لأنها قطر ولأنهم أردنيون!

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/18 الساعة 19:30
خالد وليد محمود يبدأ الحديث عن تأسيس لعلاقات قطرية أردنية وأقصد الدبلوماسية على مستوى السفراء عام 1972، رغم أن البعض يؤرخ لتلك العلاقات إلى ما قبل 1971، أي إلى ما قبل استقلال الدولة، عندما استضافت قطر مجموعة من الموظفين الأردنيين في المجالات التعليمية والقضائية والاقتصادية والعسكرية. وكغيرها من العلاقات الدولية التي لم ترتق لأعلى المستويات من التعاون المطلق والمثالي ووجهات نظر موحدة وقواسم مشتركة والسير على خريطة طريق واحدة، إلا أن أي مراقب يستطيع القول وبضمير واثق بأن العلاقات القطرية والأردنية وإن لم تكن مثالية وشابها في بعض محطاتها «عتاب المحبة» إلا أنها امتازت بسموّها، وانبنت على روح الأخوة والعروبة ووحدوية وجهات النظر وقدسية الروابط. ولطالما قامت العلاقات على قيم ومبادئ راسخة ومبنية في جوهرها على الاحترام المتبادل، ذلك الاحترام الممزوج بمبادئ وأهداف وقواسم مشتركة. نعم كانت هناك رسائل «عتاب» بين الدوحة وعمّان، إلا أنها لطالما كانت تنتهي دوماً بالتراضي، شأنها شأن أغلب العلاقات الدولية. فمن الصعب أن ترى كدارس للعلاقات الدولية -منذ نشوء الدولة الحديثة- أنموذجاً لأي دولتين لديهما أعلى المستويات من التعاون المطلق والمثالي أو وجهات نظر موحدة وقواسم مشتركة والسير على خريطة طريق واحدة؛ في الوقت الذي تشهد فيه معظم الدول منذ تأسيسها تحولات على كافة الأصعدة السياسية منها والدبلوماسية على حد سواء. فألف باء السياسة يقول بأن العلاقات بين الدول تقوم على تبادل المنفعة والمصلحة في الأساس، وتتوطد بناء على درجة الاقتراب والابتعاد طردياً من تلك المصالح البينية. ما حدث بين الدوحة وعمّان على أثر أزمة الحصار الذي تعرضت له قطر، لم يكن عتباً متبادلاً، وإنما جاء -حسب مسؤولين أردنيين- استجابة لحالة خلاف بينية خليجية اضطر الأردن مكرهاً أن يكون أحد أطرافها، حيث خفض التمثيل الدبلوماسي بعد أن كان قد التزم الحياد في أزمة سحب السفراء في عام 2014. وقد تفهمت الدوحة منذ اللحظة الأولى الإجراءات الأردنية، وقدرت حجم الضغط الذي مورس عليها. كمراقب، أستطيع القول بكثير من الثقة بأن للأردن وقطر تاريخاً مشرفاً وعلاقات مميزة لو شابتها في فترة من الفترات خلافات أخوية لكنها دائماً تنجلي وتنقشع وتختفي عندما يجدّ الجد، ويعودان إلى خندق واحد وبما يخدم الدفاع عن قضايا الأمة. فالأصل في العلاقات القطرية الأردنية أن تكون قوية ومتينة وتخدم مصالح الشعبين. فبين عمّان والدوحة الكثير من القواسم المشتركة والتاريخ الطويل من العمل المنسق والثقة المتبادلة. وفي نهاية المطاف، فإن المستفيد الأول من هذه العلاقات هو الشعب الواحد في البلدين الشقيقين. إن الشعب الأردني يقف مع الحق مهما يكن الثمن، كريم في طبعه وغيور على مصالح أمته وصاحب خلق ومضياف، وما يميزه أنه صاحب نخوة وعزة نفس كبيرة. والشعب القطري معروف بمواقفه المشرفة والمتميزة إلى جانب الحق ومناصرة القضايا العادلة، وموقف قطر الداعم بحزمة المساعدات الاقتصادية الأخيرة للأردن هو موقف نبيل وغير غريب عن القيادة القطرية ومنبثق عن الرؤى الأخوية العربية التي تقدمها وتلتزم بها الدوحة تجاه أمتها العربية والإسلامية. فاصلة؛ بعد تخفيض التمثيل الدبلوماسي أي قبل أكثر من سنة من الآن كتبت على صفحتي في «فيس بوك» بعد أن راج حديث بين الجالية الأردنية في قطر التي يقدر عددها بحوالي خمسين ألفاً يعملون بكل القطاعات ويلقون كل التقدير والاحترام، قلت: «لن ترحّل الدوحة الأردنيين بل ستزيد من إكرامهم.. ببساطة لأنها قطر ولأنهم أردنيون». وقد تحقق ما قلته؛ آملاً لهذه العلاقة المضي لمزيد من التعاون والتقدم والازدهار. فالخلاف في وجهات النظر لم ولن يفسد يوماً للود قضية، ثمة مشتركات كبيرة وآفاق جديدة واحترام متبادل، يحقق المزيد من النجاحات التي تقدرها الشعوب وتعتبرها موضع فخر وتقدير وسيسجلها التاريخ بحروف من نور. العرب القطرية
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/18 الساعة 19:30