حتى لا يعود الأردنيون الى الميادين والساحات

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/24 الساعة 00:44
مما لا شك فيه أن رمضان لعام 1439 للهجره الموافق لعام 2018 للميلاد, قد صار صفحة مشرقة من التاريخ الوطني للأردن والأردنيين, فقد أنجز الأردنيون في أيام رمضان المبارك الذي ودعناه قبل أيام فعلاً حضارياً كبيراً, جاء بعد مخاض طويل من الألم والمعاناة اللذين عاشهما الاردنيون في السنوات الأخيرة, صابرين محتملين في سبيل الحفاظ على سلامة وطنهم وأمنه واستقراره, حتى عيل صبرهم, ففاض كيلهم حتى امتلأت بهم ساحات وطنهم وميادينه أمواجاً من الغضب النبيل, الذي لا يؤذي ولا يخرب ولكنه يوصل الرسالة وهو بالضبط ما تم. وحتى لا يتكرر مشهد تدافع الأردنيين إلى الساحات والميادين للتعبير عن الغضب, فقد صار لا بد من المصارحة والمكاشفة لمعرفة الأسباب التي فجرت غضب الأردنيين الرمضاني النبيل, وهو الغضب الذي لم يكن مفاجئاً, فمنذ شهور طويلة سبقت رمضان كانت نسبة الأردنيين المعبرين عن شكواهم تتزايد يوماً بعد يوم, وقد أخذت شكوى الأردنيين أشكالاً مختلفة من التعبير كان من بينها الوقفات والاعتصامات الاحتجاجية التي عمد بعض المسؤولين إلى التقليل من قيمتها، بدعوى أن عدد المشاركين فيها غير كبير, كما كان يقول هؤلاء المسؤولون الذين فاتهم أن مستعظم النار من مستصغر الشرر»، وأن «العصا من العصية» خاصة وأن الجميع كان يعلم أن أضعاف مضاعفة للذين خرجوا إلى الشوارع محتجين آثروا التعبير عن شكواهم بوسائل أخرى، حفاظاً على سلامة بلدهم, وقد قلت حينها إن هذا موقف لا يجوز الرهان عليه طويلاً, في ظل تصاعد المعاناة اليومية للأردنيين, مثلما قلت إنه إذا كان من غير الجائز التذرع بقلة عدد الذين ينزلون إلى الشوارع للتعبير عن شكواهم لتجاهل هذه الشكوى، فإنه ليس من الجائز التذرع بأن هناك من يحرك هؤلاء، لأن ذلك مؤشر على اختراق جبهتنا الداخلية, وهذا خطر كبير لا نتمناه لبلدنا بل علينا أن نسد المنافذ أمامه غير أن الحكومة سدت آذانها وعيونها حتى فتحتهما على المشهد الرمضاني الذي أطاح بها. إن ما شهدته شوارع وميادين المدن الأردنية، من حركات احتجاجية وصلت ذروتها في اعتصامات ووقفات رمضان جاءت نتيجة طبيعية وعفوية من شعب حي كرد فعل على إجراءات فجة اتخذتها الحكومة، دون تمهيد، مما شكل القشة التي قصمت ظهر البعير، وجعلت الأردنيين يستحضرون كل أسباب شكواهم، وأهمها: اهتزاز ثقتهم بالكثير من مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على القيام بواجباتها سواء من ناحية تقديم الخدمة أو حل المشكلات التي بدأت تتفاقم في مفاصل الحياه اليومية للأردنيين, ومما ساهم في اهتزاز الثقة بمؤسسات الدولة وقدره اهتزاز شيوع خطاب الكراهية والتشكيك عبر وسائل التواصل الاجتماعي, دون أن يجد هذا الخطاب من يتصدى له ويعالجه معالجة جذرية. اهتزاز الثقة سبب من أسباب شكوى الأردنيين يقودنا إلى سبب آخر، يتمثل في غياب التواصل بين أجهزة الدولة ومؤسساتها من جهة،وبين المواطنين من جهة أخرى،خاصة في مجال تهيئة المواطنين للقرارات المنوي اتخاذها لتقبلها، كما كان شائعاً في عقود سابقة قبل فيها الأردنيون الكثير من القرارات الصعبة، عندما كان يتم عرض مبرراتها عليهم بصورة منطقية، قبل أن تمارس بعض الحكومات سياسية اللامبالاة، وتتخذ إجراءات فجة، دون تمهيد مسبق لها، ومنها رفع الضرائب في أوقات تصاعدت فيها المعاناة اليومية للمواطن الأردني، من تدني الخدمات المقدمة له ابتداءً من أزمة المواصلات التي تأكل معظم ساعات يومه،وتبقي أعصابه في حالة توتر مستمر، مروراً بالمعاناة التي يواجهها لدى مراجعته لأية إدارة حكومية بسبب الترهل الإداري الذي ينعكس سوءاً في الخدمة المقدمة للمواطن من إدارات الدولة، خاصة تلك المعنية بالخدمات، حيث يشعر المواطن بامتهان لكرامته، مما يرفع من منسوب غضبه الذي أنفجر في رمضان لهذه الأسباب ولأسباب أخرى سنتحدث عنها لاحقاً.
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/24 الساعة 00:44