ما أسعد الملك في زيارته لجامع العرب ؟!
فاجأ الملك أهل الزرقاء ومصي جامع العرب في زيارة ملكية رمضانية خاصة للاحتفال بافتتاح جامعهم العتيق الجديد بعد إعادة اعماره بطريقة هندسية فريدة تدهش عين الناظر وتحاكي فنون العمارة الاسلامية بأقواس بواباته ونوافذه الأجمل وتصاميمه المتنوعة وعلى مستوى المنطقة.. وتأخذك رحابة المكان وفضائاته الواسعة المريحة إلى أجواء الإيمان وطمأنينة النفس بالرغم من أن مساحة الأرض المقام عليها الجامع هي (٨٠٠) متر مربع إلا أنها اتسعت لمساحة بناء قدرت بحوالي (٤٥٠٠) متر مربع.
لله دركم أيها القائمون على هذا الإنجاز.. جعلتم من هذه المساحة الصغيرة متسعاً لحوالي (٥٠٠٠) مصلٍ مع ما يقدمه الجامع -حصريا- على مستوى المنطقة من خدمات صحية وتثقيفية دينية وتعليمية لنشر الفكر المعتدل وتوجيه طاقات الشباب وخدمات متنوعة ومجهزة بسبل الراحة ضمن أحدث التصاميم والتجهيزات ما سيجعلك تنبهر أمام هذا الإنجاز الذي يتزامن مع مئوية تأسيسه.
ومن ضمن ما يميزه مئذنة بتصميم فريد بارتفاع (٦٠) متراً وتحمل شاشاتين عملاقتين بمساحة (٣٠) متراً مربعاً لكل منهما.
وكان في استقبال جلالته إمام الجامع الشيخ احمد الزعبي واللجنة الموقرة حيث إطلع جلالته على مادة مصورة عبر الشاشات داخل الجامع عن مراحل البناء ومرافق الجامع ومن ثم شرح موجز قدمه الشيخ الزعبي. وبعد الزيارة بيوم بعث جلالة الملك بكتاب شكر خطي خاص للقائمين على الجامع والمصلين واهل المنطقة والزرقاء واهل الإحسان ممن أسهموا في إعادة الإعمار. وقد قرأه الشيخ الزعبي على مسامع المصلين في خطبة العيد مما كان له عظيم الأثر في نفوسهم.
.. ويحكي الجامع والذي تم تشييده بعد مسجد الشيشان قصة الزرقاء -المدينة- مع شقيقيه مسجدي الشيشان وعمر. ومسجد الشيشان الذي سمي فيما بعد بأبو بكر الصديق رضي الله عنه هو أول مسجد تم بناؤه في الزرقاء في حين أن مسجد الشوام الذي سمي لاحقا بجامع عمر بن الخطاب رضي الله عنه هو ثالث مسجد تم بناؤه في الزرقاء. ومحبة بالمسجدين آنفي الذكر تم تسمية البوابتين الكبيرتين لجامع العرب بأسماء هذين المسجدين. ويعود بناؤه الأول منذ عشرينيات القرن الماضي وعلى مراحل وبالتدريج كلما دعت الحاجة لتوسعته مع ازدياد عدد السكان والمصلين من أبناء الحي والزرقاء.
لم يكن يدري الشيخ أحمد الزعبي وهو من منتسبي الجيش العربي أن جلالة الملك الذي كرمه بشهادة تقديرية في العام (١٩٩٦) حينما كان جلالته قائدا للقوات الخاصة سيعاود تكريمه مع اهل الزرقاء على جهوده المبذولة في إعمار الجامع كإمام لجامع العرب وكرئيس لجنة إعادة الإعمار ..وكان لتكريم جلالته الاول للشيخ الزعبي عظيم الأثر والمثابرة ومواصلة الجد والاجتهاد وحافز للنجاح في مسيرته لخدمة المجتمع وخاصة في قرار إعادة بناء الجامع وتوسعته.
