جاوز الظالمون المدى

لا يُقيمون وزناً لمقدساتٍ أو مشاعر أو اتفاقيات أو عهود, ولا يعترفون إلا بتفوّق العنصر اليهودي, أما مَن يقول غير ذلك فهو «مُعاد للسامية», حداً وصل الأمر بأحفاد المستعمرين القدامى في فرنسا وألمانيا وبريطانيا ومعظم دول الإتحاد الأوروبي «المُتنوّر والديموقراطي» الى اعتبار أي انتقاد لدولة الإحتلال العنصرية أو الحركة الصهيونية, مثابة معاداة اللسامية. يستوجب العقاب إما بالغرامة أو السجن أو الجمع بين العقوبتين.

ليس تفصيلاً او مفاجئاً أنه بعد عملية «طوفان الأقصى» أن يقوم الفاشي العنصري/نتنياهو بإعلان الحرب تحت إسم «السيوف الحديدية», لارتكاب إبادة جماعية أو قصف مُتواصل لقطاع غزة, المُحاصر والمجوّع والمُفقّر والمُعطّش, وهو القطاع الذي وصفه المؤرخ الشجاع والمحترم إيلان بابيه, بأنه «أكبر سجن في العالم». فتاريخ دولة الإرهاب الصهيونية معروف ومُوثق ليس بدءاً من مذابح دير ياسين والطنطورة والدوايمة ولاحقاً كفر قاسم, وخصوصاً «هبّة أكتوبر عام 2000, التي قام بها فلسطينيو الداخل عند إندلاع الانتفاضة الثانية الموصوفة «انتفاضة الأقصى», إذ سقط فيها برصاص الصهاينة 13 شهيداً, ناهيك عما قارفته قوات العدو في هبة الأقصى في أيار 2021, بل خصوصاً في ما يواصله العدو من استيطان ومصادرة للأراضي واستباحة للمسجد الأقصى ومنع المصلين من التعبّد, فضلا عن مضايقة ومنع المسيحيين من دخول الكنائس وبالذات كنيسة القيامة في القدس المحتلة, وعدم لجم قطعان المستوطنين من التحرّش بالمسيحيين, بل و«البصق» عليهم, باعتبار هذه الإهانات جزءاً من عقيدتهم اليهودية كما صرحوا هم أنفسهم لوسائل الإعلام, والذي تجلّى في الأسبوعين الأخيرين, عند بدء الطقوس التلمودية لما يسمى «عيد العُرُش», حيث بات مخطط تقسيم المسجد الأقصى المبارك زمانياً ومكانياً, قيد التنفيذ الميداني برعاية ومباركة من حكومة الفاشيين والعنصريين الصهاينة, يقابلها على نحو مُتواطئ صمت أميركي وأوروبي, محمولاً على عبارات وبيانات مُستهَلكة, من قبيل الدعوة إلى ضبط النفس والتهدئة وغيرها التي تغرِف من القاموس المسمى «شراء الوقت», والرامي إلى منح المشروع الاستيطاني التهويدي فرصة التجسّد على الأرض, تمهيداً لوضع الفلسطينيين في معازل وكانتوتات محاصرة وتحت أعين تطبيقاً لخطة نتنياهو المعلنة, بأن «التطبيع مع الدول العربية, هو الطريق الوحيد والسريع لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي», فيما الجميع.. إسرائيلياً وأميركياً وأوروبياً وبعض العرب, يغضّ الطرف حدود التجاهل, بان «قانون القومية» الذي أقرّه الكنيست الصهيوني في تموز/2018, قد أصبح «قانون أساس», (أي في مرتبة الدستور, حيث ليس لدولة العدو أي دستور مكتوب, وبالطبع هو كيان بلا حدود مُعرّفة أيضاً, وعلى نحو مقصود بذاته من أجل ضم المزيد من الاراضي الفلسطينية والعربية إن استطاعوا, على قاعدة ان «حدود إسرائيل هي في المكان الذي يصل أليه بسطار الجندي الإسرائيلي»).

زد على ذلك أن دول الغرب المنافق, سارعت وتسارع إلى التنديد وشجب الهجمات «الإرهابية» القادمة من غزة ضد إسرائيل والمدنيين, على ما جاء في بيان الاتحاد الأوروبي،(الديموقراطي الذي يصدع رؤوسنا صباح مساء عن حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي), وإعلان التضامن مع إسرائيل وحقّها المشروع في الدفاع عن النفس, ما يعني شرعنة سلسلة المجازر التي يستعد نتنياهو وآلته العسكرية المهولة ومعظمها أميركية بالطبع, ارتكابها ضد «مدنيّي وقطاع غزة, عندما توعد بأن دولته في حال حرب, وسنرد بقوة «لم يعرفها أعداء إسرائيل من قبل».

صفعة مدوية لقادة الكيان الغاصب وحكومته الفاشية وجيشها الدموي. الذين أسكرتهم لغة القوة وذهب بهم فيض الغرور, ولم يستخلصوا عِبر ودروس التاريخ.. قديمه والحديث. وما قالته زعيمة حزب العمل الصهيوني ميراف ميخائيلي عن عملية «طوفان الأقصى» يلخص المشهد في الدولة العنصرية, إذ وصفته بأنه... «يوم كيبور نتياهو.. فشل ومُخزٍ». في تذكير بحرب 6 اكتوبر 1973 التي تصفها دولة العدو, بحرب «يوم الغفران» (كيبور بالعبرية).

في السطر الاخير.. هل يتفكّك الائتلاف الفاشي الذي يرأسه نتنياهو, وتذهب دولة العدو الى انتخابات «سادسة», كما حدث بعد سقوط حكومة غولدا مائير عام 1973؟. وهل يمكن ان تُشكل لجنة تحقيق «رسمية», على غرار ما حدث بعد حرب أكتوبر عندما تشكّلت لجنة «أغرانات»؟.

أسئلة برسم التطورات المُتلاحقة.. مفتوحة الاحتمالات والنتائج.