الحدود المغلقة ومسألة الديمقراطية
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/01 الساعة 10:15
سيف الله حسين الرواشدة
الحدود المغلقة ومسألة الديمقراطية ملف النزوح السوري إلى الأردن، ملف شائك وقد جرب فيه الأردن كل الوصفات من المخيمات المغلقة والمعزولة إلى مخيمات متاخمة للحدود ، ومحاولة خلق تفاهمات في الداخل السوري ومناطق تهدئة، الى دمج اللاجئيين داخل المدن والقرى الأردنية.
أما الحكومة فتشتكي من الضغط على الخدمات وأن المساعدات لا تلبي الاستحقاقات والنفقات، وتتهم بالمقابل باستغلال هذا الملف أو على أقل تقدير سوء إدارته، ولكن باعتقادي أن ما يحتاجه الشارع من الحكومة اليوم هو الشفافية والمصارحة حول أرقام اللجوء وتكلفته ومخاطره، وخطط معالجته على المدى البعيد والقريب حتى تستقيم العلاقة بين شارع متحفز وحكومة مازالت تبحث عن الثقة .
أما ما يشهده الشارع العام من جدل حول فتح الحدود وإغلاقها، فهو برأيي حالة وعي ديمقراطي بامتياز، يعبر فيها الشارع عن نفسه بكل انقساماته وخلفايته، قد سمحت وسائل التواصل ببلورة هذه الحالة حتى شملت شرائح واسعة من المجتمع إن لم تكن مشاركتهم إيجابية بإبداء الرأي، على الأقل مكنت مِن تعرض جمهور واسع لهذه الآراء والعصف الذهني والجدل حول مسائل كانت قبل أعوام قد لا تتجاوز عنواين الصحف وأحاديث المساء لفئة كبيرة من لناس.
وهذا الاهتمام بالشأن العام علامة عافية بينة قد تحفز نخبنا السياسية على طرد نعاسها وخمولها، وفعل أي شيء مفيد أو لائق. لكنني أعتقد أن النقاش حول مسألة فتح الحدود أو إغلاقها، لا يجب أن يتعلق بالجانب الإنساني على نبله ولا برسالة الدولة الأخلاقية فقط ولا بالمخاطر الأمنية والتكلفة الاقتصادية أيضا. لكن السؤال هنا لابد أن يوجه لاستعدادنا لما يحصل الْيَوْمَ وتقييم قدرتنا على التنبؤ به قبل وقوعه لنحسن التعامل معه ونخرج من دائرة رد الفعل الى استباقه وردعه اذا لزم الامر ، فمنذ أشهر ونحن نسمع عن التحركات حول درعا خصوصا بعد انتهاء معارك الغوطة، ولَم يتغير على واجهتنا الشمالية اَي شيء، لم نقم بشيء ولو فعلنا فقد بقيت تحركاتنا خلف الأبواب المغلقة البعيدة خصوصا عن أذن الشارع الأردني .
ومرة أخرى يخيب خطاب الحكومة الإعلامي ظن الشارع ببعده عن الشفافية في شرح الموقف ليفتح باب التهكم والتكهن أمام الجميع من الاتجار باللاجئين الى المخاطر الأمنية . من دون معلومة دقيقة عن الأوضاع والاستعدادت المعمول بها سابقا والمرجو العمل بهل لاحقا في ملف كالنزوح علقت عليه الحكومة خيباتها الاقتصادية كثيرًا . إن تلافي النزوح اذا حصل صعب جدًأ لأسباب كثير منها لوجستية غير متوفرة وعقيدة الجيش والدولة وتقبل الشارع لأي استعمال للقوة اما التصريح برفض استقبال اَي لاجئيين هو مناورة سياسية لا أكثر ليتحمل العالم بعض مسؤولياته اتجاه هذا الملف . لكن ما يثير اهتمامي هو على حسب المعلومات المتوفرة على الأقل عدم قدرة الدولة على المبادرة جراء المتغيرات في الملف السوري وغياب التخطيط الواضح إذا قارنت حالة حدودنا بالحالة التركية مثلا مع أخذ خصوصيات الموقف بعين الاعتبار واقتصارنا على رد الفعل وأخيرا تصريح الحكومة الباهت ونقاشات مجلس النواب التي لا تختلف عن نقاشات الشارع العام العاطفية كانت لصالح اهلنا في سوريا او خوفًا من الخطر .
فالإشكال هنا يقع في غياب التخطيط واستقراء المستقبل والاكتفاء بالمناورات السياسية قصيرة المدى فقط وعدم تبني استراتجية بعيدة المدى ونهاية لو تدفق ألوف من أهلنا على حدودنا الليلة هل سنطلق النار عليهم حقًّا؟ وإن كنّا سندخلهم من دون خطة واضحة بعيدة عن لوم المجتمع الدولي يكون منطق حكومتنا أقرب إلى الفزعة من منطق الدولة الراشدة.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/01 الساعة 10:15