المعايطة يكتب: بيريسترويكا مدمرة وسياسة إغماض العيون ؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/28 الساعة 22:47

تقييم بمفاهيم إدارة المشهد السياسي والاعلامي والاقتصادي والاجتماعي

* يجب أن نعي أن ما يجري في المنطقة هو تغيير بنية الدول وهويتها ولا حاجة لتعديل دساتير أو قوانين أو تشريعات، ولا حاجة لإقناع رأي عام أو وفق التعريف التجميلي وهو كسب التأييد ومحاكاة الام الوطن وتحدياته عبر تويتر بتغريدة وليس بالوقوف عند أبناء الوطن وبينهم، وأصبحت معادلات العدالة والتنمية والنزاهة، ومراعاة خصوصية سوء أوضاع كثير من مدن الأطراف من الخدمات وقاطنيها والمشاركة في صنع القرار وتنمية المناطق النائية، وترجمتها بمفاهيم المستشرقين بأننا مجتمعات الرايات والقبائل، والتوزيع الديغرافي والجغرافي خارج حساباتهم ولم تعد من معايير مؤسسات الدول بإدارة المشهد السياسي والاعلامي والاقتصادي والاجتماعي ولا من معايير بناء المؤسسات، وأختزلت بمفهوم جديد وهو النهضة الشاملة والعقود الاجتماعية والسياسية المتجددة وكأننا سنخترع العجلة ، وعلى الرغم من عدم خلق وتقديم تعريف للنهضة الشمولية التي إكتشفناها مجددا فقد أصبحت كل معايير النزاهة والشفافية والتقييم والنقد البناء تتكسر أمام مفاهيم جديدة مبهمة لا يعرفها إلا الراسخون في القرار وكف . وليس للمواطن العربي الحق بطرح التساؤلات ويكفيه الوقوف على أبواب صناع القرار للتعبير عن فرحتهم بعبارة وبكم تزهو المناصب وكفى ،

* إعادة تشكيل الدول والاقليم تجري على قدم وساق لمواكبة استحقاق صفقات القرن والدهر وخطط وإستراتيجيات معاهد البحث ومراكز التفكير في دول الأقطاب والضباب و لتتناغم هذه التشكيلات مع ترتيبات جديدة للمنطقة والأقاليم والشعوب وإعادة هيكلتها وثوابتها ومفاهيمها ؟

من كان يعتقد أن تعديل الدساتير والنصوص التشريعية المكتوبة في ثناياه هو الإصلاح أو التغيير فهو واهم ، أو أن تغيير تشكيل الدول ومؤسساتها بقرارات وتعليمات فهو ما زال يعيش في زمن القلم والقرطاس ، وهو يعيش في وقت أصبح الإيميل حالة متخلفة تكنولوجيا بالقياس إلى ما وصل إليه التقدم التكنولوجي لمرحلة القرأة والكتابة وتوجيه الأوامر الرقمية من خلال رمشة العين والجفن ، والمذهل أن الجميع يشعر بما يدور حوله ويوقن بما يتم طبخه وإنضاجه، ويقنع نفسه بأن بأن مشكلة الدول هي بأن فلان هو عديل فلان وأن فلان أصبح يركب التاكسي وأخر خرج بمعلولية وما نسبتها ونسينا أن الأوطان هي من أصبحت في معلولية وعجز تتجاوز النسب القياسية ، وأن البحث عن عطوات وفرص الأيام والأشهر ستخلق واقعا جديدا سيهبط علينا من السماء ، ومن يحاول البحث عن مباعث الفساد والمحسوبية والشللية وقلة الخبرة وغياب معايير الكفاءة والنزاهة بشكل تراجيدي يتناسى أن هذه الفرق هي فرق كوماندوز ذات أهداف كبرى وسنايبر وإدارة مشاريع عملاقة تفوق توقعات شعب يمارس تضليل نفسه ويمارس دور الزوج المخدوع برضاه وطيب خاطر ، لغياب عناصر التأثير والقدرة على التعبير، وحتى تصديق حقيقة المشهد الجديد وإقناع نفسه بحتمية التغيير ولا يقرأ ما هو ممحي وأن القطار يسير بسرعة الضوء ولا ينتظر الركاب للصعود أو النزول.

