حكومة الرزاز.. ما بين ثقة الشعب وثقة مجلس النواب

مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/01 الساعة 02:24
المحامي الدكتور سعد علي البشير * بعد أن قام دولة الدكتور عمر الرزاز بتشكيلته الوزارية التي لم يرضَ عنها معظم أفراد الشعب؛ حاول هو وفريقه الوزاري كسب ثقة الشعب تارة عن طريق سحب مشروع قانون الضرائب، وتارة أخرى عن طريق إعلان تخفيض النفقات، وتارة عن طريق إحالة بعض الفاسدين إلى القضاء، وتارة عن طريق حلول مؤقتة مثل إرجاء العمل بتسعيرة المحروقات لبعض المشتقات الرئيسية حتى نهاية تمّوز؛ إلا أن الشعب لا يزال ينتظر تغيير نهج الوزارات السابقة بعد أن منح الحكومة مائة يوم لتثبت فيها جدارتها لنيل ثقة الناس قبل ثقة مجلس النواب. ومع اقتراب موعد جلسة منح الثقة لحكومة الرزاز من قبل مجلس النواب ثارت مشاكل عالمية وإقليمية لها تأثير مباشر على الأردن ما يستدعي اتخاذ قرارات صائبة ومهمة، ولعل أهم هذه المتغيرات وقوف أكثر من مائة ألف لاجئ سوري على الحدود الأردنية ينتظرون فتح الحدود رغم إعلان الرزاز ووزير خارجتيه أن الأردن لن يستطيع تحمل المزيد من اللاجئين. ورغم إعلان الحكومة بأنها لن تفتتح الحدود إلا أن بعض أفراد الشعب لم يُعجبه هذا الأمر، حيث دشَّن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ "#افتحوا_الحدود"، وانتقدوا تصريحات لوزير الخارجية الأردنية، أيمن الصفدي، الذي صرح أن الأردن أصبح غير قادر على استقبال المزيد من اللاجئين السوريين، وقال أحدهم على أحد مواقع التواصل الاجتماعي:" طول عمرنا بلد النخوه والشهامه شو اللي تغير علينا الآن... بدكم تحكوا انه اللاجئين دمروا إقتصاد البلد ..! والله ماحدا دمر الإقتصاد الا الحكومات المتعاقبه وقضايا الفساد وأصحاب السلطه والنفوذ..."، وهذا يعني بأن بعض أفراد الشعب يعتقدون أن من دمر الاقتصاد الأردني هو النهج التي اختطه الوزارات السابقة في تسيير أمور الدولة، وأن الفساد هو أحد أسباب تدهور الاقتصاد الأردني يُضاف إلى ذلك أصحاب السلطة والنفوذ الذين أداروا بعض الملفات الهامة لمصلحتهم الشخصية. ومما زاد في الطين بِلة تصريح لبعض وزراء الحكومات السابقة بأنهم لا يعرفون شيئاً عن اجتماعات صندوق الدولي مع مجلس الوزراء، وأن ملف صندوق النقد الدولي كان انفرادياً وليس عملاً جماعي من قبل الحكومة، وأن الفريق المالي كان ضعيف جداً وخصوصاً في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؛ مما أدى إلى تدخل صندوق النقد الدولي في الكثير من القرارات الاقتصادية، فما مدى صحة هذا الحديث، وما معنى أن يتنصل بعض الوزراء من هذه المسؤولية، ويحملوها للفريق المالي، فهل مجلس الوزراء هو جهد فردي أم جهد جماعي يجب أن يتفق عليه جميع أعضاء المجلس ويتحملوا مسؤولية القرارات التي يتخذونها. ولا بد في هذا السياق من التذكير بأن الرزاز كان قد تعهد بالحوار مع مختلف الأطراف والعمل معهم للوصول الى نظام ضريبي عادل ينصف الجميع ويتجاوز مفهوم الجباية، لتحقيق التنمية التي تنعكس آثارها على أبناء وبنات الوطن، لتكون العلاقة بين الحكومة والمواطن أساسها عقد اجتماعي واضح المعالم مبني على الحقوق والواجبات، فهل ستؤدي هذه الظروف والأقوال والأفعال إلى أن ينال الرزاز ثقة مجلس النواب؟ وهل ستقود أول قرارات مجلس الوزراء بعد نيلها ثقة النواب إلى قرار بتشكيل لجنة حوار وطني؟ وهل سيتكفل الدكتور الرزاز وحكومته بعدم الاقتراب من جيوب أفراد الشعب؟ وهل يستطيع الرزاز وحكومته التعامل مع صندوق النقد الدولي بحنكة وذكاء بشكل تستطيع الدولة تخفيف عبء هذا الدين خلال فترة معقولة وأن يتحمل كامل أفراد الفريق الوزاري تبعات قراراتهم فيما يخص صندوق النقد الدولي؟ وهل سيتكفل الرزاز وحكومته بعدم تحميل الخزينة الأردنية المزيد من القروض؟ وهل ستكون قرارات مجلس الوزراء ذات شفافية وواضحة ومعلنة مباشرة للشعب؟ وهل سيستطيع الرزاز وحكومته تنفيذ ما جاء في كتاب التكليف السامي وخاصة فيما يتعلق بالشفافية، والحوار الوطني، والانتقال إلى عقد اجتماعي جديد؟ وهل سيستطيع الرزاز وحكومته وضع مقياس للأداء الحكومي كما طالب به البعض؟ وهل سيستطيع الرزاز وحكومته تحويل ملف اللاجئين السوريين إلى ملف يصب في صالح الاقتصاد الأردني عوضاً عن كونه عبئاً على خزينة الدولة؟ والسؤال الأهم في حال حازت حكومة الرزاز على ثقة مجلس النواب فهل سينال الرزاز وحكومته ثقة الشعب؟ خاصة وأن مجلس النواب فاقد لشرعيته في نظر بعض أفراد الشعب الذين نادوا خلال الاحتجاجات بحل هذا البرلمان قائلاً: بأن مجلس النواب لا يُمثلني؟ هنا السؤال؟ * عضو مجلس إدارة الاتحاد الدولي للحقوقيين
مدار الساعة ـ نشر في 2018/07/01 الساعة 02:24