشاعة والتشكيك وربما اغتيال الشخصية، لأن القاعدة القانونية تنص على أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.
لكن ولدى استعراض التقرير السنوي لعام 2022 الصادر عن هيئة النزاهة ومكافحة الفساد يشير بما لا يدع مجالا للشك أن الهيئة تعمل فعلا بجدية حاسمة برقابة الأموال العامة ومحاسبة كل من تسول نفسه أن تمتد يده إلى المال العام ، أو حتى استغلال موقعه أو سلطته أو صلاحياته القانونية وفق الإجراءات القانونية والتشريعات المعمول بها لدى الهيئة.
وقد بين التقرير أن الهيئة استطاعت استعادة مبلغ مالي ضخم خلال الأعوام 2019 - 2022 وصل إلى حجم 517 مليون دينار ، منها 159 مليون دينار خلال عام 2022 وهذا رقم غير مسبوق ، مما يؤشر ويدلل ويعكس حجم الجهد الذي تقوم به الهيئة لمكافحة الفساد بأشكاله المختلفة.
كما بين التقرير أن الهيئة تعمل بعدة مسارات متوازية تشمل الإجراءات الوقائية والعلاجية والتوعوية والتثقيفية والتطويرية والتحديثية ، بالإضافة إلى سبل حماية المبلغين والمخبرين والشهود بما يوفر لهم الأمان والطمأنينة من أي ردة فعل ثأرية أو انتقامية من مسؤوليهم في حال كانوا من كوادر الموظفين ، كما أن الهيئة تعمل على تطوير وتحديث تشريعاتها وفق ما يستجد لها من ثغرات قانونية تظهر خلال التطبيق..
وعليه فإنه يتضح لنا مما سبق أن هناك جهودا جادة وعملية على أرض الواقع ، ومتابعة حثيثة ومتواصلة لتحقيق رؤى ورسالة الهيئة، وترجمة توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني نحو بيئة نظيفة خالية من الفساد وكسر ظهره، واجتثاثه قدر الإمكان ، وللحديث بقية.