3 حكومات أردنية تحملت مسؤولية أخطاء فادحة.. من هي!

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/24 الساعة 01:12
تخيلوا لو أن الأردن الذي ترونه اليوم قد قدّر االله له أن يكون متراميا على شواطئ الأطلسي، كموريتانيا مثلا، أو على جنوب البحر الأبيض المتوسط، كتونس، أو مطلاً على القرن الأفريقي، كجيبوتي،هل كان غارقا حتى أذنيه في هذه الدوامة التي لا تنتهي من المشاكل السياسية التي هي أحد أهم أسباب مشاكله الإقتصادية والاجتماعية، فلا فلسطين عينه الثانية ولا سوريا يده اليسرى ولا العراق يده اليمنى، ولا السعودية رداء ظهره المكشوف،هذه لعنة الجغرافيا عندما قرر لنا أن نكون الصندوق المستطيل ما بين صحراء وماء البحر الأبيض، ورابطنا المقدس هو القدس الشريف،وخصمنا هو الإحتلال الاسرائيلي. ديموغرافياً، لم يكن الشعب الأردني يوما صاحب نزعة شوفينيه أو إقصائية أو عصبية قبلية طاردة للآخر، بل إن المهاجرين القدامى في منتصف القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين قد شكلوّا عصب الوطنية الأردنية، وعند تأسيس الدولة الأردنية عام1921 كان القوميون السوريون، ممن جاؤوا مع عودة الملك فيصل الى عمان،هم أعضاء غرفة الحكومة التي بدأت إدارة الدولة الفتية وجيشها، وتداول الرؤساء والوزراء من كل صوب وحدبٍ شامي، لبناني وسوري وفلسطيني، رئاسات الحكومة حتى عام 1955 حيث الشهيد هزاع المجالي. وللمفارقة فإن الرئيسين الشهيدين الوحيدين اللذين قتلا غدرا وظلما في تاريخ الدولة الأردنية هما هزاع المجالي ووصفي التل،لم يقتل الأردنيون أحدا من الرؤساء ولا المسؤولين طيلة عمر هذه الدولة الكهلة، لم يتآمروا أو يعلنوا عن حزب يميني متطرف ينادي بطرد طرف ما أو كتلة من اللاجئين، بل إن موجات اللجوء بدأت منذ تأسيس الدولة الأردنية وحتى اليوم لا زال العرب يتقاطرون عليه هربا من ظلم وحرائق بلادهم، وهذا سرّ إختصه االله بهذا البلد، ولعل مسيرته العجيبة بلا نفط ولا ماء ولا خضراء هي إحدى بركات إحتضان إخواننا اللاجئين والمهجرين ، ليس آخرهم السوريون ولم يكن أولهم الأرمن. لقد ثار خلال الأسبوع الماضي العديد من الفوضويات التي تعلقت بتشريح هذا البلد من الداخل ومن الخارج، وكأن الدولة الأردنية عورة يجب سترها بألسن الفاضحين لأستار الناس وخصوصا المسؤولين دون سند، وكلما جاء القدر الرسمي بشخصية لتسلم منصب ما، حتى حفر البعض قبور أجداده ونبشوا في الخارطة الجينية لها، وهذا أمر جديد من الإنحطاط السياسي لدى الجيل المستجد في عالم السوشيال ميديا، ولكن لحسن الحظ فإن أوراق الجميع مكشوفة ، وغالبية من يريد الإصلاح في هذا البلد للعلم هم ممن يلتزمون بيوتهم من الأغلبية الصامتة التي ليس لها ممثل في الحكومة ولا في النواب ولا في زعامات الشارع الورقية. أنا شخصيا غير راض عن كثير من السياسات والإجراءات الرسمية خلال السنين الغابرة حتى اليوم، ومع ذلك علينا أن لا نفرط بوطننا وبمستقبل دولتنا، بل إنني مطلّع على إجراءات وعقليات كارثية كان يمكن تفاديها لو كان أصحاب القرار يستمعون الى بعضهم باحترام وتقدير للموقف واستشراف للمستقبل، دون المراهنة أو المجازفة، فثلاث حكومات تلت حكومة د.عون الخصاونة تحملت مسؤولية العديد من الأخطاء الفادحة، أولها حكومة الدكتور فايز الطراونة حين اتخذت القرار بفتح مخيم الزعتري لأشقائنا السوريين على تلك المساحة، ثم حكومة عبداالله النسور التي كسرت قانون الدين العام ورفعته الى 94% ثم حكومة الملقي التي جاءت بالحلقة الأخيرة على ما تبقى من أمل للأردنيين الصابرين على الضيم النفسي والإقتصادي والسياسي معا. اليوم نقف أمام تحد جديد، فالجنوب السوري مهدد بحرب داخلية طاحنة تهدد المدنيين، فهل نغلق الأبواب في وجوههم؟ لا أعتقد ذلك حتى مع تخلي العالم عن دعم الأردن، في المقابل تضغط الإدارة الأميركية بقوة الإعصار الصامت لصفقة القرن، ولن يقف في وجهها أي دولة أو جيش، فهل يستطيع الأردن وحده مواجهة التحدي حاملا على ظهره كل إرث الفشل العربي والآزمات الداخلية ؟.. لهذا ننتظر نتائج زيارة الملك لواشنطن ، خصوصا بعد اجتماع جلالته برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ومدير مخابراته يوسي كوهين وطاقم رفيع من مستشاريه، بعد أربع سنوات من القطيعة، للتأكيد المباشر على السيادة الأردنية على المقدسات وعدم التفريط بحقوق الفلسطينيين.. وهذا دليل على ضريبة الجغرافيا التي تحولت لعنة تطاردنا، لا ديمغرافيتنا الجميلة. الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/24 الساعة 01:12