الشباب ومتغيرات الواقع الاردني
دأبت الدولة الاردنية السير ضمن نمط حكومي يقتصر دور الشباب فيه بين الخطابات الداعمة للشباب ودور خجول لوزارة الشباب او المجلس الاعلى للشباب دون افعال وخطط وخطوات شاملة وواقعية وعملية، علما ان مسمى وزارة الشباب حينا ومجلس الاعلى للشباب وحينا آخر ظل بتغير مستمر دلالة على عدم وضوح الرؤية اتجاه النهوض بالشباب الاردني.
الشباب الاردني ظل تحت التهميش الرسمي على ارض الواقع مع تصاعد عمل المنظمات الدولية وصناديق التنمية في دعم الشباب وزيادة فرص نموهم الاجتماعي والاقتصادي وتنمية مهاراتهم اضافة الى دعم القطاع الخاص الذي ساهم بشكل مباشر بانشاء منصات شبابية وبرامج تطوير ودعم اعمال اضافة الى دعم المبادرات الشبابية المختلفة، ومع تصاعد الدعم غير الحكومي للشباب كانت الحكومة واقفة في دعم خجول دون تفعيل حقيقي حتى مع وجود بنية تحتية جيدة تتمثل بمراكز وبيوت الشباب المنتشرة على الارض الاردنية من الشمال للجنوب وكأنها مجرد كتل بنيوية مجهزة دون وجود برامج فاعلة تكون منصة شبابية حقيقية يمكن ان تشكل نقطة تطوير مهمة في دعم الشباب وتنمية قدراتهم وتحقيق احلامهم في صناعة تجارب عملية تساعدهم في النمو على المستوى الشخصي في سوق العمل التجاري والاجتماعي والثقافي.
حكومة اليوم ليست كحكومة البارحة ودور الشباب الذي صاح عاليا من انين التهميش الذي عاشه على فترة طويلة سيسائل الحكومة على رؤيتها في تحقيق النهوض للشباب الذي يشكل نسبة عالية من تعداد السكان الاردني ،ومسائلتها على دورها العملي الذي يجب ان تقوم به على صعيد جميع القطاعات ومن مختلف الوزارات وتحديدا وزارة الشباب التي يجب ان تقود دورا فاعلا و قيادة الشباب الاردني وبشكل سليم وفاعل لتحقيق النهوض للمجتمع الاردني اجمالا.
لا يمكن ان يكون لوزارة الشباب عذرٌ في تقصيرها بالبرامج الشبابية الحديثة والمحترفة بحكم قيام المؤسسات الاخرى بهذا الدور عنها وانما يجب ان يكون لها دور مهم في صناعة الرؤية والاستراتيجية الوطنية في نهوض الشباب ومساندة المؤسسات الاخرى الداعمة ، وهنا يجب ان نؤكد انه عندما يكون نهج الحكومة العام قائم على دعم الشباب و دراسة احتياجاته و وضع خطط وخطوات عملية في تطويره سيشعر الشاب ان الحكومة تعمل اليوم لمصلحته بما يتعدى مرحلة الخطابات والكتابات التي لا ترتقي ان تبقى عبارات وشعارات رنانة.
صوت الشارع الشبابي يفرض متغيرات على الواقع الاردني في ان ما فات لن يدوم وان ما سياتي سيكون تحت المسائلة ، والاحساس العام للشباب اصبح اكثر يقظة اتجاه محاسبة من يتحدث باسمه ولا يعمل من اجله، ومن يقول بما لا يفعل، وان المشكلة لا تكمن فقط في حسابات اقتصادية وارقام وانما هي نهج غير حكيم وغير رشيد ادى الى هجرة الطاقات والقدرات الشبابية الى الخارج وانتكاس واحباط من بقي في الاردن والشعور بالتهميش في جميع شؤون مناحي الحياة في الاردن لتمتلئ بهم المقاهي ويتحدثون عن معاناة في العيش و خيبات في خسارة فرص عملية على حساب المحسوبية التي دمرتهم بامتياز ، وانه انحصرت فرصهم على معارفهم وعلاقاتهم ومدى قدرتهم للوصول الى شخص مسؤول او متنفذ يدعم احتياجاتهم الوظيفية او الاجرائية للعمل حتى ضمن مشاريعهم الصغيرة ، واصبح الامر لا يتعلق بقدراتهم ولا كفائاتهم العملية ولا درجاتهم العلمية ، واصبح المشهد في ارتفاع نسب البطالة سوداويا ، فلا هم اتجاه الفرص الوظيفة العادلة يثقون ، ولا قدرتهم على بدء مشاريعهم الشخصية متحمسون.
يعول الشباب الاردني اليوم على حكومة جديدة ولدت قيصريا من مطالبات الشارع المخذول من الحكومات السابقة، ويبقى الشباب عبر تواصل المواقع الاجتماعي بردود افعالهم يرون بصيص امل وان لم ترضي التشكيلة الحكومية الجديدة طموحهم الحقيقي، فيتأملون ان يروا اعمالا وانجازات واضحة تقول لهم ان النهج تغير وان زمانكم قد اتى وان وطنكم ستمثله الحكومة جديا هذه المرة في ان تقدم لكم كما تقدمون له ،وان فرصكم في المجتمع الاردني ستزيد بنقصان الفساد والمحسوبية وان فرصكم في تحقيق احلامكم وانشاء اعمالكم الريادية ستكون نسبة نجاحها اقوى بالدعم الذي ستحصولون عليه وبنمو اقتصادي يهيئ الظروف المناسبة لنمو اعمالكم.
الرهان يكون بتكاتف الجهود بين جميع اطياف المجتمع الاردني والحكومة في اعتبار الايام القادمة مرحلة مفصلية وتحولية نحو الافضل.