هجين وقع بسلة تين
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/25 الساعة 02:00
أمس، أطلعني صديق مثقف على صور فاضحة وصلته عبر تطبيق "الواتساب" يدعي من يرسلها أنها لوزيرة أردنية. الصور بالطبع ملفقة ولا تمت بأي صلة للسيدة المحترمة. لكن الطامة الكبرى أن المئات يتداولونها على أنها حقيقة، ولا يبخلون عليها بالتعليقات المسيئة التي تنم عن جهالة لا قرار لها.
تلك الواقعة غيض من فيض صور ملفقة وتعليقات مقرفة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بحق شخصيات عامة، نالت من عائلاتهم وزوجاتهم وبناتهم، ناهيك عن دبلجة الاتهامات بالفساد وما أسهلها لاغتيال سمعة الأفراد.
وأمس أيضا، خرج رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة على طوره وقرر تحريك دعاوى قضائية ضد مجموعة من الأشخاص كالوا الإساءات الشخصية العنيفة له ولعائلته.
الطراونة شخصية عامة، ويحتل موقعا متقدما في الدولة؛ مواقفه وتصريحاته وطريقة إدارته لعمل مجلس النواب متاحة للنقد والنقد الحاد والتقييم، لكن حياته الشخصية ملك له وحده، وفي بعض الحالات، يصبح تناول سلوكه الشخصي باعتباره مسؤولا كبيرا في الدولة حقا للناس أيضا. لكن المشكلة هي في تلفيق القصص المسيئة ونسبها، والتعرض لأفراد أسرته بالكلام المسيء. من منا يقبل الإهانة الشخصية أو الإساءة لابنته، ولا يتحرك للرد عليها؟ لأسباب شخصية أقل وجاهة من ذلك، لا يتوانى بعض المواطنين عن ارتكاب جرائم قتل نشهدها مثلا باستمرار، فكيف الحال عندما يتعلق الأمر بقذف المحصنات الاجتماعية.
لقد تسببت التعليقات المسيئة على "الفيسبوك" بمشاكل لا تحصى بين الناس، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه حاليا من حملات هوجاء وانفلات لا أخلاقي، لن يكون مستبعدا وقوع حوادث لا تحمد عقباها في المجتمع.
قطاعات شعبية واسعة من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي لا تعلم بأن التعليقات المسيئة على الفيسبوك يشملها القانون بأحكامه، ويعاقب مرتكبيها. وسيفاجأ الكثيرون ممن استسلهوا كيل الاتهامات والإساءات للناس أنهم مطلوبون أمام القضاء وقد يتكبدون عقوبات وغرامات مالية ثقيلة. حتى أولئك الذين يختبئون خلف أسماء وهمية يمكن لجهات التحقيق أن تكشفهم، وفي الآونة الأخيرة تمكنت الأجهزة المعنية من الوصول بزمن قياسي لأصحاب حسابات وهمية خالفوا القانون.
لقد أسهمت ثورة الإنترنت بنشر المعرفة، وتكفلت منصات التواصل الاجتماعي بلعب دور مركزي على هذا الصعيد، لكنها في الوقت ذاته دمرت الوعي. الملايين من متابعي التواصل الاجتماعي لم يعد لديهم الوقت للمطالعة العميقة والمتابعة الواعية للتفاصيل. أصبحوا قراء عناوين وأخبار عاجلة، يمرون عليها بسرعة، ثم ينهمكون في التعليق. الرغبة بالقول والتعليق تتفوق على الحاجة للمعرفة العميقة والوعي.
لزمن مضى، كان المثقفون يسخرون من الصحف الورقية، ويعدونها مجرد "ساندويشات" لا تغني أبدا عن الكتب. اليوم حتى الصحف لم تعد من يفضل مطالعاتها إلا القليل.
التواصل الاجتماعي صار ميدانا لمحاكاة الغرائز لا العقول؛ يشحن المرء بالصورة والأخبار الكاذبة، فتغدو حقائق في نظر جمهور عام يفتقر للحد الأدنى من الخبرة في تمييز الحقائق من الأكاذيب.