* أصبحت مصيبتنا في ملهاة الإعلام الإجتماعي الحديث وتغييب النخب السياسية والاعلامية وقيادات العمل السياسي والفكري والوطني والشبابي الحقيقي وتحولت إلى كتل تخلف وشد عكسي ، وأصبحت فرصة لقتل التمايز الفكري والسياسي والاعلامي والاقتصادي والإجتماعي بين المواقف لخلق إنحطاط لتشويه رؤية المواطن لكل ما يكتب أو يطرح ، فخلط الحابل بالنابل جعل كل ما هو جوهري في استراتيجية الأوطان ليس له هناك قيمة في ظلمة الضوضاء في كل ما يطرح فغابت الثقة والمصداقية ، وصناعة القيادات السياسية الوطنية وقادة التفكير الإبداعي أصبح يتم إستيراده ولا حاجة لكلفة صناعته فالمستورد هو الأكفأ و الأحدث والأقدر على صنع التغيير ، ونجحنا في قتل كل مضمون وطني أو عروبي أو حفاظ على إستقرار الأوطان ، وما تأثير للكلمة القيمة والمعلومة والتحليل والرؤية والمدارس السياسية ودور الفكر والبحث ومراكز التفكير والرسالة لصالح الوطن ، وتم إستبدالها لصالح الإرتباط بالأجندات والمنظمات الإقليمية والدولية ذات الأجندات الإستخبارية والمؤسسات الدولية ومعاهد التفكير والتخطيط الاستراتيجي الغربي من خلال الإختراق الفكري والسياسي والاعلامي وهو ما كان يسمى تاريخيا بالإحتلال و بالغزو الثقافي والسياسي والاعلامي والاقتصادي والاجتماعي والتعليمي واصبحت تسمى رؤى إستراتيجية وخطط زمنية مضللة وتم تقسيمها بين القطاعات المتنوعة وفق نظرية الصدمة والعزل و الإختصاص ، فما عادت الحكومات هي سلطات تنفيذية وما عادت السلطة التشريعية هي مؤسسات رقابة وتشريع وتمثيلية لرأي المواطن ولم تعد للجهات الرقابية القدرة على مواجهة هذه الأجسام الهلامية التي تغلغلت في كل المفاصل والمنحنيات والمربعات والدوائر ، ولكن هل ستبقى الدولة هي خادمة للشعب أم أن الشعوب هي خادمة السلطات و المؤسسات ومراكز النفوذ!!! ، أم هي مجمع أعمال ومجلس إدارة وكوادر وظيفية قابلة للتغيير لكليهما من مجلس الإدارة أو ما يسمى السلطة أو قطاع العاملين وليس مفهوم المواطنين. سئمنا العبث واللعب والولدنة حد القرف من كل ما هو يسمى سياسة وإصلاح وشعوب ومشاركة وتغيير ،والوهم بقادة التغيير والبحث عن روبن هود يأتينا ، فكلهم من علبة واحدة وكلهم فى الساقية جعلونا ندور في طاحونة الهواء ، وكفانا معارك دونكوشيتية ومواقف إستعراضية ونصرخ بأعلى الصوت كفى وكفى ....
وأحببت أن أضع بعض الأفكار المتمردة من حضيض الواقع السياسي الذي نحن نعيشه ولنزيل الأقنعة عن عيوننا .

إدارة الدول ليست إدارة نفقات أو كشوف قروض ، والدولة تدار بالرجال الأقوياء الأمينين "إن خير من إستأجرت القوي الأمين"، ولم تكن معايير الشهادات واللغات مقياسا للقيادة والرجولة وإدارة دفة حكومات والدول والمؤسسات ، وليست مفخرة تقليص درجة التذاكر أو خصم نسب من الرواتب كالتنزيلات أو إلغاء المكافأت عنوانا لمرحلة ، لأننا نعلم جميعا انها مجرد شعارات ترافق كل مرحلة جديدة للاستهلاك الإعلامي ، وما كان الوطنيون الخالدون أمثال وصفي وهزاع وحابس وشهيد القلعة سائد المعايطة وراشد الزيود ومعاذ الكساسبة والحناقطة وشهداء المخابرات وحماة الحدود ورفقائهم من قوائم العز والفخار كانوا عنوانا لضمير وطني ونبض عروبي وقومي تنبع من تراب الوطن وملحه، وهؤلاء ليسوا وكلاء شركات أو منظمات دولية ومعاهد ومؤسسات ذات أجندات مبهمة لغير العالمين ببواطن الأمور ، وإذا كان اليوم تمارس غالبية الحكومات وضع الرؤوس بالرمال ، وإختبائها عن قضايا وتحديات الدولة الاردنية المفصلية والتاريخية ، ولمن يستثمر منصبه المؤقت فعليه أن يفهم بأن هذا الموقع هو للخدمة العامة ، وليست خدمة التكسي المميز أو جسر عبور لتوصيل الأقرباء والأصهار ، فالوطن للجميع والجميع للوطن ، ولكن الدول في الظروف الصعبة تدار برجالاتها وقوتهم وقدراتهم وإنتمائهم لترابها بعيدا عن الأنساب والأصهار والاقرباء والأصدقاء ، وهذا الوطن والشعب والقيادة ومؤسساته وتاريخه وتضحيات أبنائه وشهدائه ، وصبر شعبه القابض على الجمر يستحق رجالاً يحمونه ويمثلونه في كل المحافل ولكن من يقرع جرس إنذار مبكرا وربما متأخر..

وقسماً بمن رفع السماء بغير عمد ترونها في هذا الوطن رجال رجال، ويجب أن يكونوا عناوين المرحلة الدقيقة والحساسة والخطأ بحق الوطن لا يقل عن خيانته ودمتم ودام الوطن .

* مدير مركز العمق للدراسات الاستراتيجية

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/28 الساعة 22:47