طريبيل يعود إلى دوره التاريخي
نتمنى ان يكون خبر بدء عمل بوابة طريبيل الممر الرسمي العراقي، في وقت قريب، أكثر من امل قريب التحقق.. ذلك ان لهذا المعبر تاريخا مجيدا في العلاقات الاردنية – العراقية.. ايام الحرب، وايام الحصار، ونحن نتحدث هنا عن عشرين عاما، فقد شهدت هذه البوابة التي شكلت مع ميناء العقبة شريانا حيويا للعراق كما للاردن لعب دورا اخطر من دور طريق هوتشي منه بين فيتنام الشمالية، وثوار الفيتكونغ عبر حدودهما المشتركة، وبين قلب لاوس. كنا نتحدث عن: دورة الحياة في جسد امتنا الممزق وحاولنا هنا في الاردن ان نفتح منافذ لهذه الدورة، تارة مع سوريا ولم ننجح، وتارة مع العراق وقد نجحنا، مع ان كل شيء كان يأخذ شكل: سرعة وضع كل شيء على النار.. لان الحرب لا تنتظر، ولان الحصار كان لئيما الى حد غير معقول. لقد حاولنا مع الشقيقة سوريا فأنشأنا بنكاً لتجاوز مشاكل النقد السوري. وأقمنا صناعة الاسمنت الابيض فصدر أعجب قرار بمنع استيراد منتج المصنع, واقمنا شركة نقل بري مشترك ففشلت لأن اجرة الشاحنة من اللاذقية الى عمان كانت 700 ليرة سورية, واجرة الشاحنة من العقبة الى عمان 700 دينار. وكان من المفترض أن يكون لنا اسطول نقل بحري مشترك مركزه اللاذقية.. لكن المشروع لم ير النور. مع العراق كان الوضع مختلفاً: كان يجب وضع كل شيء على النار. لأن هناك جيشاً يحارب وصل تعداده الى المليون جندي, وهناك بطاقات اعاشة: خبز وزيت وطعام الملايين في زمن الحصار. وكان الاردن هو ايضاً بحاجة يومية وماسة الى النفط.. ولعلنا نتذكر حين قامت الطائرات الاميركية بقصف قافلة النفط القادمة من العراق. وكيف كان التكيف الشعبي والحكومي في اليوم الثاني: وقف نصف السيارات الخاصة ببرنامج الارقام المفردة والمزدوجة. .. وايام طريبيل كانت اقدم حين جاء الجيش العراقي، عبرها ليقاتل في فلسطين، وليترك المقدم عمر علي الكردي ذكرى تحرير جنين.. بمعركة عظيمة نشهد للرجل ولمتطوعي البلدة، ولجنود العراق بأغلى الذكريات. العراق كان دائماً البوابة الشرقية للوطن.. ونتمنى نحن، في كل الهلال الخصيب، ان يعود العراق الى حجمه الطبيعي. وان يكسر اغلاله، ويعيد لحمته الوطنية كما ارادها فيصل بن الحسين باني العراق الحديث.
الرأي