من وحي كأس العالم في موسكو
مدار الساعة – اعداد : عبدالحافظ الهروط
حفل الافتتاح
لم يكن حفل افتتاح كاس العالم 2018 التي تدور احداثها في روسيا، بحجم تطلعات المشاهدين عبر الشاشات والمتابعين من فوق المدرجات وخصوصاً ان البلد المستضيف له من الخبرات الكبيرة في التنظيم الرياضي والتفوق في تنظيم الاولمبيادات.
هل لأن الاتحاد السوفياتي تفسّخ، أم ان روسيا قد اشغلتها اعادة البناء وان الحروب التي انتقلت بها الى منطقة الشرق الأوسط لإستعادة دورها السياسي والاقتصادي والعسكري كأحد القطبين في العالم وراء هذا الظهور الباهت؟!
قد يقول قائل : ان افتتاحيات كأس العالم عادة ما تظهر مغايرة عن المناسبات الرياضية الأخرى، حالها حال المستوى الفني لفريقي الافتتاح الذي لا يرضي الجمهور.
لقد طغى الجانب الغنائي على الحفل، لا ادري لماذا !
اللغة العربية سيدة اللغات
لفت رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جياني انفانتينو انظار العالم المتابع للحدث الكروي وهو ينطق باللغة العربية في كلمة الافتتاح "احبائي، اهلاً وسهلاً الى كأس العالم في روسيا"فيما كانت الابتسامة تغمر محيّاه،وهو يغازل الجمهور.
بالطبع تبقى اللغة العربية سيدة اللغات واجملها،لا لأنني عربي، ولكن لقواعدها ووقعها الموسيقي على مستمعيها..اسألوا انفانتينو.
العرب ورمي المناديل البيضاء
على عكس الملاكمين الذين يسقطون مبكرين بالضربة القاضية فيسارع مدربوهم لرمي المناديل البيضاء خشية الاجهاز عليهم من منافسيهم،تصمد المنتخبات العربية امام نظيراتها حتى الدقيقة الأخيرة من زمن المباريات او الوقت المبدد منها فتهتز الشباك بالهدف القاتل او هدف الترجيح.
فقط، المنتخب السعودي الوحيد من المنتخبات العربية الذي ترّنح ولا نقول ترشّح مبكراً امام "الدب الروسي" بالخمسة، فيما خسر المنتخب المصري وهو يقابل المنتخب الاورجوياني بهدف، ومثله كان المنتخب المغربي بخسارة براسية مدافعه افرحت المنتخب الايراني الذي لم يحلم بها أصلاً.
بالمقابل رفض المنتخب التونسي الحفاظ على هدية ضربة الجزاء وتسجيله هدف التعادل رداً على منافسه منتخب انجلترا،عندما استهلك وقت المباراة مدافعاً وقد قبل الحصار فكان الهدف في الوقت المبدد الذين افقده النقاط الثلاث.
وعلى طريق الخسارات المعاكسة للشعارات والعبارات الفضفاضة في الاعلام العربي عاد المنتخب المصري ليقع فريسة لأصحاب الدار بثلاثية بدأت مع مطلع الشوط الثاني، فلم يكن الا ضربة جزاء قلص بها محمد صلاح فارق النتيجة.
"ما عربي أحسن من عربي" الا بالتهريج الاعلامي والشعبي، فنحن عند التأهل نضع منتخباتنا العربية وكأنها تتاهل على الدوام لكأس العالم وليس بعد سنين وعقود، وانها تلعب مع البرازيل او المانيا او فرنسا او اسبانيا او الارجنتين في المباراة النهائية، والحقيقة انها تخرج من الدور الأول، وفي احسن الأحوال للدور الذي يليه.
انها ثقافتنا الرياضية العربية بامتياز وهي ثقافة "عمى الألوان" صنعتها ادارات الرياضة قبل ان نسحج وراءها على غير هدى.
الرئيس الآيسلندي و"الفشخرة"
ضرب رئيس دولة آيسلندا جودني يوهانس البروتوكلات الرئاسية و"الفشخرة" عرض الحائط ليحشر نفسه بين جمهور بلاده متابعاً مباراة المنتخب الآيسلندي ومشجعاً وهو في حالة وقوف،تاركاً المنصات الشرفية لغيره من الرؤساء والشخصيات.
دلوني على مسؤول عربي او موظف درجة عاشرة "لا يباطح" من اجل الجلوس على المنصة، حتى لو لم تكن هناك منصة في ملاعبنا؟!.
البقاء للانتماء الوطني
كل النجوم دون استثناء تنتهي نادويتهم عندما تبدأ بطولة كأس العالم، فالانتماء للوطن لا غيره.
أكثر الاندية في العالم تستقطب النجوم الكبار، هي في اسبانيا وانجلترا، فيما اكثر الدول المصدرة للنجوم البرازيل وفرنسا والارجنتين.
واشهر ناديين في العالم هما برشلونة وريال مدريد ، وفيهما اشهر نجمين في العالم، الارجنتيني ميسي والبرتغالي رونالدو، ومع انهما يلعبان في منتخبي بلديهما الا ان الانظار تتجه لهما بـ "عيون" برشلونية مدريدية.
ولكن السؤال الافتراضي : ماذا لو واجه المنتخب الاسباني نظيره البرتغالي؟
كيف يتعامل المدافع راموس مع زميله في ريال مدريد المهاجم رونالدو؟
والسؤال ذاته : ماذا لو واجه المنتخب الارجنتيني نظيره الاورجوياني ، كيف يتعامل المدافع ماسكيرانو مع زميله في برشلونة المهاجم سواريز؟
وكيف لو ان المدافعين تسببا في اصابة زميليهما المهاجمين؟
عالم كرة القدم قائم على التنافس، وعلم الوطن لا تفاوض على الوانه بالمطلق حتى لو كان المتنافسون يرتدون قميص اللون الواحد في النادي الواحد.
.. والجمهور لا يقل اثارة عن النجوم
لم يعد النجوم في الملعب وخارجه وحدهم الذين يصنعون الاثارة فقد غدت الجماهير في سلوكياتها وأزيائها وصرعاتها تنافس النجوم وتنتزع الاعجاب.
واذا كانت هناك افراح على ارض الملعب واهداف تسجل في الشباك فإن على المدرجات ما هو اكثر .
انه جنون اللعبة وجنون الشعوب التي اوجدت كل هذا الصخب وهي تروَض وتلحق كرة القدم في كل اتجاه.