رسائل إيجابية من البنك الدولي ‎تجاه المملكة

في تقرير جديد للبنك الدولي بعنوان "المرصد الكلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)"، يرسل البنك رسائل إيجابية حول النمو الاقتصادي والتضخم في الأردن.
إذ أقام البنك في تقريره الذي صدر في تشرين الأول 2023 برفع توقعاته للنمو الاقتصادي في الأردن لعام 2023 بمقدار 0.3 نقطة مئوية ليبلغ 2.7 % بالمقارنة مع توقعاته في تقريره السابق والبالغة 2.4 %. وما يبعث على الارتياح أن هذه النظرة الإيجابية لمسار النمو في المملكة تأتي في الوقت الذي خفض فيه البنك توقعاته للنمو في باقي دول منطقة MENA، وللمنطقة ككل بمقدار 1.8 نقطة مئوية مقارنة بتوقعاته السابقة في تشرين الأول 2022 لتبلغ 2.1 %.كما قام البنك أيضاً برفع توقعاته لنمو الاقتصاد الوطني لعام 2024 بمقدار 0.1 نقطة مئوية إلى 2.6 %. ويتناول التقرير توقعات النمو الاقتصادي لمنطقة MENA، إلى جانب أداء بعض المؤشرات الاقتصادية الأخرى. ‎ومن اللافت للانتباه، قيام البنك الدولي بخفض توقعاته للنمو في معظم دول الخليج العربي، وهي الدول التي تتوفر لديها إمكانات عالية للنمو الاقتصادي، للمرة الثالثة على التوالي. وبالعودة إلى الشأن المحلي، فإن رفع البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي في الأردن رغم حالة عدم اليقين الكبيرة التي يعيشها العالم اليوم، وتخفيضها لباقي الدول، يؤكد بصورة جلية وبما لا يدع مجالاً للشك قوة وصلابة أساسيات الاقتصاد الأردني، ويبعث رسالة اطمئنان من مؤسسة دولية مرموقة لها وزنها وتأثيرها على الصعيد العالمي أن اقتصادنا الوطني يسير على الطريق الصحيح. وبكل تأكيد فإن هذا التحسّن لم يأت من فراغ، وإنما جاء مدعوماً بزخم الإصلاحات الهيكلية الاقتصادية والمالية التي ينفذها الأردن منذ عدة سنوات لتعزيز النمو الشامل والمستدام، وهو ما ساهم أيضاً في نجاح الأردن في إتمام 6 مراجعات متتالية في الوقت المحدد لبرنامج الإصلاح الذي ينفذه بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، والذي حظي بإشادة واسعة من قبل العديد من المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الائتماني. ‎ولعل ما يعزز من منطقية التوقعات الجديدة للبنك الدولي للنمو الاقتصادي في الأردن أنها تأتي منسجمة مع الأداء الاقتصادي الذي تحقق خلال النصف الأول من هذا العام، حيث نما الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 2.7 %. وقد كان هذا النمو متأتياً من النمو في كافة القطاعات الاقتصادية، بقيادة الصناعات التحويلية، والنقل، والزراعة، وخدمات المال والتأمين، ومنتجي الخدمات الحكومية، والتي ساهمت مجتمعة بحوالي ثلثي النمو المتحقق. ‎رسالة إيجابية أخرى أظهرها تقرير البنك الدولي تؤكد الاستقرار النقدي المتحقق في المملكة، وذلك لدى تناوله تطورات الأسعار في دول المنطقة. فما يبعث على الارتياح، ما أظهره التقرير من أن الأردن كان واحداً من الدول القليلة التي سجلت معدلات تضخم متدنية على أساس سنوي في شهر آب 2023، سواءً على مستوى التضخم الكلي أو على مستوى تضخم أسعار الغذاء في المنطقة، حيث لم يتجاوز معدل التضخم الكلي في المملكة 0.9 %، ‎ومما يلفت الانتباه أيضاً، أن معدل التضخم في أسعار الغذاء في الأردن كان منخفضاّ بشكل واضح، إذ بلغ 1 % فقط، مقارنة بمستويات تضخم مرتفعة في باقي دول المنطقة وصلت في لبنان إلى 274.2 %، و74.2 % في مصر، و16.1 % الجزائر، و13.9 % في تونس، و10.6 % في المغرب، و9.2 % في البحرين، و6.1 % في الإمارات، و5.7 % في الكويت.‎إن تسجيل الأردن لمستويات منخفضة للتضخم، ما كانت لتتحقق لولا الإجراءات والقرارات التي اتخذتها الحكومة وكذلك السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي لاحتواء الضغوط التضخمية. ونشير هنا إلى أن معدل التضخم الكلي خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالي انخفض، وفقا للبيانات الرسمية، إلى 2.3 % مقابل 4.0 % خلال نفس الفترة من العام الماضي.