العمرو يكتب: متى ينتهي ابتزاز البعض للمؤسسات الوطنية

نضال الثبيتات العمرو
مدار الساعة ـ نشر في 2023/09/04 الساعة 15:47

بدايةً وقبل قراءة المقال أُنوّه بأنه لا يجب أن يُفهم هذا المقال على أن جميع الإعلاميين والصحفيين يمارسون الابتزاز، فهناك العديد من الصحفيين الأخلاقيين الذين يعملون بجدية وشرف لتقديم المعلومات الصحيحة والموضوعية؛ ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين ونتعامل مع هذه المشكلة بجدية لضمان نزاهة ومصداقية وسائل الإعلام في بلدنا.

مفهوم الابتزاز الإعلامي وأثره على المؤسسات الوطنية
الابتزاز الإعلامي هو استخدام صحفيين واعلاميين قُوّتهم ونفوذهم لممارسة ضغوط على المؤسسات الوطنية بهدف تحقيق مكاسب شخصية أو تحقيق أجندات سياسية أو اقتصادية بنشر معلومات سلبية أو مغالطات عنها إذا لم تستجب لمطالبهم.
ولهذا الأمر آثار سلبية على المؤسسات الوطنية ومنها ضرر للسمعة؛ فعندما يتعرض اسم المؤسسة لهجوم إعلامي مستمر وترويج معلومات غير صحيحة أو مغلوطة، فإن ذلك يتسبب في تشويه سمعتها وصورتها في أعين الجمهور وتقليل الثقة فيها ، وتشكيك الجمهور في نزاهة وموثوقية تلك المؤسسات،
وقد يعتقد الناس أن هناك أجندة خفية وراء هذه الهجمات، مما يؤدي إلى تراجع الثقة في المؤسسات وتقليل تأثيرها وتقدمها، كما أن له تأثيرا على الأداء؛ فقد يؤدي الابتزاز الإعلامي إلى تشتيت انتباه المؤسسة والتركيز على التصدي للهجمات الإعلامية بدلاً من التركيز على أداء المهام الأساسية وتحقيق الأهداف المحددة، ناهيك عن الضرر الاقتصادي فقد يؤدي الابتزاز الإعلامي إلى تأثير سلبي على العلاقات التجارية والاستثمارات، حيث يمكن أن يثير شكوك المستثمرين والشركاء المحتملين وبالتالي يؤثر على نجاح المؤسسة.
بشكل عام، فان الابتزاز الإعلامي للمؤسسات الوطنية مشكلة خطيرة يجب التصدي لها، ويجب على المؤسسات أن تتخذ إجراءات لحماية سمعتها والرد على أي ادعاءات غير صحيحة بشكل فوري وفعال؛ كما يجب على الحكومة والجهات ذات العلاقة أن تضع سياسات وقوانين صارمة لمكافحة الابتزاز الإعلامي وحماية المؤسسات الوطنية من هذا النوع من الهجمات، واعتقد ان هذه الجزئية في القانون الجديد للجرائم الالكترونية الأردني تم معالجتها إلا أنها غير مفعلة حتى الآن، رغم تحفظي على بعض المواد والمصطلحات الفضفاضة التي تستوجب إعادة التجويد القانوني.
ومن أجل ايضاح هذه المشكلة، سأحاول عرض بعض حالات الابتزاز الإعلامي التي تحدث في بعض البلدان العربية، ولا تخلوا من بلادنا..
ففي ظل التطور التكنولوجي وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، يشهد العالم العربي حالات متكررة للاستغلال الإعلامي والابتزاز للمؤسسات الوطنية؛ حيث يستخدم بعض الإعلاميين والصحفيين وناشطي منصات التواصل الاجتماعي نفوذهم وقدرتهم على نشر المعلومات لتحقيق مكاسب شخصية أو لضغط على المؤسسات لتحقيق مصالح خاصة.
مثلاً في احدى الدول العربية قامت شبكة إعلامية معروفة بتهديد إحدى المؤسسات الوطنية هناك بنشر معلومات مضللة ومغلوطة عنها إذا لم تتعاون معهم في تحقيق أجندتهم الخاصة.
وفي دولة ثانية تعرضت شركة كبيرة في البلد لابتزاز من قبل صحفي يهدد بنشر معلومات سلبية عن الشركة إذا لم يتم تلبية مطالبه المادية.
وفي حالة أخرى، استغل سياسي نفوذه لابتزاز مؤسسة حكومية والضغط عليها لصالح أجندته الشخصية بالتعاون مع مجموعة من الإعلاميين ونشطاء التواصل الاجتماعي.
وفي دولة أخرى، يتم تشكيل تحالف ما بين منصة إذاعية وصحفي بالحديث عن أمور غير قانونية تم اكتشافها من قبل كوادر المؤسسة الوطنية وارسالها لجهات الاختصاص القانونية؛ وتم تسريب معلومات للصحفي والمنصة الاذاعية تبين انها غير دقيقة وبعيدة كل البعد عن مسؤولية المؤسسة، فما كان من الصحفي والمنصة الاذاعية الا شن هجمة ابتزاز اعلامي الغاية الوحيدة من ورائها عقد عمل وترخيص منشأة.
تظهر الأمثلة السابقة أن الابتزاز الإعلامي يشكل تحديًا كبيرًا في العالم العربي؛ بحيث يتوجب على المؤسسات الوطنية (الحكومية) أن تكون حذرة وتتعامل مع هذه الحالات بحزم للحفاظ على سمعتها ومصداقيتها، كما يجب على الجهات المعنية في تلك الدول تعزيز القوانين وتطبيقها بشكل صارم لمكافحة هذه الممارسات الضارة بأوطانهم.
