الموقف الخليجي من أزمة الأردن.. فرصة المملكة لحل الخلاف وتجديد الوحدة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/21 الساعة 10:38

مدار الساعة - تمكن الأردن في أزمته الاقتصادية مؤخرًا، من توحيد الصف الخليجي في مسألة الدعم والوقوف إلى جانب المملكة في محنتها، الذي أعلنت عنه السعودية والإمارات والكويت في قمة مكة من جهة، وما تبعه من دعم قطري من جهة أخرى. 

هبة خليجية رغم تواضع مخرجاتها في ظل أزمة اقتصادية عميقة يمر بها الأردن، وفق ما يراها مراقبون، إلا أنها خطوة على طريق حل الخلاف الخليجي القطري. 

والموقف المصري المتمثل بترحيب الرئيس عبد الفتاح السيسي بقمة مكة، التي انبثق عنها حزمة مساعدات بقيمة 2.5 مليار دولار للأردن، دليل قاطع وبرهان ساطع على عمق التفاهمات بين القاهرة والثلاثي الخليجي المقاطع لقطر، وهو ما يعني بأن مصر لن تخالف أي قرار أو مستجد ينتج عن حلفائها فيما يتعلق بالأزمة مع الدوحة. 

وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في 5 يونيو/ حزيران 2017، قطع علاقاتها مع قطر، ثم فرضت عليها "إجراءات عقابية"، بدعوى "دعمها للإرهاب". وتنفي الدوحة ذلك، وتتهم الرباعي بالسعي إلى "فرض الوصاية على قرارها الوطني". 

وتبذل الكويت جهود وساطة للتقريب بين الجانبين؛ إلا أنها لم تثمر عن أي تقدم حتى اليوم. 

وبالعودة إلى عمان، فإن قبولها للمساعدات القطرية بعد يومين من قمة مكة، يشير إلى أنها باتت تعطي مصلحتها أولى اهتماماتها، وتعيش حالة من إعادة رسم لخارطة تحالفاتها في المنطقة. 

وكنوع من إرضاء لأطراف النزاع الخليجي، قررت عمان بعد الإعلان عن مساعدات الدوحة، تجميد إعادة سفيرها إلى طهران بعد نحو عامين من سحبه، لتؤكد بأنها تقف إلى جانب السعودية في صراعها مع إيران. 

سياسة خارجية متوازنة تشهدها المملكة الأردنية، فرضتها الأزمة الاقتصادية، وما نتج عنها من احتجاجات عمت أرجاء البلاد مؤخرًا، تفتح الطريق لها للخروج من سياسة الصمت أو شبه الحياد تجاه الأزمة الخليجية، ولعب دور الوسيط لحل الخلاف وإعادة الوحدة.

ويعاني الأردنيون منذ مطلع 2018، موجة غلاء حاد في أسعار السلع الرئيسة والخدمات، طالت "الخبز" أبرز سلعة شعبية في السوق المحلية. وتعاني موازنة الأردن للعام الجاري، عجزًا ماليًا بقيمة إجمالية 1.753 مليار دولار، قبل التمويل. 

**أمن الأردن واستقراره ينعكس إيجابًا على الخليج 

ومن منطلق العلاقات والروابط بين الأردن ودول الخليج، إضافة إلى الدور الذي تلعبه عمّان في حماية أمنها، اعتبر محمد بني سلامة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة "اليرموك" (حكومية) أن المساعدات المقدمة لبلاده من تلك الدول، أقل بكثير مما يجب أن يُقدم. 

وأضاف "بني سلامة" في حديث للأناضول "ما قدمته وما تقدمه دول الخليج لدول محتاجة كمصر ولبنان، ومؤخرًا إثيوبيا، يدل على أنها تقدم بسخاء للآخرين وتبخل على الأردن.. الأردن أشبه بسد منيع في ظل الخطر المحدق بالمنطقة، وما تتعرّض له من تهديدات داخلية وخارجية". 

وارتأى "بني سلامة" أن بلاده "أخفقت" في سياستها الخارجية تجاه الأزمة مع قطر، لافتًا إلى أنها "وقفت في المنطقة الرمادية، ودفعت الثمن في وقت كان يجب على الأردن أن يوازن بين المصالح والقيم، بمعنى أن يتخذ موقفًا يحقق مصالحه دون التخلي عن ثوابته". 

