هل قرأتم البيان الأميركي ــ الأوروبي؟.. هؤلاء هم 'المجتمع الدولي'!

محمد خروب
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/11 الساعة 02:19

لا يحتاج المرء إلى كثير عناء لاكتشاف أن خمس دول غربية, هي التي تُشكّل ما يُوصف «المجتمع الدولي»، إن لم نقل أن أي قرار تتخذه فرنسا, ألمانيا, بريطانيا وإيطاليا، يُكتب بِـ"حِبرٍ» أميركي, وليس أمام قادة الدول الأربع سوى الانصياع والتوقيع. على النحو الذي شاهدناه عندما حذفت فرنسا نصاً لم يَرِد في الديباجة الأميركية، إذ زجت باريس بإيران في مُسوّدة البيان، فإذا بها تُجبَر على حذف الإشارة هذه، كونها لم ترِد في النص الأميركي.

ما علينا..
أصدرَ زعماء الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا بياناً مُشتركاً أول أمس الاثنين، أكدوا فيه دعمهم لإسرائيل في جهودها للدفاع عن نفسها، مُضيفين - سنظلُ مُتحدين في الأيام المقبلة, وسنواصل التنسيق لضمان قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها. وإذ حاولوا إضفاء نوع من «التوازن» على بيانهم, المُنحاز بلا تردد إلى دولة العدو الصهيوني وصرف نظر العالم, عن جرائم الحرب التي ترتكبها وحرب الإبادة التي تقوم بها ضد سكان قطاع غزَّة المُحاصر, خاصة بعد إعلان وزير دفاعها مجرم الحرب/غالنت, قطعَ المياه والكهرباء والماء ?السِلع كافة عن القطاع, واصفاً أن كيانه يُحارب «حيوانات بشرية»، فإنهم الزعماء الخمسة - أوردوا عبارة تكاد تفضح نفاقهم وتقاعسهم المزمن, عندما قالوا في بيانهم «نعترف بطموحات الشعب الفلسطيني المشروعة، وندعم إجراءات متساوية لتحقيق العدالة والحرية للإسرائيليين والفلسطينيين على السواء».. عبارة لا تقول شيئاً ولا تُؤشر إلى إستعداد لطرح مبادرات أو إجراءات ملموسة أو خريطة طريق بجدول زمني, لتنفيذ مصطلح «الإجراءات المتساوية». رغم أنهم وعلى الدوام يُساوون بين الضحية والجلاد. إذ إن كيان العدو ومستوطنيه يتمتعون بأفضلية لدى?هؤلاء ولا ينقصهم من «الحرية» أي شيء, حتى بمقياس الصهيونية العالمية التي لا تلحظ وجود «الشيء» المُسمّى الشعب الفلسطيني. على ما قالت ذات يوم الإرهابية المعروفة/غولدامائير, إلى أن جاء أحد أبرز تلامذتها الذي يعتمد نتنياهو على مقاعده في الكنيست للبقاء على رأس ائتلافه الفاشي, ونقصد رئيس حزب الصهيونية الدينية/وزير المالية سموترتش, الذي أعاد مقولة غولدامائير خلال زيارة له لفرنسا قائلاً: لا يوجد «شيء» اسمه الشعب الفلسطيني، فهو اختراع وَهميّ لم يتجاوز عمره 100 سنة». بعد فترة وجيزة من دعوته إلى «محو» بلدة حوارة الفلس?ينية, واصفاً اياها بـ«مركز للعنف والتحريض».
هنا لم تعد ثمّة أهمية أو حاجة لتكرار ما دأب الرئيس الأميركي بايدن ووزير خارجيته/بلينكن, على تكراره بأن «حل الدولتين» غير قابل للتطبيق في المديّين القريب والمتوسط، وما على الفلسطينيين سوى الانتظار»، فيما يتواصل الاستيطان والضم والاجتياحات وسفك دماء الشعب الفلسطيني والتنكيل به».
بل تحضر هنا التصريحات العنصرية التي أدلى بها رئيس الوزراء البريطاني/ ريشي سوناك الذي قال في مكالمة هاتفية مع الفاشي نتنياهو: إن المملكة المتحدة ستُقدم لإسرائيل اي دعم تحتاجه، مُخبراً إياه بتفاخر أن العمل الدبلوماسي الذي تقوم به بلاده يسعى لضمان «أن يتحدّث العالم بصوت واحد في معارضة الهجمات المروعة»، مؤكداً لنتنياهو «التزامه تجاه الجالية اليهودية داخل المملكة». بل ذهب بعيداً في عنصريته وانحيازه عندما «رفضَ المساواة بين الفلسطينيين والإسرائيليين» عند «تقيبيم تصرفاتهما»، مُعتبراً أن التطورات الأخيرة في إسرائي? لها «بُعدٌ واحد» فقط، مُضيفاً أن الحديث «لا» يدور عن المُساواة بين الطرفين عند تقييم تصرفات الفلسطينيين والإسرائيليين, لافِتاً في خطاب ألقاه في مراسم تأبين في أحد المعابد اليهودية في لندن: «لا يُوجد هناك بُعدان في هذه الأحداث، ولا يدور الحديث عن توازن ومساواة ما».. وأنا - قال بحماسة - إلى جانب إسرائيل, مُشيراً إلى أن أعضاء حركة حماس هم «الإرهابيون وليسوا مُقاتلين من أجل الإستقلال».
نحن أمام مَنْ يُشكّلون وحدهم «المجتمع الدولي», الذي لا يكف العرب دولاً ومنظمات وهيئات وتنظيمات ومجالس برلمانية ونقابية وإعلامية, مناشدته التحرّك والقيام «بمسؤولياته»، فيما هم/العرب لا يقومون بمسؤولياتهم ويتقاعسون عن التحّرك، بعد أن أُغلق هؤلاء في واشنطن، لندن، باريس، برلين وروما, آذانهم وأعلنوا بوضوح وفظاظة انهم الى جانب إسرائيل غاضّين الطرف عن ارتكاباتها وجرائمها.
اللافت كذلك أن ثمّة في منطقتنا مَن ساوى أيضاً بين الضحية والجلاد, بعد أن بدا في وقت سابق أنه مُنحاز للعدالة والإنصاف, على النحو الذي جاء في تصريح الرئيس التركي أردوغان عندما حضّ الطرفيْن على إحترام «أخلاق الحرب»، طالباً من إسرائيل وقف قصفها للأراضي الفلسطينية, ومن الفلسطينيين.. (الكفّ عن «مُضايقة» المستوطنات الإسرائيلية).
** إستدراك:
هل تذكرون «الثنائي» رشيدة طليب وإلهان عمر, والهالة الإعلامية التي خصتهما بها الدوائر السياسية والحزبية العربية نظراً لمواقفهما في الكونغرس الأميركي تأييداً لعدالة القضية الفلسطينية؟.
كل ذلك بات من الماضي. إذ خرجت علينا الأخيرة مُغرّدة: إنني «أُدين الأعمال المُروعة التي نشهدها اليوم في إسرائيل, ضد الأطفال والنساء والمسنين والأشخاص العُزل, الذين يتم ذبحهم واحتجازهم كرهائن على يد حماس».
أما رشيدة طليب فأمسكت العصا من منتصفها قائلة: «أشعرُ بالحزن على أرواح الفلسطينيين والإسرائيليين, التي فُقدت (السبت والأحد)، وكل يوم».

مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/11 الساعة 02:19