ذو القرنين الذي حكم الأرض
فرد عليه ذو القرنين سأنتصر عليك ولو كان جنودك بعدد حبات السمسم التي ارسلتها لي او اكثر وذهب ذو القرنين بأنصاره إلى بلد الملك الظالم، فألقى الله الرعب في قلوب سكان بلدة الملك الظالم، فذهبوا إلى ملكهم وطلبوا منه أن يتصالح مع ذي القرنين، فغضب الملك من هذا الكلام، وخرج بجيشه لملاقاة ذي القرنين الذي تمكن من هزيمته وقتله، وأصبح هو الحاكم على البلد المجاورة فنشر فيها العدل والاستقرار والأمن والأمان وأدخل السرور والفرح على قلوب أهلها. وبعد هذا النصر عزم ذو القرنين على إعلاء كلمة الحق في كل مكان من الأرض، وقد مكن الله له في الأرض، وأعطاه الإمكانات الهائلة فسار إلى مغرب الشمس حتى وجد نفسه في سهول فسيحة ليس لها نهاية ذات أرض طينية سوداء، فرأى منظر غروب الشمس، حتى خيل له أنها تغوص في تلك الأرض الطينية، فوجد عند هذا المكان قومًا كافرين فانتصر عليهم، ولكنه بدلا من قتلهم أو أسرهم نصحهم وأصلح شأنهم وبنى في تلك البلاد المساجد وآمن أهل هذه البلاد (حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِي عَيۡنٍ حَمِئَةٖ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوۡمٗاۖ قُلۡنَا يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمۡ حُسۡنٗا، قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوۡفَ نُعَذِّبُهُۥ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَىٰ رَبِّهِۦ فَيُعَذِّبُهُۥ عَذَابٗا نُّكۡرٗا، وَأَمَّا مَنۡ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَٰلِحٗا فَلَهُۥ جَزَآءً ٱلۡحُسۡنَىٰۖ وَسَنَقُولُ لَهُۥ مِنۡ أَمۡرِنَا يُسۡرٗا (الكهف: 86-88)). واتجه ذو القرنين إلى مشرق الشمس وكان كلما مر على قوم دعاهم للإيمان بالله فإن آمنوا أكرمهم وإن كفروا عذبهم بشدة، وسار ذو القرنين حتى وصل إلى بلاد نهايتها المحيط (ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا، حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ مَطۡلِعَ ٱلشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَطۡلُعُ عَلَىٰ قَوۡمٖ لَّمۡ نَجۡعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتۡرٗا، كَذَٰلِكَۖ وَقَدۡ أَحَطۡنَا بِمَا لَدَيۡهِ خُبۡرٗا، ثُمَّ أَتۡبَعَ سَبَبًا (الكهف: 90-92)). فأصبح يمشي في سهول الصين فوجد فيها أودية خصبة ومناطق واسعة وهضاب وعرة وظل يمشي حتى وصل إلى فتحة واسعة وعريضة بين جبلين عاليين ووجد واراء الجبلين أمة صالحة يعبدون الله، ولكنهم لا يعرفون لغة أي من البشر، لأنهم منعزلون خلف الجبل وسبب عزلهم خلف الجبل أنه من هذه الفتحة بين الجبلين كانت تأتي قبيلتان متوحشتان هما يأجوج ومأجوج وكانوا يأكلون كل شيء وكانوا يعتدون على الأمة الصالحة فطلبوا المساعدة من ذي القرنين بعد أن رأوا جيشه القوي وصلاحه. فذهبوا إلى ذي القرنين وأعلنوا إسلامهم وذكروا له خطورة يأجوج ومأجوج، وأنهم يتكاثرون بسرعة ويفسدون في الأرض، وعرضوا على ذي القرنين الأجر فرفض ذلك، وطلب منهم أن يعينوه على بناء السد، وأمر ذو القرنين القوم أن يجمعوا الحديد، وأمر المهندسين فقاسوا المسافة بين الجبلين وارتفاعهما، وأمر العمال فحفروا أساسًا في الأرض، ووضع قطعًا من الحديد بين الجبلين، وجعل بين كل طبقتين من الحديد طبقة من الفحم، ولا يزال يرفع الحديد العريض حتى سد بين الجبلين، وأشعلوا النار في الفحم حتى تحولت قطع الحديد إلى نار سائلة، وصب النحاس على الحديد المصهور فملاً الشقوق وتحول السد إلى سد عظيم عال لا يمكن النفاذ منه حتى من قبيلتي يأجوج ومأجوج. ولما رأى ذو القرنين ما صنعه حمد الله وشكره وقال: هذا رحمة من ربي (حَتَّىٰٓ إِذَا بَلَغَ بَيۡنَ ٱلسَّدَّيۡنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوۡمٗا لَّا يَكَادُونَ يَفۡقَهُونَ قَوۡلٗا، قَالُواْ يَٰذَا ٱلۡقَرۡنَيۡنِ إِنَّ يَأۡجُوجَ وَمَأۡجُوجَ مُفۡسِدُونَ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَهَلۡ نَجۡعَلُ لَكَ خَرۡجًا عَلَىٰٓ أَن تَجۡعَلَ بَيۡنَنَا وَبَيۡنَهُمۡ سَدّٗا، قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيۡرٞ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجۡعَلۡ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ رَدۡمًا، ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلۡحَدِيدِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا سَاوَىٰ بَيۡنَ ٱلصَّدَفَيۡنِ قَالَ ٱنفُخُواْۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارٗا قَالَ ءَاتُونِيٓ أُفۡرِغۡ عَلَيۡهِ قِطۡرٗا، فَمَا ٱسۡطَٰعُوٓاْ أَن يَظۡهَرُوهُ وَمَا ٱسۡتَطَٰعُواْ لَهُۥ نَقۡبٗا، قَالَ هَٰذَا رَحۡمَةٞ مِّن رَّبِّيۖ فَإِذَا جَآءَ وَعۡدُ رَبِّي جَعَلَهُۥ دَكَّآءَۖ وَكَانَ وَعۡدُ رَبِّي حَقّٗا، وَتَرَكۡنَا بَعۡضَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ يَمُوجُ فِي بَعۡضٖۖ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعۡنَٰهُمۡ جَمۡعٗا (الكهف: 93-99)).