طاهر المصري.. طال صمتك دهراً حينما كان من واجبك أن تتحدث

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/27 الساعة 11:16
بقلم: محمد قبيلات لا يمكن لمتابع شؤون السياسة، في بلدنا، أن يمر على كلمة طاهر المصري، التي ألقاها البارحة في جمعية الشؤون الدُّولية، من دون أن يقرأ ما استوطن واستبطن فراغاتها وبين سطورها، فقد كانت بمثابة البيان رقم اثنين التابع لبيانه رقم واحد الذي صدّره أثناء احتجاجات الدوار الرابع، مع ملحوظة أن كِلا البيانين لا يخرجان عن أجواء وأطر الشعبويات السائدة، التي يمارسها بعض المتقاعدين من وعثاء السياسة، ممن يتحلون بفردانية جامحة. طاهر المصري مثله مثل باقي أعضاء نادي طبقتنا السياسية، لا يناسبه اليوم إلّا أن يواصل التنعم بمخملية وادعة لطبقته، أما أن يرضى بالتقاعد، فهذه ستبقى أماني غير قابلة للتطبيق، وهو في ذلك يتشابه وباقي أعضاء هذه الطبقة، التي حكمت واستحكمت في البلاد والعباد، بالتتالي والتناوب بين أعضائها، وأدت بمختلف تلاوينها إلى ما نحن فيه. اليوم، لا يكفّون عن ذرف دموع التماسيح على ما آلت إليه الأمور، متناسين عن سابق قصد دورهم فيما وصلنا إليه من أزمات على المستويات كافة. كأن الناس عُمّيانًا أو فاقدي ذاكراتهم، لتتعامل معهم هذه الطبقة بخطاب جديد متجدد يتظاهر بتبنّي همومهم وقضاياهم، في محاولة للتنصل من المسؤولية عمّا ارتُكِب مِنْ قِبَلِها في أثناء إمساك أعضائها دفّة الأمور، حتى باتت الآن لا تتخلى لحظة عن التنطُّع بإطلاق التحذيرات من خطورة الأوضاع، وتوجيه النقد والنصح لمن يتسلّمون الآن زمام الأمور، على سبيل رسم طريق الترشّح مجددًا للإصلاح بالعودة إلى كابينة القيادة. فكيف يمكن لرجل ظل في السلك الحكومي منذ 1973 وحتى 2013، متنقلًا من موقع إلى موقع، بين نائبٍ وعينٍ ووزيرٍ وسفيرٍ ورئيسٍ للوزراء، ورئيسٍ لمجلس النواب، أن يُطِلّ علينا اليوم مبشرا بالإصلاح، فمكانه الأجدر كرسي الاعتراف بحصته من المسؤولية؟! فمَن نسأل إذا أردنا مراجعة أسباب الأزمات التي نمر بها اليوم؟ أليس هؤلاء السادة هم الأجدر بتقديم الأجوبة على أسئلتنا المعلقة برسم ما يحيطنا من خراب؟. نحن هنا لا نريد محاسبة أحد، فقط هي الرغبة بمعرفة الأسباب، ومن يتحمل المسؤولية عن هذه الحالة التي وصلنا إليها وعلى مختلف مستويات الأزمة المركبة التي نعيشها. من حقنا أن نعرف ماذا كنتم تفعلون يا سادة في غرف التشريع، وماذا فعلتم في السفارات، وماذا فعلتم حين كنتم وزراء ورؤساء للوزارات! ببساطة نحن لا نريد تحذيراتكم الآن، فليس لها من جدوى، وسنصمُّ آذاننا عن نصائحكم. نفعل ذلك مع كل من شاركوا في صناعة هذا المستقبل الباهر الذي نعيشه، من دون تمييز، بغض النظر عن أصولكم ومنابتكم، مع رجاء برغبة نتوجه به إليكم؛ ألّا تستخدموا الأسلحة الرخيصة في معارككم السياسية التي تطمحون عبرها العودة إلى الكراسي، فالأسلحة الرخيصة أشد فتكًا، وأشد إثارةً للفتنة، لا تُحاصصونا على سبيل تحاصصكم للمنافع والمكاسب. السيد طاهر المصري؛ لقد قرأنا بيانك الأول، وشممنا منه رائحة البارود الرخيص، عندما فصّلت الحراك على أساس إقليمي، وقلت إن هذا الطرف يشارك بقوة في احتجاجات الرابع، وقرأنا بيانك الثاني، ووصلتنا الدسائس التي استبطنتها سطوره، لذلك نرجوك أن تصمت. وليس الأمر بالصعب عليك. فلقد طال صمتك دهرا، حينما كان من واجبك أن تتحدث. أيها الساسة تخلوا عن فردانِيَّتكم الجامحة، وادعائِكم الحكمة بأثرها الرجعي، ففي صمتكم الآن درءٌ للمخاطر، ومنافعُ للناس.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/27 الساعة 11:16