الاستخبارات الجيومكانية والجيوفضائية ودورها في انقاذ حياة وممتلكات المواطنين (صور)

مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/09 الساعة 16:08

مدار الساعة -الدكتور خليل المناصير

الحلول الذكية لتمكين المملكة الأردنية الهاشمية من الترويج لدولة معاصرة تهتم بسلامة جميع المواطنين فيها - المقيمين والزوار والمالكين التجاريين والمستثمرين والعائلات وغيرهم.

بناءً على رؤية صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه للنهوض بالأردن كبلد معاصر يهتم بأمان جميع عناصر المجتمع الأردني بما في ذلك المقيمين والزوار وأصحاب الأعمال والمستثمرين والآباء والعائلات وغيرهم وبعد انهيار مبنى سكني في منطقة جبل الجوفه في العاصمة الأردنية عمان وما حصل من إنهيارات وإنزلاقات أرضية على أجزاء من طريق عمان – جرش وغيرها من المناطق فقد اقترحت ، في مقال سابق ، نظام إنذار مبكر ذكي يمكنه إجراء مراقبة دورية منتظمة ولحظية لجميع المناطق التي تعاني من ظاهرة الانزلاقات الأرضية وانهيارات الأبنية وعناصر البنية التحتية من طرق وجسور وأنفاق وغيرها لتحديد مدى كفائتها وإظهار نقاط الضعف الهيكلية فيها. وقد استطاع نظام الإنذار المبكر المقترح إلى التنبؤ بوجود حركة في الأرض قبل ستة أشهر من الانهيار الأرضي الفعلي على الطريق السريع بين عمان وجرش والذي حدث في يناير 2017.


وبعد انهيار مبنى سكني في محافظة الزرقاء أصبح كتابة هذا المقال ضرورة ملحة للتأكيد على أهمية استخدام الحلول الاستخباراتية الجيومكانية والجيوفضائية لرصد المخاطر التي تهدد حياة الإنسان والممتلكات والتي تؤثر سلبا على المجتمع بجميع عناصره وإمكانية التنبؤ بها لغايات الإنذار المبكر للحد منها والتقليل من آثارها السلبية المختلفة على الوطن والموطن.

وبما أن مساهمة البنية التحتية في تنمية الأردن لم تقدم "حلول ذكية" معاصرة للتحديات الحرجة الحالية المتمثلة في الإنتقال إلى سلوكيات المدن المستدامة بسبب تردي الأداء الوظيفي وغياب المراقبة والمتابعة الفعالة فإنه أصبح في الآونة الأخيرة ، من الشائع أن نسمع عن حوادث إنهيار المباني في المدن الأردنية الرئيسية مثل عمان والزرقاء وكذلك الإنهيارات الأرضية على طول الطرق السريعة الرئيسية مثل طريق عمان- جرش .

ونتيجة لتزايد أعداد الإهتزازات الأرضية في منطقة الأخدود الأردني فإن ذلك يتسبب في ازدياد أعداد حوادث انهيار المباني والإنزلاقات الأرضية.

وعلى الرغم من الزيادة النسبية في عدد ألانهيارات إلا أن قضية انهيار المباني والإنزلاقات الأرضية لم تحظى بالاهتمام أللازم ولم تتلقي الرعاية التي تستحقها من الجهات المعنية في الأردن. وهذا الأمر يستوجب اهتمام من أعلى المستويات بسبب العواقب الواضحة والناجمة عنها وأثارها على التنمية الحضرية والاجتماعية و الاقتصادية. فقد فقدنا العديد من الأرواح والممتلكات نتيجة حوادث انهيار المباني في الأردن ، وهذه الخسائر قد أثرت سلباً على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين. وهنا اقترح للمرة الثانية حلاً مبتكراً للتنبؤ بالانهيارات بمختلف أنواعها وذلك عن طريق استخدام الحلول ألاستخباراتية الجيومكانية والجيوفضائية الذكية والتي ستساهم في التنمية المستدامة وبناء أردن معاصر يهتم بسلامة جميع عناصر ومكونات المجتمع.


ونتيجة للتطور السريع في علوم الاستشعار عن بعد فقد أصبح من الممكن تطوير أنظمة ذكية تستطيع من خلال استخدام بيانات المسح الراداري بواسطة الأقمار الصناعية إنتاج نماذج ارتفاع رقمية، وكذلك اكتشاف ورصد ظواهر تحرك الأرض والأبنية وجميع عناصر البنية التحتية بدقة عالية جدا وفي أوقات مختلفة. ويمكن استخدام هذه التقنية في الليل والنهار وفي جميع الظروف الجوية المختلفة.