وفي السياق ذاته، نوّه "بني سلامة" إلى أن "الأردن نتيجة هذا الموقف كان محاصرًا ومعزولًا" ، مستشهدًا بوضوح ذلك في "تهميشه تجاه ما بات يعرف بصفقة القرن"، على حد تعبيره. 

و"صفقة القرن"، هي خطة تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات، بما فيها وضع مدينة القدس الشرقية، تمهيدًا لقيام تحالف إقليمي تشارك فيه دول عربية وإسرائيل، لمواجهة الرافضين لسياسات واشنطن وتل أبيب.

وفيما يتعلق بالموقف الأردني من إيران وتهديد الأخيرة لدول الخليج، رأى بني سلامة أنه "يجب على الأردن أن يتخذ سياسة التقارب مع تركيا؛ لأنها أسلم له ولا تغضب دول الخليج، وأن إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع تركيا كان قرارًا أدرنيًا خاطئًا". 

وأشار إلى أن "تركيا أقرب للأردن ودول الخليج؛ لاعتبارات كثيرة، خاصة في ظل مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية". 

**دور الوسيط لرأب الصدع في الأزمة الخليجية 

من جانبه، اعتبر خالد شنيكات، الأكاديمي الأردني والباحث في الشؤون السياسية، أن "الدعم الخليجي للأردن يعد تأكيدًا لطبيعة العلاقة الأردنية الخليجية واستراتيجيتها".

وقال في حديث للأناضول، إن "هذه المساعدات مؤشر على ارتباط الأمن الخليجي بالأمن الأردني، حيث تتشابه التركيبة الاجتماعية للمملكة مع دول الخليج، وكذلك تتشابه النظم السياسية الخليجية مع النظام السياسي الأردني بالمجمل". 

وأضاف: "كلا الطرفين؛ الخليج والأردن حافظ على استقراره رغم عواصف عدم الاستقرار والفوضى التي تحيط بالمنطقة، وطالما كان تعزيز دعم الأردن يصب في الأمن الخليجي والعربي ككل، ومواجهة التغيرات البنيوية المتوقعة للمنطقة في المدى المنظور". 

وتابع: "لقد أعطى الدعم الخليجي للأردن مؤشرًا بأن الأمن الخليجي موحد رغم انقسام دوله، وكلا الطرفين (الثلاثي الخليجي المقاطع وقطر) اتفقا على أهمية دعم الأردن، واستجابا للأزمة بنفس الطريقة تقريبًا، وهذا يعكس رؤية مشتركة وتقدير متشابه في فهم الأمن الخليجي الحقيقي والتهديدات التي تعرضه للخطر رغم عدم التنسيق بين الطرفين نتيجة حالة الانقسام الحالية". 

وأردف شنيكات: "باعتقادي أن عودة الصف الخليجي موحدًا هو مصلحة حيوية للأردن وللخليج نفسه، بل إن الدعم الخليجي يشكل فرصة للسير في السياسات الموحدة والتخلي عن الانقسامات، وذلك لتأثيراتها على الأمن الخليجي المشترك نفسه من جهة، وما له من تداعيات على الأردن من جهة ثانية". 

وأشار إلى أن "وحدة الصف الخليجي ستحول دون تزايد التدخلات الإقليمية والدولية وتعزيز الانقسام بين الدول الخليجية، واستغلالها لحالة الانقسام من جهة ثالثة". 

ولفت إلى أن "دور الأردن ضروري بالتعاون مع الكويت، التي سعت لاحتواء الأزمة منذ البداية؛ لرأب الصدع ومحاولة الوصول إلى تسوية ترضي جميع الأطراف؛ سعيًا إلى إعادة إحياء العمل العربي المشترك ومواجهة التحديات المتعاظمة". 

من جهته، وفي سياق متصل، قال رائد الخزاعلة، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأردني (الغرفة الأولى للبرلمان): "نأمل من الطاقم الرسمي الأردني بأن يسعى لرأب الصدع بين الأشقاء، فنحن في أحوج الظروف لتوحيد الصف".

ووصف الخزاعلة الحالة العربية والخلافات الحاصلة بـ"المشرذمة"، مضيفاً: "ما أضعفنا هو الخلاف الدائم، وعلينا ترجيح صوت العقل".

الاناضول

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/21 الساعة 10:38