بين مؤتمر وصفي التل ومؤتمر الرزاز مع الصحفيين!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/23 الساعة 20:30
مدار الساعة – كتب : عبدالحافظ الهروط – دعا رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز لمؤتمر صحفي للحديث عن توجهات حكومته في هذه المرحلة ووجدت الوزيرة "الصحفية" الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات ان المؤتمر فرصة مناسبة لتكون الدعوة عامة، فكثرت المآخذ.
قبل دخول الرئيس، كانت القاعة الضيقة تكاد تكون "سقيفة" وهي تضغط على الصحفيين، الجالسين والواقفين والمتكئين على ظهور بعض، فيما الاعداد تتوالى الى القاعة، فلم يجد المرافقون للرئيس من حل الا ان يطالبوا الصحفيين السماح بفتح الباب والممر لدخول "دولته" وهناك من طالب ان يُقسّم الصحفيون الى قسمين لحضور المؤتمر، فهل هذا منطق ؟!
شهدت البداية تذمراً من الصحفيين بسبب ضيق المكان وسخونته لعدم وجود "التكييف" وخصوصاً اننا في شهر حزيران، وكانت الاصوات والاحاديث الجانبية سيّد المكان.
حاولت الوزيرة الغنيمات - كعادتها - ان تضفي جواً من الارتياح بكلماتها المحببة وابتسامتها العريضة،فخاطبت الصحفيين بعبارة "لم نتوقع هذا العدد الكبير" قلت : كانت الحكومة تظن ان الصحفيين عاتبون عليها تضامناً مع الشعب،ويبدو انها وغيرها لم يسمعوا ما قلت، فضحك من هم بجانبي.
وعند دخول "دولته" تفاجأ بالحضور، وقال "ما شاء الله"، حاول البعض الترحيب بالتصفيق له الا ان التصفيق كان ضعيفاً، فقام رئيس الوزراء بتعديل كرسّيه للجلوس عليه، لتبدأ وقائع المؤتمر بعبارات للوزيرة، غازلت فيها زميلاتها وزملاءها في المهنة وقالت " انا اتخلى الآن عن الكتابة" واكدت ان الحكومة منفتحة على الاعلام وانه يجب حصول الاعلامي على المعلومة.
مثل هذا الكلام وهذه الديباجة ان "الاعلام شريك استراتيجي" سبق ان سمعناه كصحفيين، من ناطقين ورؤساء وزارات ووزراء واصحاب عطوفة وسعادة، فهل تشذ حكومة الرزاز عن الحكومات السابقة لتترجم القول بالفعل في الجانب الاعلامي؟
أظن انها "حمى البداية" للحكومة التي تحاول ان تمتص غضب الاعلام الجديد" الفيسبوك" بعد ان نجحت الحكومة ذاتها بتهدئة الشارع، وهي "هدنة" لن تطول اذا ما وقفت الحكومة مع الشعب، ورفعت سقف حرية التعبيرورحبّت بالنقد الموضوعي، ولم يضق صدرها، بداية بالاعلام الرسمي التابع لها، مروراً بالاعلام المستقل، وانتهاء بإعلام التواصل الاجتماعي لأنه اعلام اذا ما وجد هناك اعلاماً اردنياً حراً، فإن "الفيسبوكيين" سيكونون سنداً لا عبئاً على الحكومة، فكثير من أبناء هذا الاعلام العابر للوقت والمكان هم من النخبة والصحفيين والاعلاميين وعامة الناس، ومن الواجب الوطني ان يعبّروا.
وعلى سيرة تعامل الحكومة مع الاعلام المستقل، تحديداً، تستحضرني "قصة تهديد" للمفكر الصحفي المرحوم جمعة حماد دوّنها في كتابه "الراحلون" يقول :اشتد الحوار مع رئيس الحكومة وصفي التل في مؤتمر صحفي وفي مسألة اعلامية وصلت الى التهديد بإغلاق الصحيفة، وغادرته، وانا اقول بيني وبين نفسي : هذا وصفي اذا قال فعل.
وبعد ساعة واذ بالهاتف يرن على مكتبي، وكان على الطرف الآخر رئيس الوزراء يقول " يا جمعة انا على خطأ وانت على صواب" فأدركت ان هذا الرجل هو من يستحق ان يكون في هذا الموقع، وانه لا خوف على الوطن.
سؤالي الآن : هل يأخذ بها رئيس الوزراء الرزاز ، بعد هذا المخاض الذي يمر به الوطن والمواطن؟
وبالعودة الى المؤتمر الصحفي للرزاز ، فإن وقائعه اتسمت وعلى لسان الرئيس بتطمينات عريضة وطويلة ما يزال الشعب الاردني لا يوليها اهتمامه جراء ما يحدث من معاناة اقتصادية ومحسوبيات في تسلم المسؤوليات ومشاكل مجتمعية وتهميش للاعلام وتلاعب في التشريعات والادارة الاردنية ووجود أثرياء لم يتعبوا بجلب ثرواتهم، وفقراء افنوا اعمارهم في خدمة الوطن ويزدادون فقراً.
ومن حيث المكان، فإنه لا يليق بهذا المقر الرئاسي ان تكون قاعة بهذا الحجم المخجل وفي هذه الجاهزية المتدنية في ظل حضور صحفيين آجانب.
اما ادارة المؤتمر فقد غلبت الكثرة، التنظيم في تناول الآسئلة، رغم محاولة الوزيرة ضبط التوزيع،فكان الأولى ان لا تكون عامة ليأتي جيش من مؤسسة واحدة، وان لا يأخذ الرئيس اكثر من نصف الوقت، وهو حق مشروع للصحفيين بأن يأخذوا وقتهم.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/23 الساعة 20:30