وتوفر الحلول الاستخباراتية الجيومكانية والجيوفضائية المقترحة أداة مراقبة لكل مراحل المشاريع الهندسية المختلفة ابتداء من مرحلة التصميم إلى مراحل البناء والتشغيل التي يمكن أن توفر مداخل هامة في جميع مراحل أي مشروع بناء وذلك لقدرتها على تحديد المناطق غير المستقرة المتأثرة بالحركات الأرضية وإعادة بناء تحركها التسلسلي مع الزمن.

علاوة على ذلك فإن الحلول المقترحة من شأنها تقليل التكلفة مقارنة بالتقنيات التقليدية ولا تحتاج إلى استخدام أجهزة المسح والقياس الأرضية أو عمل أي مسوحات أرضية تقليدية لتحديد الأهداف الموجودة على سطح الأرض. وتتميز بقدرتها العالية على تحديد وقياس نقاط مختلفة وبكثافة عالية جدا مقارنة مع المسوحات الأرضية التقليدية (Total Station و GPS) بالأضافة الى قدرتها على إعادة بناء أنماط الحركة الأرضية السابقة، والتي يمكن أن تؤثر على الإنشاءات بجميع انواعها.

ويتيح توفر صور الأقمار الصناعية المؤرشفة تحديد المناطق غير المستقرة وإعادة بناء حركتها مع تسلسلها الزمني للمساعدة في تخطيط المواقع الجديدة للمشاريع المختلفة والطرق والسكك الحديدية والمفاعلات النووية وغيرها وذلك من خلال رسم الخرائط للتطور الزمني لحركة سطح الأرض وحركة الأبنية القائمة وجميع عناصر البنية التحتية المختلفة و حركة الأرض أثناء البناء، والتي من خلالها يستطيع المهندسين فهم العلاقة بين الأنشطة المختلفة والإزاحات المرصودة من قبل النظام المقترح الذي يوفر الآلاف من نقاط القياس على مساحات واسعة وبتكلفة قليلة جدا مقارنة بالحلول التقليدية التي لاتستطيع التنبؤ بأي خطر.

وتعمل الاقمار الصناعية الرادارية منذ عام 1992على تصوير الأرض. وهناك أرشيف كبير لبياناتها موجود في جميع أنحاء العالم ، وتحتوي على معلومات حول التحرك التاريخي لسطح الأرض. ويسمح تحليل البيانات الرادارية التاريخية بتحديد المناطق المتأثرة بالأنزلاقات وتوفر معلومات مفيدة لتقييم استقرار المنحدرات والأبنية وجميع عناصر البنية التحتية والمناطق المحيطة بها. علاوة على ذلك ، فإن التحليل التاريخي يساعد على إبراز مكان حدوث ظواهرعدم الاستقرار و تحديد الحركات التي قد تشير إلى ضعف هيكلي في المباني والمنشاءات المختلفة. وهذه المعلومات المستخرجة تساعد المهندسين على تحديد ما إذا كان ينبغي اتخاذ إجراءات علاجية فورية لضمان عدم حدوث كارثة.

 

 

 

 

تطبيق النظام المقترح: الانزلاق الأرضي على طريق عمان - جرش

في 24 يناير 2017 ، حدث انهيار أرضي ضخم على أجزاء من طريق عمان-جرش في الأردن مما أدى إلى إغلاق الطريق , اشارت في حينها الجهات المعنية إلى أن الانهيار نجم عن الأمطار الغزيرة في ذلك الوقت.

ولبيان مدى فاعلية النظام الإستخباراتي الجيومكاني والجيوفضائي في التنبؤ المبكر للأخطار فقد تم تحليل البيانات الرادارية لــ 77 صورة رادارية من الأرشيف تم شراؤها لتغطي منطقة الإنزلاق والمنطقة المحيطة بها و الموضحة في الصورة ادناه في الفترة الواقعة مابين أكتوبر 2014 و حتى فبراير 2017.

ومن الجدير بالملاحظة أن التحليل الإستخباراتي تنبأ عن تحركات واضحة في الستة أشهر قبل حدوث الانزلاق الأرضي ، مما يعني أنه لو تم استخدام الحل المقترح لكان من الممكن أن يكون هناك تحذير مبكر للإنزلاق الأرضي ومعالجته قبل حدوثة وبالتالي توفير الكلف العالية التي تتحملها خزينة الدولة لتصحيح الأثار الناتجة عنه.

