الفُرص الضائعة

محمود الدباس
مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/04 الساعة 21:12

حدثني صديقي ان احد اقربائه قصد خاله الذي هو وجيه في رَبعِه.. ليذهب الى قرية مجاورة ليطلب يد ابنة احد سكانها له.. فما كان منه الا ان ركب حصانه وقصد تلك القرية.. وحين استدل على بيت العروس.. وربط حصانه عند الباب.. رحب به صاحب البيت ترحيبا كبيرا.. وبعد ان دخل وأخذ واجب الضيافة.. قال لصاحب البيت انا جيتك طالب عروس.. فدبت الزغاريد في البيت.. واردف قائلا بدي اطلب يد ابنتكم لقريبي فلان.. فرد عليه والد الفتاة بان طلبك ان شاء نلبيه.. ومثلكم لا نرده.. فانت رجل مشهود له.. ويُشَرِّف اي بيت ينزل فيه.. وذهب راعي البيت الى ابنته وزوجته ليسألهما عن رأيهما.. فردت البنت بكل جرأة.. إن كان الطلب له فنعم.. ولغيره فلا..

وحين عاد الرجل واخبر ذلك الوجيه بالرد.. رد عليه قائلا (اللي بيشترينا ما بنبيعه).. ووافق على ان يتزوجها.. وكتب كتابه على الفتاة.. وضاعت على ذلك الشاب.. وهنا نقول بان الزواج قسمة ونصيب..
وحدثني صديق آخر.. انه ذهب الى احدى المنشآت ليتواسط في توظيف ابن اخيه.. ولكن المدير الذي يعرف صديقي اعتذر.. وقال لا نحتاج الى هذا التخصص.. ونحتاج الى خبراتك انت.. فما كان منه الا ان وقع عقدا معه..
كم سمعنا من الآباء والاقارب عن عرض قطعة ارض عليه بسعر مغري "طَري".. ولكنه تردد او حتى رفض.. وبعد فترة سمع بانها بيعت وارتفع سعرها اضعافا كثيرة؟!..
وكم سمعنا عن شاب نصب شباكه المشروعة لينال الزواج من فتاة.. وحتى انه عاش معها قصة حب اقوى من قصة روميو وجولييت.. وكانت كل اسباب نجاح ذلك الارتباط متوفرة.. الا ان حدثا بسيطا الغى كل شيء..
كل هذه القصص والاحداث الاجتماعية او الاقتصادية وغيرها.. حدثت وتحدث وستحدث مع الجميع.. وحين تسأل صاحبها يقول.. والله اني ضيعت الفرصة من شان شيء بسيط..
ولا يعلم احدنا ان لا شيء اسمه فرصة ضائعة.. وانما ذلك الامر ليس لنا.. وليس من نصيبنا.. ولو كان لك فيه نصيب.. فكن على قناعة انه لن يفوتك.. ولن يذهب عنك لغيرك..
ولو اننا آمنا حق الايمان.. ان ما هو لنا سوف يكون لنا.. وما هو لغيرنا فلن نأخذه.. وان الانسان لن يفارق هذه الحياة الا وقد استوفى رزقه كاملا.. والرزق هو في المال والاولاد والزوجات والاكل والشرب وحتى النَفًس الذي يتنفسه.. فلن يتبادر الى ذهنه انه قد اضاع شيء..
وللاسف لا يذكر أحدنا كم من فرصة عمل في شركات عرضت عليه.. ولم ينتقل لها.. واقفلت الشركة بعد ذلك او انهارت..
او انه حاول الارتباط بفتاة.. ولم يتم الزواج.. واكتشف بعد ذلك ان تلك الفتاة لا تليق به.. او انها على غير ما كان يرى ويظن (والعكس صحيح ايضا)..
او فشل في شراء بيت.. واكتشف بعد ذلك ان ذلك البيت فيه عيوب كثيرة.. بعد ان كان ظانا انه الافضل والانسب.. والامثلة كثيرة..
في الختام اقول.. ان علينا السعي بكل شرف وجد ومثابرة لنيل ما نريد.. ويجب علينا ان نعمل ونحاول بالطرق التي تتماهى مع قيمنا واخلاقنا.. ومن ثم لا نتواكل.. بل نتوكل على رب هو الرزاق والعارف بما نحن نسعى اليه.. والعارف بما هو خير لنا.. فلا نترك ما نعلم ونستطيع من الاسباب لتحقيق مرادنا.. واما النتائج فهي متروكة لرب رزاق عليم.. وكما قيل في الامور التي لا نعلم شرها (لو اطلعتم على الغيب.. لاخترتم الواقع )..

مدار الساعة ـ نشر في 2023/10/04 الساعة 21:12