في ذكرى 'أوسلو' الـ'30': قراءتان 'إسرائيليتان'.. متناقضتان؟

الجانب الصهيوني رغم كل الأحداث التي تلاحقت منذ ذلك التاريخ حتى الآن، ما يزال «يُناقش» في فوائد و«مضار» هذا الاتفاق، رغم أن حكومات العدو المتعاقبة وبخاصة بعد اغتيال اسحق رابين في 4/11/1995، أهالت التراب على الاتفاق ولم تعد تلتزم بنوده, اللهم إلاّ في بند التنسيق الأمني, خاصة بعدما أعاد شارون احتلال كامل الضفة الغربية بكل تصنيفاته التي وردت في «أوسلو» الموصوفة مناطق A,B,C.

تحضرهنا مقالتان نُشرتا أول أمس الأحد في صحيفتي يديعوت أحرونوت وهآرتس.. الأولى كتبها أحد أبرز المحللين الاقتصاديين والمحلل السياسي سيفر بلوتسكر, تحت عنوان «أوسلو كإنجاز».. يمكن تلخيصها في عبارة مكثفة وردت في المقالة تقول: سيناريو الآخرة مُنِع، وإسرائيل نجحتْ في الازدهار والحفاظ على طابعها كـ«دولة غربية».

يبدأ بلوتسكر مقالته بالتساؤل عن العبارة التي امتلأت بها رحاب الحوار السياسي في دولة العدو, بتحليلات نقدية تحت عنوان: لماذا فشلت اتفاقات أوسلو؟..ثم يناقشها بتساؤل إستنكاري - هل اتفاقات أوسلو فشلت فعلا؟.. ليأخذنا إلى احصائيات وتحليلات يُلخصها مُسبقا قبل أن يبدأ في تفصيلها قائلاً: ليس في اختبار النتيجة حتى من منظور اليمين الإسرائيلي, أن اتفاقات أوسلو فشِلت، وهاكم - يضيف توطئة لإيراد تفسيراته وتحليلها - جُملة معطيات على ما حصل في الثلاثين سنة المنصرمة..

1-عدد الدول التي اعترفت بإسرائيل ارتفع من 110 في 1993 إلى 166 اليوم.

2- عدد المُستوطنين في الضفة الغربية/يهودا والسامرة, ارتفع من 115 ألفاً إلى 485 ألف.. أي - يُواصل بلوتسكر - 2ر4 ضعفاً (عرفات – مُلاحظة للكاتب–لم يتلقَ تعهداً إسرائيلياً بوقف أو إبطاء وتيرة الإستيطان خلف الخط الأخضر.

3- مشكلة اللاجئين الفلسطينيين «اختفت» عملياً، بعد أن لم تُذكر في اتفاقات أوسلو. في الثلاثين سنة - يضيف بلوتسكر - التي انقضت دون حِراك بالحد الأدنى في الموضوع، رحلَ تقريباً كل جيل لاجئي 1948 والجيل الثاني وراءه يسير في أعقابه.. إدعاء «حق العودة» - يستطرِد الكاتب - أصبح شارة ميتة بكل معنى الكلمة.

4 ــ الحل المُسمّى «دولتين للشعبين» لا يظهر على الإطلاق في اتفاق أوسلو, وبقي مفتوحاً لمفاوضات مُستقبلية فشِلت المرة تلو الأخرى، بين هذا وذاك - يُواصل بلوتسكر - لم تُثبت السلطة الفلسطينية بعد مكانتها كدولة على الطريق.

ماذا يقول جدعون ليفي (الصحافي المحسوب على اليسار, والذي يركّز في معظم مقالاته الإحتلال وتنكيله بالشعب الفلسطيني).. في مقالته في هآرتس بعنوانها الطويل التالي: «إعتقدنا أن الاحتلال إنتهى.. نحن أخطأنا.. هذا شَرك أوسلو»؟ أما مضمون مقالته فيتلخّص على النحو التالي: إن تصميم رابين وبيرس على إبقاء المستوطنات وعدم المسّ بها في مفاوضات أوسلو، يدل على أنهما لم يكونا ينويان السماح باقامة الدولة الفلسطينية، الأمر الذي يجعلنا لا نغفر لهما ولا نشتاق إلى تلك الأيام، والتي كانت وبحق أفضل، ولكن لم يكن فيها أي سعي حقيقي نحو السلام أو العدالة.

ثم يمضي ليفي في «تذكُّر» ما راوده «وأمثاله» من توقّعات... «نحن اعتقدنا أن الاحتلال في الطريق إلى الانتهاء، بعد لحظة ستكون دولة فلسطينية واستجمام في نادي في بيت لاهيا؛ اعتقدنا ــ يُضيف ليفي ــ أن اسحق رابين وشمعون بيرس يريدان السلام؛ فقط حفنة من اليساريين المتطرفين والحامضين, اعتقدوا أنه محظور الذهاب الى هناك. هم كانوا على حق، في حين أننا نحن أخطأنا. مرة أخرى يجب طلب العفو من اليسار الراديكالي الذي رأى كل شيء قبل الجميع».

ثم ينقلنا الكاتب إلى محضر النقاش الذي جرى في حكومة رابين قبل ثلاثين سنة, والذي تم نشره الأسبوع الماضي, إذ يقول عنه جدعون ليفي أنه «يروي كل الحكاية». واصفا ما جرى في النقاش بأنه.. «التكدر ورؤية السواد والإزدراء والاشمئزاز شبه الجسدي, من الفلسطينيين وممن يقفون على رأسهم؛ الشعور بأن إسرائيل «تُعطي أكثر مما تأخذ»؛ عدم الرغبة في إقامة العدالة المتأخرة؛ عدم تحمل المسؤولية عن جرائم 1948 أو جرائم 1967؛ تجاهل القانون الدولي؛ الانشغال القسري بالأمن، بالطبع فقط بأمن الإسرائيليين؛ التعامل مع «إرهاب الفلسطينيين» فقط، وليس مع إرهاب إسرائيل؛ الخوف الخفي من المستوطنين وأعوانهم؛ لأنه حينها كان لا يزال هناك وحوش صغيرة أمام الوحش الضخم الذي هم عليه الآن: كل ذلك كان واضح في كل كلمة قالها الحاصلان على جائزة نوبل للسلام...رابين وبيرس. هذه ليست الطريقة التي يتم صنع السلام فيها. هذه هي الطريقة التي تم نصب المصيدة فيها لكسب المزيد من الوقت.

...للحديث صلة غداً.