حالنا أبناء العروبة مع "التواصل الاجتماعي" ينطبق عليه المثل الشعبي الأردني: "هجين وقع بسلة تين". الغد
تلك الواقعة غيض من فيض صور ملفقة وتعليقات مقرفة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي بحق شخصيات عامة، نالت من عائلاتهم وزوجاتهم وبناتهم، ناهيك عن دبلجة الاتهامات بالفساد وما أسهلها لاغتيال سمعة الأفراد.
وأمس أيضا، خرج رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة على طوره وقرر تحريك دعاوى قضائية ضد مجموعة من الأشخاص كالوا الإساءات الشخصية العنيفة له ولعائلته.
الطراونة شخصية عامة، ويحتل موقعا متقدما في الدولة؛ مواقفه وتصريحاته وطريقة إدارته لعمل مجلس النواب متاحة للنقد والنقد الحاد والتقييم، لكن حياته الشخصية ملك له وحده، وفي بعض الحالات، يصبح تناول سلوكه الشخصي باعتباره مسؤولا كبيرا في الدولة حقا للناس أيضا. لكن المشكلة هي في تلفيق القصص المسيئة ونسبها، والتعرض لأفراد أسرته بالكلام المسيء. من منا يقبل الإهانة الشخصية أو الإساءة لابنته، ولا يتحرك للرد عليها؟ لأسباب شخصية أقل وجاهة من ذلك، لا يتوانى بعض المواطنين عن ارتكاب جرائم قتل نشهدها مثلا باستمرار، فكيف الحال عندما يتعلق الأمر بقذف المحصنات الاجتماعية.
لقد تسببت التعليقات المسيئة على "الفيسبوك" بمشاكل لا تحصى بين الناس، وإذا ما استمر الحال على ما هو عليه حاليا من حملات هوجاء وانفلات لا أخلاقي، لن يكون مستبعدا وقوع حوادث لا تحمد عقباها في المجتمع.
قطاعات شعبية واسعة من مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي لا تعلم بأن التعليقات المسيئة على الفيسبوك يشملها القانون بأحكامه، ويعاقب مرتكبيها. وسيفاجأ الكثيرون ممن استسلهوا كيل الاتهامات والإساءات للناس أنهم مطلوبون أمام القضاء وقد يتكبدون عقوبات وغرامات مالية ثقيلة. حتى أولئك الذين يختبئون خلف أسماء وهمية يمكن لجهات التحقيق أن تكشفهم، وفي الآونة الأخيرة تمكنت الأجهزة المعنية من الوصول بزمن قياسي لأصحاب حسابات وهمية خالفوا القانون.
لقد أسهمت ثورة الإنترنت بنشر المعرفة، وتكفلت منصات التواصل الاجتماعي بلعب دور مركزي على هذا الصعيد، لكنها في الوقت ذاته دمرت الوعي. الملايين من متابعي التواصل الاجتماعي لم يعد لديهم الوقت للمطالعة العميقة والمتابعة الواعية للتفاصيل. أصبحوا قراء عناوين وأخبار عاجلة، يمرون عليها بسرعة، ثم ينهمكون في التعليق. الرغبة بالقول والتعليق تتفوق على الحاجة للمعرفة العميقة والوعي.
لزمن مضى، كان المثقفون يسخرون من الصحف الورقية، ويعدونها مجرد "ساندويشات" لا تغني أبدا عن الكتب. اليوم حتى الصحف لم تعد من يفضل مطالعاتها إلا القليل.
التواصل الاجتماعي صار ميدانا لمحاكاة الغرائز لا العقول؛ يشحن المرء بالصورة والأخبار الكاذبة، فتغدو حقائق في نظر جمهور عام يفتقر للحد الأدنى من الخبرة في تمييز الحقائق من الأكاذيب.
حالنا أبناء العروبة مع "التواصل الاجتماعي" ينطبق عليه المثل الشعبي الأردني: "هجين وقع بسلة تين". الغد
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/25 الساعة 02:00