جلالة الملك: عودة ميمونة

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/05 الساعة 09:57
* عادل حواتمة

لا أحد يستطيع التقليل من شأن، وحجم المكاسب السياسية، والاقتصادية التي انتزعها جلالة الملك خلال زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الامريكية، في ظل شيوع حالة من السوداوية، والترقب والتي أطرت المشهد الدولي هذه الاثناء، وبخاصة فيما يتصل بتشكل سياسة أمريكية في الحقبة الترامبية أفضل ما يمكن وصفها بانها مندفعة؛ تجاه مناطق الصراع الازلي والمرحلي في المنطقة، وحقوق الانسان والمهاجرين، والتوجه نحو مرحلة مائعة في العلاقات الامريكية – الأوروبية، أضف الى ذلك ما قد يستجد من تسخين للوجهة الإيرانية.

اذكر جيداً حنكة جلالة الملك في احدى المقابلات التلفزيونية العالمية، في الفترة التي كان التنافس على أشده بين ترامب وكلنتون، حيث حاول الصحفي الذي اجرى المقابلة ان يستكشف رأي جلالة الملك عن الانتخابات الامريكية بشكل عام، وترامب بشكل خاص، وكأنه أراد من جلالة الملك تعليقاً سلبياً حول ترامب خصوصاً، لم يجب الملك كما أراد الصحفي او بالاصح كما لا يليق بجلالته ان يجيب، فعاد وكررها الصحفي ثانية، فكانت الإجابة من جلالته بمثابة إرشاد وتدريب للصحفي على أصول مهنة الصحافة، وموضوعيتها وحياديتها فكانت النتيجة فبهت الذي كفر. هذه الرؤية وهذا الحياد السياسي بالإضافة للاحترام الذي يكنه ترامب لجلالة الملك كان له أثر بارز في دسامة الغلة الأردنية من الامريكان.

نعم لقد استطاع جلالة الملك بحنكته ان يمارس الازاحة السياسية، ويجعل الرئيس الأمريكي ينقلب على نتنياهو، فيما يتعلق بنقل السفارة الامريكية الى القدس، وتصوير ما قد يرافقه من حالة هيجان عروبي واسلامي يفتح على المنطقة أبواب جهنم. وايضاً التعليق السلبي الأمريكي حول المستوطنات وان كان اقل حدة من المطلوب عربياً وفوق المقبول اسرائيلياً. هذا الانتصار السياسي من شأنه تهيئة أجواء من الاتساق في الرؤى السياسية الامريكية – الأردنية حول العديد من القضايا المصيرية بالنسبة لنا، في ظل فتور محور عربي إسلامي مساند للأردن.

ثاني واهم النتائج السياسية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي؛ هي المناطق الآمنة في سوريا، و ما يترتب على انشائها وضمان احترامها من تخفيف لعبء اللجوء السوري علينا بكل ما يشكله من تحد اقتصادي وسياسي واجتماعي وامني؛ ولعله من المفرح القول أن انتقال اللاجئين الى المناطق الآمنة سوف يكاثر من فرص العمل للأردنيين في الداخل، و فرص الاستثمار في الخارج، فسوريا مقبلة على إعادة اعمار، ولا بد أن يكون للأردن دوراً تنموياً في البيروستريكا السورية يوازي دوره العروبي في استقبال اللاجئين. فلدينا من الكفاءات، والقدرات الانشائية والتكنولوجية؛ التي تجعل منّا مطلوبين وبشدة، وأصحاب حق في إعادة الاعمار سيما ونحن البلد الذي تحمل ما لم تتحمله دول أقدر منا على ذلك.

لا شك ان المرحلة تزخر بتقاسيم مختلفة، رئاسة أمريكية جديدة، ونصر أردني مظّفر على اليمين الإسرائيلي، وقمة عربية بنكهة اردنية، ووعود خليجية شقيقة بالدعم والاسناد، ونفس جديد لوزارة الخارجية يشكله الوزير الموفق الصفدي، قد يرافقها استمرار حالة التحديث في بعض ان لم يكن في جل اركان الدولة، والذي من شأنه دفق الحيوية والنشاط في اوصال كل الوطن.

Adel.hawatmeh@gju.edu.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/05 الساعة 09:57