نادي «ذات رأس» قصة نجاح

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/29 الساعة 00:31
«ذات رأس" احدى قرى الكرك العريقة، وهي من قرى جنوب الكرك على حدود محافظة الطفيلة، ويطلق عليها قرى النعيمات التي تتشكل من: ذات راس وشقيرا الشرقية وشقيرا الوسطى وشقيرا الغربية والنعيمة والعينا وتتبع إدارياً للواء المزار الجنوبي، وهي منطقة جميلة تشتهر بالزراعة وخاصة اشجار الزيتون ومحصول القمح والشعير، وفيها آثار نبطية قديمة وبيزنطية وهياكل رومانية وقصور وبيوت أموية ويسكنها الأن ما يقارب (8) ألاف نسمة من الأردنيين الذين يجمعون بين الأصالة وعمق الانتماء والثقافة والوعي المتميز ؛ الذي جعل هذا التجمع السكاني قادرا على تسطير قصة نجاح أردنية متميزة عبر تأسيس نادي (ذات رأس) الرياضي الثقافي الذي استطاع أن يصل إلى مصاف الدرجة الممتازة ونوادي المحترفين، وأن يقارع الأندية الكبيرة والعريقة في عمان والشمال. مجموعة من الشباب المتحمس المليء بالهمة والنشاط والانتماء الوطني والحركة الدائبة، استطاعت أن تبني هذه المؤسسة الكبيرة والناجحة رغم شح الامكانات وضعف المستوى المادي ورغم البعد والتهميش الذي تعاني منه كثيراً من مناطق المحافظات والأطراف البعيدة، ولكنهم تغلبوا على ذلك بالعزيمة والإصرار والمثابرة وقوة الشكيمة, ليضعوا لهم موضع قدم في ساحة التنافس المحتدم بين كبار الرياضيين على مستوى العاصمة والمدن الكبيرة، وجعلهم يحققون انجازاً استحوذ على اهتمام المراقبين واحترام المنصفين واعجاب الاردنيين جميعا. نادي "ذات رأس" يمثل قصة أردنية معاصرة مليئة بالدروس والعبر لكل جموع الشباب على امتداد التراب الأردني وخاصة في المحافظات والأطراف البعيدة، ونستطيع أن نتلمس بعض هذه الدروس الكبيرة الجديرة بالتوقف والفهم ومن ثم الاحتذاء والاقتداء. - الدرس الاول: يتمثل بأهمية نقطة البدء باعداد الانسان وبناء الشخصية المعنوية التي تبرز مضامينها واضحة من خلال الهمة والعزيمة المقترنة بالوعي والثقافة القائمة على منظومة القيم الصحيحة التي لا تعرف المستحيل، وتستطيع التغلب على المشكلات وكل عوامل الإعاقة الآخرى التي تظهرعبر قلة الامكانات وشح الموارد والبعد عن المركز والاضواء، مما يجعلها تتغلب على العجز والكسل والخنوع والاستسلام للواقع القاسي. - الدرس الثاني: يتمثل بترجمة المعنى المأخوذ من الأية القرآنية ?إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ? بمعنى أن التغير يبدأ بالنفس وايجاد الارادة الجمعية اولاً حتى يكون طريقاً للحصول على التغيير الذي يريده الله، فالقوم الذين لا يشرعون بالعمل ويأخذون بسنن الكون في الاصلاح والتغيير لن يكونوا قادرين على طلب العون من الاخرين ولا يحق لهم ذلك، فليس معقولاً أن يشرع الانسان بطلب العون والمساعدة قبل أن يشرع بمساعدة نفسه، ولذلك إذا لم نساعد أنفسنا بأنفسنا اولا على جميع الأصعدة والمستويات، لا يجوز لنا أن نتوجه بالعتب على أي طرف مهما كانت درجة ضعفنا ومهما كانت درجة قوة الآخر. - الدرس الثالث: قصة نادي ذات رأس تبعث الأمل في كل التجمعات الشبابية في أقاصي الأطراف بأنهم يملكون فرصة للنجاح إذا امتلكوا مهارة العمل الجمعي المنظم ومهارة التعاون والاتحاد واعلاء شأن المصلحة العامة ومهارة العمل المشترك والتغلب على كل نقاط الاختلاف وعوامل الفرقة التي تعرقل التقدم، وتحول دون سلوك طريق التحضر الذي لن يتم الاً من خلال الارادة الصادقة والعلم النافع والعمل الجاد والتنظيم السليم الذي يأخذ سمة العمل المؤسسي الحقيقي المستقر. في هذا السياق أدعو جميع الشخصيات الوطنية، واصحاب الشركات والمؤسسات الوطنية الكبرى أن يلتفتوا إلى هذه النماذج الناجحة وهذه التجارب الجديدة الطموحة من أجل الدفع بانجاحها وتقدمها إلى الأمام وأن يلتفتوا أيضاً إلى عنصر المشاركة والاسهام في عملية التنمية الشاملة في الأطراف والمناطق البعيدة بكل أنواع الدعم الممكنة على الصعد المادية والمعنوية. وفي السياق نفسه أيضاً أطالب القائمين على هذا النادي وكل النوادي الرياضية المشابهة أن يعنوا بالجانب التعليمي والقيمي الأخلاقي للأعضاء واللاعبين، وأن نمزج بين التسلية والمتعة من جهة، وبين التوعية والتثقيف وتنمية جوانب الالتزام بمنظومتنا القيمية العليا من جهة اخرى، حتى تكون الرياضة احدى وسائل البناء والتنمية واعداد الانسان الكامل،وان لا تكون الرياضة احدى عوامل الهدم والنخر في النسيج المجتمعي وخلخلة الوحدة الوطنية. الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/29 الساعة 00:31