أبو عبيدة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/18 الساعة 03:57
اتابع رسائل (ابو عبيدة) المتحدث باسم القسام, وأتابع في ذات الوقت لقاءات (أفيخاي أدرعي) الناطق باسم جيش الاحتلال... (ابو عبيدة) شخصية لا تعرف وجهها, تعودنا فقط على سماع صوته وبياناته, وهو من المقاتلين الذين يصرون على لغة الإنتصار والتحدي, وحين يقرر بث رسالة.. يجلس الجميع بمن فيهم أركان جيش الاحتلال للاستماع لها, والعالم كله ينتظر ماذا سيقول (ابو عبيدة)... حتى نحن في المنازل أيضا, نتسمر أمام الشاشة حين يطل علينا.
بالمقابل (أفيخاي أدرعي) كلما ظهر على شاشة عربية أو غير ذلك تتم (بهدلته), ولا أظن أن أحدا يهتم بسماع (تفاهاته) حتى أركان جيش الاحتلال وضباطه الكبار لايستمعون له... هو عبارة عن رجل يكرر ذات المصطلحات, ذات الفكرة الممجوجة, وذات الأسلوب (المايص)... ثم تتم (بهدلته) واللقاء ينتهي في الغالب بقطع الاتصال.
القصة ليست مقارنة بين (افيخاي) وأبو عبيدة أبدا, ولكن القصة هي قوة المقاومة وصرامة خطابها الإعلامي، والأهم أنه يمثل اللغة الصادقة التي لا تكذب ولا تزيف... بالمقابل الطرف الاخر يمثل الهزيمة ويمثل الواسطة حتما تشعر أن (أفيخاي) جاء للموقع بالواسطة, وحين تتأمل تفاصيل وجهه تشعر أنه لا يريد أن يقدم تحليلا أو حجة.. بقدر ما يريد أن يرضي المسؤول المباشر عنه أو يرضي جنرالات الجيش.
كل المحطات في العالم تقف على قدم واحدة حين يريد (ابو عبيدة) بث بيان، وقلوبنا هي الأخرى تتسارع نبضاتها, لم يتعود هذا الشخص أن يخذل أحدا...وهو أيضا لم يدرس الإعلام في جامعات الغرب, ولم يتلق دورات إعلامية في مراكز تدريب المحطات الكبرى، هو أيضا لم يشارك في مؤتمرات إعلامية تتحدث عن الحيادية والصدق ودور السوشيال ميديا...خرج من مخيمات غزة والرمل في المخيم أظنه أهم من كلية الإعلام في جامعة (ليفربول)... الصفيح في مخيمات غزة أيضا, أصدق من تدوينات نجوم السوشيال ميديا... وانفعالات كبار المذيعين, تعلم الحق قبل أن يتعلم?قراءة البيانات.. وحفظ كتاب الله قبل أن يحفظ مواثيق الأمم المتحدة, واستعد للشهادة.. قبل استعداده لقراءة بيان كتب بالدم والصبر والعروبة.
هذا هو الفارق بيننا وبينهم... (أفيخاي) يبث من تحت (المكيف) ومن استديوهات فارهة، ويظهر عبر كاميرا باهظة الثمن, بالمقابل أبو عبيدة يبث تحت القصف، ومن خلف ستار من الرمل.. ولايحتاج لكاميرا هو صوته بحد ذاته, يكفي أن يلقي رعبا في قلوب الأعداء بحجم ما تلقي الصواريخ من الرعب.
أفيخاي وأبو عبيدة يمثلان إعلام المنتصر وإعلام المهزوم، يمثلان معاني الفضيلة بكل تجلياتها التي تختصر بصوت الإيمان في بيانات (ابو عبيدة), وكل أشكال الرذيلة والهزيمة التي تختصر في لغة (افيخاي) المكررة والمرتجفة..
حين تنتهي الحرب, وتنتصر الحياة على الاحتلال والظلم والعدوان... حتما سيعيد العالم نظرته إلى كليات الإعلام، سيكتشف أن الغرب كان يعلمنا الكذب بدلا من الشفافية, كان يضع أسس الانحياز الأعمى بدلا من الحقيقة...وحتما سيكون (ابو عبيدة) درسا في الإعلام لهم.. وسيتقاطر الألوف من الشباب العربي, كي يتعلموا صياغة الخبر.. وصياغة الموقف والضمير من (ابي عبيدة).... فهو بحد ذاته جامعة عريقة علمت الدنيا..كيف تنتصر الكلمة أيضا.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/18 الساعة 03:57