ميلاد أعظم شخصية في التاريخ

النائب أحمد محمد الخلايلة
مدار الساعة ـ نشر في 2023/09/26 الساعة 01:03

ولد سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين في يوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل، حيث أضاء بحسنه مكة المكرمة التي ولد فيها فكان بشرى لأمه آمنة بنت وهب، وخير خلف لأبيه الهاشمي المتوفى عبدالله بن عبد المطلب، ومصدر فخر وأنفة وسرور لجده عبد المطلب الذي تبناه بعد وفاة أمه، ثم ولى أمره بعد ذلك لعمه علي بن ابي طالب–رضي الله عنه -

في يوم مولد النبي العظيم يقدم المسلمون له صلواتهم وحبهم ودعاءهم بأن ينالوا شفاعته يوم القيامة، وأن ينالوا شرف رؤية وجهه الكريم، فالنبي العظيم يرتوي من يرى وجهه بالخير والإيمان والطمأنينة، ويشعر القلب بالخير يملأ جنباته لمجرد أن يتذكره، لهذا فإن اتباع سيرته وسنته هي أعظم ما يمكن أن يقدمه المسلمون في يوم ميلاده العظيم الملهم لهم جميعا.

في هذا اليوم يستحسن الذكر والأكثار من الصلاة على الشفيع لنيل شفاعته يوم القيامة، كما يجب أن تستغل هذه الذكرى بكل ما هو مفيد من عمل الخير على اختلافه، فتقدم الصدقات وتستذكر الأحاديث النبوية الشريفة والسنن.

ميلادك يا نبي الأمة ليس يوما عادياً أو حدثاً عابراً ولن يكون كذلك أبداً، إذ تكمن أهميته بأنه يوماً لميلاد أمة وهي ميلاد أمة الإسلام والتي فضلها الله تعالى على كل الشعوب والأمم، وجعل شعارها التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وياله من نور وشرف عظيم ينتمي فيه المسلم إلى أعظم نبي.

في يوم ميلاده–عليه الصلاة والسلام–نستذكر بعضاً من سيرته العطرة وأخلاقه الحميدة الحسنة، فهو قدوتنا في الصدق والأمانة والإحسان والصبر والشجاعة والرحمة، فصبر على أذى قريش، وأحسن إلى جاره اليهودي الذي كان يؤذيه، ونستذكر عطفه ورحمته بالأطفال والمسلمين، وغيرهما من المواقف والتي تدل على أنه خير الناس لحمل رسالة سماوية عظيمة.

ولادة نبي الأمة كانت مليئة بالعبر والدروس الكثيرة، ويكفي أن الله جل جلاله جعل هلاك من أرادوا هدم الكعبة المشرفة في العام الذي ولد فيه النبي العظيم، حيث أمطرهم بحجارة من سجيل، وفي يوم مولده أشرقت الأرض بنور ربها، وفاض النور في جميع أنحاء مكة المكرمة وما حولها، وذلك ابتهاجاً بقدومه الميمون، فقد كان يوماً عظيماً يشهد له كل من حضر وهذا دليل صادق وبرهان ساطع على أنه ميلاد خير البشر اجمعين.

لقد ضرب رسول الله عليه الصلاة والسلام أروع الأمثلة في الصدق والأمانة، فقد لقبته قريش بالصادق الأمين قبل البعثة، وقد كان أهل مكة المكرمة يأتمنونه على أسرارهم وحوائجهم وأموالهم، ولما بعثه الله عزّ وجل وأمره بتبليغ الرسالة صعد عليه الصلاة والسلام على جبل الصفا ونادى في قريش قائلاً: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادى تريد أن تعبر عليكم، اكنتم مصدقي؟ فقالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا.

بل إن ألد أعدائه شهدوا له بالصدق والأمانة، كما قام النضر بن الحارث خطيباً في زعماء قريش، وعلى الرغم من عداوة أبي سفيان الشديدة له في بداية الدعوة، إلا أنه لم يخف هذه الصفة، حيث سأله هرقل، أنه لم يكن يكذب على الناس ثم يذهب يكذب على الله جل في عليائه، وقد وصف الله عزّ وجل نبيه محمد عليه الصلاه والسلام بالصدق حيث قال في محكم تنزيل كتابه العزيز (والذي جاء وصدق به أولئك هم المتقون).

وقد بين أهل العلم أن الذي جاء بالصدق هو محمد صلى الله عليه وسلم، والصدق هنا هو القرآن الكريم، ومن الجدير بالذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث الأمة من بعده على التحلي بخلق الصدق والاستقامة، فقد روي عنه أنه قال (عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وأن البر يهدي إلى الجنة.

ومن أهم الصفات والسجابا التي عرف بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم الأمانة، فقد كان يلقب في قومه قبل البعثة بالأمين، وكان سبب زواجه بخديجة بنت خويلد -رضي الله عنها–ما بلغها عن صفاته الخلقية العظيمة في كل مرحلة من مراحل حياة النبي صلى الله عليه وسلم حتى في أصعب الظروف واحلك الأوقات، فعندما قرر عليه الصلاة والسلام الخروج من مكة المكرمة متخفياً في الليل مهاجراً إلى المدينة المنورة، قد أمر علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- بالبقاء خلفه في مكة ليرد الأمانات والودائع التي كانت قريش قد وضعتها عنده على الرغم من عداوتهم له.

وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم الناس، وكتب السيرة والتاريخ مليئة بالمواقف التي تبين رحمة النبي صلى الله عليه وسلم وعطفه على المسلمين، وقد شهد الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم بصفة الرحمة حيث قال جل جلاله (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ماعنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) وقد فاقت رحمة رسول الله عليه الصلاة والسلام كل أمر، حتى وصفه الله تعالى بأنه أولى من المؤمنين بأنفسهم، فرسول الله عليه الصلاة والسلام رحمة مهداة للعالمين، ورحمته فاقت التصورات حتى وصلت الحجر والشجر وجميع الكائنات.

كذلك ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في العدل، حيث أقام شرع تعالى على القريب والبعيد على حد السواء، وفي موقف يذكره التاريخ حينما سرقت المرأة المخزومية، وحاول الصحابي أسامة بن زيد -رضي الله عنه- أن يشفع عند رسول الله عليه الصلاة والسلام تغير وجه النبي الكريم وقال: (والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد قد سرقت لقطعت يدها).

وهناك الكثير والعديد من المواقف التي تدل على أن العدل والحلم والتواضع والكرم والحياء والزهد والصبر من صفات وخصال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصيلة، بالإضافة إلى عدله عليه الصلاة والسلام بين زوجاته، وقد كان النبي العظيم أعدل الناس وكان يحكم في كل واقعة بشرع الله سبحانه وتعالى.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/09/26 الساعة 01:03