عليوات، زغموت ومشاورة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/29 الساعة 00:29

ونحن نستعد لتأبين الروائي الراحل، جمال ناجي، الذي قدّم أعمالاً روائية وأدبية عديدة مثّلت علامة مميزة في الرواية الأردنية، فإنّ ما يخفّف قلقنا عندما نفقد مثل هؤلاء الأدباء الكبار هو ما نلمحه من صعود نخبة جديدة من الروائيين الشباب الأردنيين، الذين بدؤوا يضعون أقدامهم على الطريق ويقدّمون لنا إنتاجاً أدبياً مؤمّلاً بمستقبل جيّد في هذا المجال الأدبي المهم.

أوّل من أمس، كانت الروائية الشابّة، علا عليوات، توقع روايتها الجديدة "رَصَد"، في مؤسسة عبد الحميد شومان، وقد صدرت عن دار الآن ناشرون، وتحدّثت وشاركها الحضور النقاش عن الرواية الأردنية وما نأمله منها في المرحلة المقبلة، بخاصة وأنّنا مع تزايد في الإنتاج فيه الجيّد وغير الجيّد.

ميزة رواية "رصد" التي تأخذ حبكتها الرئيسة المعلنة من قصص البحث عن الذهب والجنّ الذي يرصدها وهي قصص معروفة في التراث الشعبي الأردني، وربما العربي، لكنّ حبكتها الحقيقية في حالة الإحباط والقلق والبحث عن الحلول السحرية لدى الشباب الأردني العاطل عن العمل، الذي يشعر بالأحلام البسيطة الطبيعية وكأنّها أمنيات صعبة التحقق، وتتركنا الراوية ونحن نشاهد يوسف الشاب الأردني، الذي يبحث عن الذهب، في قعر البئر، وكأنّها تقرع جرس التنبيه إلى ضرورة الانتباه إلى جيل البطالة من الشباب الأردني، الذين أطلق عليهم رئيس الوزراء، د. عمر الرزاز، في مقالة سابقة له مصطلح "جيل الانتظار"!

علا عليوات هي أديبة ومترجمة واعدة، تتقن تقنيات كتابة الرواية، ولها حضور كبير مع نشطاء السوشال ميديا، الذين يطالبون بالإصلاح السياسي، وهذه الرواية الثانية لها، بعد روايتها الأولى "قبل السفر"، وربما هي نموذج يعكس حجم التحوّل غير المرئي الذي أحدثته احتجاجات 30 أيار في استدخال جيل الشباب الجديد إلى قلب المشهد السياسي، للبحث عن التغيير والإصلاح.

في ندوة شومان، طرح مدير ومالك مؤسسة الآن ناشرون، الزميل جعفر العقيلي، سؤالاً مهماً عن ترجمة الروايات الأردنية ونقلها إلى الأفق العالمي، والوصول إلى مرحلة تتجاوز السوق المحلية وحتى العربية، وهو الأمر الذي يستبطن أهمية قدرة هذه الرواية على تحقيق أمرين رئيسين: الأول ما تقدّمه من قيم إنسانية أو ثقافة مشتركة، وثانياً ما تعكسه من ثقافة محلية قادرة على العبور إلى الثقافات الأخرى، وبالطبع بالإضافة إلى الإمساك بفن الرواية بصورة محترفة وإبداعية.

ثمّة سؤال مهم لديّ عن فن الراوية وشروط الروائي المبدع والناجح وفن الرواية والمكونات المطلوبة له، ونحن نشهد روايات جيّدة في الفترة الأخيرة، سواء من عليوات وقبلها قرأتُ لشاب آخر، عثمان مشاورة، رواية جيّدة ولطيفة، بعنوان "مقهى البازيلاء" تتحدث عن مرحلة الحراك الشعبي الأردني بصورة غير مباشرة، من خلال شخصية أحد المتقاعدين الذي يقرر أن يتحول إلى حراكي، وهنالك روايات على درجة عالية من الجرأة والأهمية، لفادي زغموط "عروس عمّان"، و"جنّة على الأرض"، وهو حاصل على درجة الماجستير في الفكر الإبداعي والنقدي.

بانتظار صعود هؤلاء الروائيين الشباب ليكونوا قادرين على نقل الرواية الأردنية إلى مرحلة جديدة، وإلى تطوير هذا الفن المهم بما له من دور يتجاوز الجانب الأدبي والثقافي إلى فهم المجتمع وتحولاته والمساهمة في التغيير والإصلاح وتقديم نماذج قيادية شابة جديدة.

الغد

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/29 الساعة 00:29