بوصلتنا هي القدس.. لذا يجب أنّ نوجه الجماهير المندفعة

عدي صافي
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/20 الساعة 22:54
تابعت منذ عدة أيام جلَّ النقاشات الدائرة حول الدعوات الرامية لمشاركة الحشود بمظاهرة بالقرب من صرح الجندي المجهول؛ لتوجيه رسائل سياسية للعدو الصهيوني.في البداية أقدّر طرح كل من الداعين للمتظاهرة وأجهزة الدولة لحججهم حول الدعوة والرفض، وإنّي وإنّ دعمت الحجة الرسمية التي تقول "إن الأغوار منطقة حدودية وخطرة"، إلا أنني أحترم وجهة نظر الداعين ولا أحرض بشكل من الأشكال على وصفهم او اتهامهم بطريقة مبطنة من قبل البعض بأنهم خونة أو داعي فتنة أو ما يتعلق بهذه الخزعبلات المستهلكة.وأرى أنَّ الحلّ الأفضل، والسبيل الأسمى، لتحقيق غاية الدولة، والشعب، وهي الغاية الواحدة الرامية لدعم الموقف الرسمي السياسي، الحل برأيي هو تبني كافة الأطراف لخطاب عقلاني منطقي غير هجومي.إنَّ غالبية المتظاهرين هم شبان في مقتبل العمر (وأتحدث بوصفي شاباً صغيراً يمر بذات شعورهم تقريباً)، هؤلاء الشبان نسبة لا بأس بها منهم قد لا تعي ما هي المخاطر التي تحدثت عنها الدولة، وقد لا تدرك ما تبعات أي فعل خاطئ قد يرتكب سواءً على الحدود أو في محاولة اقتحام السفارات أو غير ذلك، ولذلك وجب أن يتحلى الخطاب بالعقلانية والمنطقية، وأنّ لا يكونَ هجومياً يَنّفضُ عنه الناس ويعارضونه لأجل المعارضة؛ فإنَّ هذه الفئة يمكن توجيهها والإستفادة من طاقاتها بسهولة ودون وقوع أي خسائر جسدية ومادية.بوصلة كل الأردنيين هي فلسطين بأكملها لا سيما غزة، ولا يوجد من هو أكثر حساسية على الأطفال والنساء والأبرياء الذين يعانون من اخوتنا، لذا فإنَّ أي تغييرٍ لهذه البوصلة هو فعل سوء، يضر بقضيتنا، ويشتت الأنظار، ويعرض موقفنا الثابت على مختلف الأصعدة بدءاً من الملك ووصولاً للناس أجمعين.على الشبان الراغبين بالتظاهر أن يسألوا ذاتهم ما هي أهداف التظاهر، أهي للتحطيم؟ بالمطلق لا، أهي لإيذاء رجال الأمن؟ مستحيل، أهي لإغلاق الطرقات؟ أيضاً لا، ببساطة إنَّ اهداف التظاهر تتمثل بالتعبير عن الغضب والمشاعر الإنسانية أولاً، وهذا قد يتم من خلال الهتاف المقبول والمسيرة الهادئة واللافتات المرفوعة، وثانياً تهدف التظاهرات لدعم الموقف السياسي الرسمي والذي كان جلياً وارتقى نسبياً لتطلعات الشارع العام، وهذا الهدف يتم من خلال التظاهر في المناطق التي تصل رسائلنا من خلالها مثلما جرى في المسيرة التي نظمت أمام سفارة أميركا أو تلك التي تنظم في منطقة الرابية بشكل دوري، أو حتى مسيرة وسط البلد الكبرى، أما الهدف الثالث للتظاهرات فأدّعي أنه يخدم المقاومين والمرابطين أنفسهم؛ حيث تمدهم مشاهد الشعوب الحية بالروح المعنوية المطلوبة، وبالمآزرة بالكلمة التي لا تقل أهمية عن حربِّ السلاح في ظلِّ السردية الصهيونية المختلقة والمصدّقة من قبل قوى الإستعمار.ومن ذات المنطلق على كل فردٍ بالأجهزة الأمنية أن يسأل نفسه أسئلةً شبيهة قبل تأديته لواجبه الوطني، فهو من يمثل الدولة، والدولة هي المسؤولة عن أمن الناس، وهذا واجبها الذي لا يمكن أن تتخلى عنه أو أن تعتبره فضلاً وكرماً منها على الشعب تحت أي ظرفٍ كان.وختاماً، أظنّ أنَّ المغرضين والمسيئين وداعي الفتن منهم من هو ليسَ أردنياً وإنما توظفه جهات خارجية، ولا أستبعد أن تطال يد الكيان الصهيوني هذا الفعل المعتاد عنها، كما أنَّ المخربين المتواجدين في البلاد، هم قلّة، لا تمثل الجموع الغفيرة، ولا يجوز أنّ يأخذها البعض حجة يشيطن الناس كلهم لأجلها.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/20 الساعة 22:54