ومن منطلق الحيادية والحديث حول القضية بإحترافية يستوجب هنا التطرق لأسباب الابتزاز الإعلامي للمؤسسات الوطنية، وتحليل العوامل التي تدفع بعض الإعلاميين والصحفيين لابتزاز المؤسسات الوطنية؛ فابتزاز المؤسسات الوطنية من قبل بعض الإعلاميين والصحفيين هو مشكلة تواجهها العديد من المؤسسات في مجال الإعلام، حيث يتمثل هذا الابتزاز في استغلال القوة والنفوذ الإعلامي لتحقيق مكاسب شخصية على حساب سمعة المؤسسة ومصداقيتها.
اذن فهناك عدة أسباب تدفع بعض الإعلاميين والصحفيين لممارسة هذا الابتزاز، من بينها على سبيل المثال..
الرغبة في الحصول على مصادر دخل إضافية؛ بحيث يمكن أن يكون لبعض الإعلاميين والصحفيين دوافع مادية لابتزاز المؤسسات الوطنية، حيث يستغلون موقعهم وتأثيرهم في الوسط الإعلامي للحصول على أموال أو هدايا من تلك المؤسسات.
وآخرين بدافع الانتقام أو التأثير السياسي، فقد يكون لبعض الإعلاميين والصحفيين دوافع سياسية أو شخصية لابتزاز المؤسسات الوطنية، حيث يستخدمون وسائل الإعلام لترويج أجنداتهم الشخصية أو للانتقام من المؤسسات التي لا تتبع مصالحهم.
وبعض نشطاء التواصل الاجتماعي يضغطون على المؤسسات للحصول على معلومات حصرية من المؤسسات الوطنية، حيث يهددون بنشر معلومات سلبية أو غير صحيحة إذا لم تتعاون المؤسسة معهم.
ومما سبق نجد أنفسنا امام تحديات مكافحة الابتزاز الإعلامي للمؤسسات الوطنية والاجراءات الواجب اتخاذها لمكافحة الابتزاز الإعلامي..
ومع تزايد وتيرة قضايا الابتزاز الإعلامي التي تستهدف المؤسسات الوطنية، من المهم أن تتخذ هذه المؤسسات إجراءات لمكافحة هذه التحديات؛ وأقدم هنا بعض الإجراءات التي يمكن اتخاذها:
التوعية والتدريب، فيجب على المؤسسات توفير التدريب والتوعية للموظفين حول كيفية التعامل مع حالات الابتزاز الإعلامي والحفاظ على سمعة المؤسسة.
التعاون مع وسائل الإعلام، يجب على المؤسسات التعاون مع وسائل الإعلام لنشر قصص نجاحها وإبراز إسهاماتها في المجتمع، وبذلك تقوم ببناء صورة إيجابية وتقليل فرص التعرض للابتزاز الإعلامي.
دور الحكومة والهيئات الرقابية في حماية المؤسسات الوطنية، تلعب الحكومة والهيئات الرقابية دورًا مهمًا في حماية المؤسسات الوطنية من الابتزاز الإعلامي من خلال تشريعات صارمة لحماية المؤسسات الوطنية من الابتزاز الإعلامي وتطبيقها بشكل صارم؛ كما يجب على الحكومة والهيئات الرقابية أن تقوم بالتحقيق في حالات الابتزاز الإعلامي وملاحقة المسؤولين عنها، وفرض عقوبات رادعة، ويجب عليهم أيضا تقديم الدعم والمساعدة للمؤسسات الوطنية التي تتعرض للابتزاز الإعلامي، سواءً عن طريق تقديم المشورة أو المساعدة في إعادة بناء سمعتها.
وفي الإطار نفسه؛ هناك دور يجب على المؤسسات الوطنية القيام به للتصدي للابتزاز الإعلامي؛ وذلك من خلال تبني استراتيجيات للتعامل مع الابتزاز الإعلامي مبنية على المعرفة والتفهم العميق لكيفية عمل وسائل الإعلام وأساليبها في التلاعب بالرأي العام، وتشمل هذه الاستراتيجيات تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع وسائل الإعلام، وتطوير علاقات قوية مع الصحفيين والإعلاميين، وإقامة حملات إعلامية فاعلة لتوضيح حقائق المؤسسة.
كذلك تعزيز الشفافية والاستجابة الفعالة للادعاءات الكاذبة بحيث يجب أن تكون المؤسسات مفتوحة وصريحة فيما يتعلق بأنشطتها وقراراتها، وأن تتعامل بشكل سريع وفعال مع أي ادعاءات كاذبة تستهدفها؛ وذلك بإصدار بيانات صحفية، وإجراء تحقيقات داخلية، والتواصل المباشر مع الجمهور لتوضيح الحقائق طالما أن القضايا مدار الاشاعة لم تصل للجهات المعنية القانونية والقضائية.
وفي الختام ... قلّة هم من يخرجون عن صراط النهج المهني الإعلامي والصحفي في بلادنا؛ والاغلبية العظمى اهل علم وفكر ونهج احترافي في مهنة المتاعب و / او موهبة الاعلام ويحترفون السُّبل في طرح القضايا والمشاكل في المؤسسات الوطنية خاصة إذا لم تكن مكشوفة من قبل المؤسسات ذاتها وتم احالتها الى جهات الاختصاص؛ فانا لا اعمم الجُرم ولكن أنبه من طفرة ازدياده في الآونة الأخيرة وأتمنى الانتهاء منه ونبذه في مجتمعنا.

مدار الساعة ـ نشر في 2023/09/04 الساعة 15:47