في الشكل أدناه ، نقاط القياس المستخرجة من النظام المقترح حيث تشير النقاط الحمراء إلى حركة نشطة في سطح الأرض بينما تشير النقاط الخضراء إلى استقرار في سطح الأرض على مدى 3 سنوات.


تطبيق النظام المقترح: نتيجة تطبيق نظام الإنذار المبكر على جسر عبدون

من خلال معالجة 33 صورة من البيانات الرادارية تم تصويرها على مدى ثلاثة سنوات لقياس حركة الهيكل الإنشائي لجسر عبدون والمناطق المحيطة له في مدينة عمان وذلك من أجل التأكد من عدم وجود أي حركة في الهيكل الإنشائي للجسر والتي تؤثر سلبيا على مستخدمي الجسر.

وقد وفرت البيانات الرادارية المتاحة نقاط قياس محدودة على البنية الكاملة لجسر عبدون والأبنية المحيطة به والمواجهة للقمر الصناعي. وتشير نتائج هذا القياس إلى حركة النقاط على الجسر من بدايته حتى النهاية. ويظهر التحليل أن الجسر مستقر. ومع ذلك ، يجب شراء عدد أكبر من البيانات الرادارية لتحليلها بحيث نحصل على كثافة أكثر لنقاط القياس تغطي الجسر بأكمله.

في الشكل أدناه ، نقاط القياس المستخرجة من النظام المقترح حيث تشير النقاط الحمراء إلى حركة نشطة في سطح الجسر بينما تشير النقاط الخضراء إلى استقرار في سطح الجسر على مدى 3 سنوات.


تطبيق النظام المقترح: مثال اخر يبين نتيجة تطبيق نظام الإنذار المبكر

في الشكل أدناه ، نقاط القياس المستخرجة من النظام المقترح حيث تشير النقاط الحمراء إلى حركة نشطة في سطح الأبنية بينما تشير النقاط الخضراء إلى استقرار في سطح الأبنية.


وبناءً على رؤية جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه للنهوض بالأردن كبلد معاصر يهتم بأمان جميع عناصر المجتمع الأردني فسيكون من المثير للاهتمام تقديم وتطبيق حل ذكي مبتكر لأول مرة لمراقبة المباني والطرق والسكك الحديدية والملاعب والجسور والأنفاق والمفاعلات النووية وجميع عناصر البنية التحتية وذلك من خلال تطبيق نظام المراقبة الاستخباراتي للتنبؤ بمخاطر انهيارات الأبنية وانزلاقات الطرق قبل حدوثها وذلك للتخفيف من المخاطر الناتجة عنها.

ويمكن لنظام الإنذار المبكر المبتكر أن يقدم مدخلات هامه لجميع مراحل أي مشروع وذلك عن طريق تحديد المناطق غير المستقرة التي تتأثر بالحركات الأرضية وعن طريق مراقبة البنية التحتية وإعادة بناء التسلسل التاريخي الزمني لحركتها.

يقوم النظام المبتكر بــ:

1- تحديد حركة الأرض وحركة الأبنية القائمة وحركة جميع عناصر البنية التحتية (المباني الشاهقة ، والطرق ، والسكك الحديدية ، والجسور ، والملاعب ، ومراكز التسوق ، والأنفاق ، وغيرها) أثناء عمليات اختيار الموقع لغايات إنشاء المشاريع الجديدة وغايات التوسعة.
2 - تقييم آثار الأنشطة الهندسية وتكميل الرصد التقليدي .
3- تقييم استقرار الأبنية و البنية التحتية الرئيسية بمختلف أنواعها لأجزاء من المليمتر.
4- امكانية الكشف المبكرعن أي حركة في سطح الأرض والأبنية وجميع المنشاءات.

كما يتيح النظام المقترح إصدار التحذيرات اللحظية تلقائيا وعن طريق إرسال رسائل قصيرة SMS و / أو بريد إلكتروني إلى صانع القرار. بالإضافة إلى ذلك ، يمكن لصانع القرار مراقبة المدينة عبر الهواتف المحمولة الذكية ويمكنه معرفة ما إذا كان هناك أي حركة في سطح الأرض او الأبنية او المنشاءات المراقبة باستخدام النظام المبتكر.

 

مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/09 الساعة 16:08