ويتكون الجامع الآن من (٤) طوابق بالإضافة إلى طابق التسوية ويتسع (٤٥٠٠) مصلي بدلا من (١٢٠٠) مصلي كما كان في العام (٢٠١٥) ويستخدم الجامع الطاقة الشمسية البديلة بالكامل. تأسس الجامع عام (١٩٢٠) وقام الجيش بتوسعتة الأولى في الثلاثينات من القرن الماضي. فيما كانت التوسعة الثانية نهاية الخمسينات وبداية الستينيات. وفي السبعينيات تم توسعتة باضافة الجزء الجنوبي من الأرض وبقي المسجد على هذا الحال حتى العام ٢٠٠٦ حيث تم عمل صيانة شاملة وموسعة بعد أن تعرضت جدرانه ومرافقه الى التشققات والاهتراءات.. حتى جاء العام ٢٠١٥ حيث تقرر إعادة بناءه كاملا من جديد بدل تغيير مرافقه الصحية التي تضررت وأستوجب إزالتها بالكامل. وعن تفاصيل الجامع بشكله الجديد فقد أصبح يتكون من أربع طوابق بالإضافة إلى طابق التسوية الذي يضم دار نموذجية لتعليم القرآن الكريم للنساء ضمن مدخل خاص ومواضئء ودورات مياه خاصة ومنفصلة عن المتوضأ الرئيسي الكبير والمجهز بأحدث التقنيات والذي يخدم حتى ذوي الاحتياجات الخاصة ويمكن الوصول إليه بالمصعد أو الدرج الداخلي الموصول مع المصلى الرئيسي في الطابق الارضي. كما يضم طابق التسوية مركز صحي شامل الاختصاصات من طب الأسنان والأطفال والنسائية والطب العام والطوارئ وبرسوم رمزية. أما الطابق الاول (فوق) الارضي فهو مخصص من أجل الصم والبكم من أجل تعليمهم أمور دينهم لأن الدين يعنى بأمور أبناء المجتمع جميعا وخاصة من ذوي الاعاقة. الطابق الثاني ويضم مركزا ثقافيا ويحتوي على مكتبة وغرف صفية وقسم خاص بالحاسوب أما الجزء الثاني من هذا الطابق فهو مصلى للنساء ومخدوم بمصعد ومواضئء حديثة وجزء منها مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة. الطابق الثالث فو مصلى الجمعة وهو يتميز بأنه الأوسع أما الطابق الرابع فهو مفتوح ومهوى ومفتوح بالكامل من الاتجاهات الأربعة ويسمى المصلى الصيفي ويمتاز بمساحته الكبيرة ونوافذه معدنية معزولة تفتح باتجاه الأعلى كهربائيا يبلغ عددها (٢٧) ويبلغ ارتفاعه الطابق (٦) أمتار مما يمنح المصلي شعور بأريحية كاملة وتهوية كاملة حيث يصلى به أوقات الفجر والمغرب والعشاء.
جميع جدران المسجد ونوافذه معزولة بالكامل وفق أحدث التصاميم حتى نوافذه معزولة بطبقتبن من الزجاج محقونة بغاز الارجون العازل للصوت والحرارة والبرودة. الجامع مجهز بمكيف مركزي قدرته ١٢٥ طن، وقد بلغ مصروف الطاقة في شهر رمضان الكريم (١٤) الف كيلو واط تم تغطيتها بالكامل من خلال الطاقة الشمسية وتوفير (٦٠٠٠) كيلو واط مستردة من الشركة. كما أن هناك نظام تهوية مركزي حديث يقوم بدفع الهواء من الخارج ودفعه من الداخل إلى الخارج ليبقى الجو نقيا. ونظام دورة مياه الوضوء مركزي الكتروني ويتم التحكم بدرجة حرارة المياه بالإضافة إلى وجود نظام تبريد مركزي لمياه الشرب المفلترة المتوفرة في جميع الطوابق. وهناك شاشات داخلية كبيرة في الطوابق بهدف الإرشاد والتعليم والاعلان من ضمنها الشاشتين الكبيرتين على المئذنة من أجل الارشاد والاعلان وعملهما كساعات ضخمة. مبنى الجامع مخدوم بثلاث مصاعد ومصعد رابع للنساء ومخدومة طوابقه بادراج سلالم من (٣) جهات. واستغرق البناء حوالي سنتين ونصف.
ويقول الشيخ أحمد الزعبي إمام الجامع بتوفيق من الله عز وجل ومن ثم حنكة وجهود اللجنة وأهل الحي والإحسان والتبرع إنخفضت التكلفة إلى الثلث من إجمالي التكلفة الحقيقية وأن الجميع ساهم في البناء من أبناء الزرقاء وخاصة أبناء الحي والشكر موصول الى اللجنة المكلفة بجمع التبرعات التي تبنت منهجية ميسرة وفتحت المجال للتبرع لجميع شرائح المجتمع وأن جميع التبرعات كانت من أبناء الاردن وعلى النحو التالي:
اولا: عن طريق الايداع في البنك.
ثانيا: عن طريق الدفع للجنة مقابل سند مالي.
ثالثا: عن طريق الدفع للشركات والمؤسسات التي تقوم على بناء الجامع وتزويده بمواد البناء وغيره.
رابعا: التبرع بالمواد الإنشائية وغيره.
ومما أشعر اللجنة بالفخر والاعتزاز ما قامت به نساء الحي من بيع الحلي والمجوهرات وإقدام طفلة صغيرة على اهداء حصالتها من أجل إعادة البناء. وقامت اللجنة في بادىء الأمر بعمل مطويات ونجحت في نشر فكرتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وغيره مما مكنها من الحصول على التبرعات اللازمة.
وشكر الشيخ احمد الزعبي جلالة الملك على افتتاحه للجامع ومكرمته بتجهيز المركز الثقافي وقاعة الحاسوب بالكامل. ويأمل بتعميم التجربة على الجوامع الأخرى في الوطن. وفي أهمية توفير الكلفة التشغيلية لمرافق ومراكز الجامع من أجل الاستمرارية في خدمات شاملة لفئة مجتمعية فقيرة مستحقة.
أعتقد أن الابتسامة التي رسمها جامع العرب على محيا الملك هي أن ليس هناك مستحيل وأن إعادة الدور الحقيقي للجوامع كمؤسسات تربوية ثقافية دينية ترعاهم وتساهم في بناء المجتمع ونشر الاعتدال هي سبيل الارتقاء.