نديم يكتب: الأحزاب المتشابهة؛ وخيار الاندماج والإئتلاف

نورالدين نديم
مدار الساعة ـ نشر في 2023/09/24 الساعة 16:55
تبقى الديمقراطية وجهاً بلا ملامح ما لم تزيّنها الأحزاب، وتُحرّك عجلة تقدّمها الحريّات.
شهدنا مؤخراً حراكاً حزبيّاً، كان المحفّز له قانوني الأحزاب والانتخاب الجديدين، المنبثقين عن الرؤى الملكية، ومخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
أحزاب تشكّلت وأخرى اندمجت، والبعض لا زال يبحث عن مخرج يقونن فيه نفسه.
ولا شك أن تنوّع الأحزاب في منهجها، وأهدافها، ورؤاها الفكريّة وبرامجها السياسية، يثري الحياة الحزبية والسياسية، ويعبّر عن توجهات الشارع الأردني على اختلاف أطيافه.
فالتفاصيل في الطرح والتوجه، مهمّة جداً، في التعبير عن احتياجات المواطنين، ورغبتهم في تحقيق حياة فضلى.
لكننّا أمام حالة من التشابه، يصل حدّ التكرار في الأفكار والرؤى ويفتقر إلى البرامج، والخطط التنفيذية، مما يشكل حالة من التزاحم غير المبرر أو المفيد للحياة السياسية بشكل عام.
مما يثير تساؤلاً : إن كان الهمّ الوطنيّ واحداً، والإرث الفكريّ واحداً، والرؤية الإصلاحيّة واحدة، فلم لا نتجه للاندماج، لتعزيز التنوّع المثمر على حساب العدد المشتّت والمُشغِل؟
ولعلّ البعض تنبّه لما ذكرناه من الحاجة للاندماج حال تشابه الأفكار والرؤى، فسارع للتكامل والتآلف مع شبيهه من الأحزاب، نذكر منهم على سبيل المثال:
حزبي (الحياة والمستقبل)، و (زمزم مع الوسط الاسلامي)، و ( الراية والشهامة) و (الوفاء الوطني والعون الوطني)..
كما أنّ البعض لجأ للإتلاف لتعزيز تواجده في الشارع، وتحصين برامجه وثقله السياسي، واستباق التجهيز لمرحلة الانتخابات القادمة، كما فعلت أحزاب (الأرض المباركة، والشعلة، والشورى، والغد، والقدوة، والوحدويون الديمقراطي، والوطني الدستوري.) والتي إئتلفت ضمن التجمع الوطني للإصلاح.
جميل أن ننتقل في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الأردن السياسي، من مرحلة انقسام الأحزاب وتفكّكها، إلى مرحلة إندماجها وتآلفها، فالإنقسام لطالما أثّر سلباً على المشهد السياسي، بإثارته حالةً من التضارب في المصالح، والمناكفة المُشْغلة عن الهم الوطني.
كما أن الاندماج والتحالفات الحزبية تسهل وتساعد في الوصول الى مرحلة الحكومات البرلمانية التي نعقد عليها الأمل في تطوير التشريعات، والتوسع في مجال الحريّات، وإطلاق يد الإبداع، وتحريك عجلة النمو والنهضة والبناء.
وطالما أننا جميعاً نزعم إتفاقنا على الثوابت الوطنية، والتزامنا باتجاه الصالح العام كبوصلة تهدي سبيلنا، وأننا نتجرد من أهوائنا ومصالحنا الشخصية، فلمَ نصرّ بعد ذلك على التحوصل في إطارات حزبية متشابهة، ونتزاحم على تنفيذ نفس البرامج بنفس الرؤى والأهداف!.
أرى أن الاختلاف في التوجهات الفكرية، وزوايا النظر لحلول الأزمات والمخارج منها، حاجةً وطنيّةً، ومطلباً جمعيّاً، يجب تسهيله وتيسيره، وعدم التضييق عليه، فلا نريد أحزاباً وجوهاً متعددة لعملةٍ واحدة.
مررنا بتجربة حزبية في مئوية الأردن الأولى، يجب أن نتعلم من أخطائها، ونكمل على إيجابيّاتها، بما يتناسق والتغيرات المستجدة في جميع نواحي الحياة، فالقرن غير ذات القرن، والمناخ السياسي، والأبعاد الاقليمية غير ذان الأبعاد.
كيف نحافظ على التقدم ونوازن بين المصالح ونجتاز الأزمات ولا نخضع للضغوطات؟
هذا مالا يحدث إن لم نعي ونفهم متطلبات المرحلة، وعلى رأسها، التوافق والانسجام الوطني.
المرحلة لا تحتمل تكرار أخطاء الماضي، والعودة لدوّامة حل الأحزاب وفرض الأحكام العرفيّة من جديد، ولا تحتمل إدراك الأخطاء بعد وقوعها، بل تحتاج لزاماً، دراسة الخطوات قبل السير بها.
قال أحدهم : أبي بجبرها إذا انكسرت.
فقال الآخر : أبي لا يحتاج أن يجبرها لأنه يمنعها من الكسر.
مدار الساعة ـ نشر في 2023/09/24 الساعة 16:55