الاشاعات تخرب الاوطان والمجتمعات

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/04 الساعة 19:51
ان ما يسمى بالاشاعة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالكذب الذي يتعمق في بعض الناس ليصبح مرضا خطيرا على الشخص نفسه ومن حوله.. فالاشاعة كذبة مصطنعة ومدروسة بشكل جيد وتتناقل بصورة مقصودة وغير مقصودة وتعمل على تدمير الافراد والجماعات والمجتمعات والدول ايضا.. ومعظم الناس تعرضوا في حياتهم للاشاعة والكذب الذي نهى عنه رب العالمين في الكتب السماوية ونهت عنه كل الاديان, وان الكثير من الكذب والاشاعة المغرضة تصيب الناس المنتجين في العالم والزعماء وكبار القوم سواء كانوا من السياسيين ام المثقفين.. ام علماء الدنيا والدين.. بل ان الاشاعة تذهب الي ما هو ابعد من ذلك حتى انها في الكثير من الاحيان تطيح بالانظمة والحكومات والدول وبالفكر المستنير.. وقد نهى عنها الاسلام بقوة فجاء في الكتاب العزيز قوله تعالى »يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن, ان بعض الظن اثم« صدق الله العظيم.. واطلق على من يبثون الاشاعة بالطابور الخامس وهو مصطلح متداول في ادبيات السياسة وعلم الاجتماع, وبدأ اثناء الحرب الاهلية الاسبانية عام 1936 والتي استمرت ثلاث سنوات واول من اطلق هذا التعبير احد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد وكانت تتكون من اربعة طوابير من الثوار فقال حينها ان هناك طابوراً خامسا يعمل مع جيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية الماركسية داخل مدريد.. وتدرج المصطلح حتى اصبح يطلق على الجواسيس في اشاعة الاكاذيب والافكار الهدامة للاطاحة بالدول والمجتمعات.
وان من اكثر الناس استخداما للاشاعات والاكاذيب هم اليهود الذين حاكوا قصة المحرقة النازية »الهولوكوست« ليدمروا المانيا ويحتلوا فلسطين.. وان كل من انكر هذه المحرقة يتعرض للتشويه والمحاكمة والانتقاص كما حصل مع الفيلسوف الفرنسي روجيه غارودي الذي الف كتابا عن اكاذيب المحرقة.. وقد التقيت بالفيلسوف غارودي وزوجته في مجمع النقابات المهنية في عمان واوضح لي انه لا وجود لمحارق نازية ضد اليهود وما هي الا اكاذيب واشاعات مضللة.. فحكم على جارودي ضد افكاره ومنع من الكتابة وابداء الرأي حتى وافته المنية.. كما ان اليهود اثاروا شائعات كاذبة عن بيع الشعب العربي الفلسطيني لارضه حتى صدقهم اقلية من العرب والكثير من العالم رغم ان هذا الشعب العظيم ناضل من اجل وطنه منذ ما يزيد على المائة عام ومع بداية الحرب العالمية الاولى التي اطاحت بالدولة العثمانية وجاء البريطانيون والفرنسيون ليقيموا لليهود دويلة المسخ الصهيوني على ارض فلسطين.
وعلينا ان نتحصن جميعا ضد فيروس الاشاعات والاكاذيب بشكل جيد من خلال مطعوم الثقافة والمحبة والتعاون والثقة المتبادلة بين الحكومات والشعب وبين المجتمع على مختلف مكوناته وتنظيماته الحزبية والسياسية واذا ما تم التحصين جيدا فالفشل والفوضى سيسودان ويطيح بكل ما هو كبير وصغير واخضر ويابس وكثير من الدول هزمت بسبب الاكاذيب والاشاعات المغرضة وهو ما نشاهده الان في كل من العراق وسوريا وليبيا وكل الدول العربية التي تعرضت للتقسيم والتفريق. وعلينا ان نعترف بأن ما من زعيم عربي وطني مكافح مناضل ضد الصهيونية والكيان الاسرائيلي الا تعرض للكثير من الاشاعات والاكاذيب للنيل من سمعته وافكاره المستنيرة كما هو حال زعماء دول عالميين ايضا الذين تعرضوا للتشويه والتقليل من قيمتهم وما زالوا.
ومع التطور التكنولوجي توسعت وانتشرت الاشاعات والاكاذيب بشكل اكثر عبر صفحات التواصل الاجتماعي المختلفة ومن خلال صور مركبة »مفبركة« تغتال الشخصيات وتكون كالسوس ينخر في عظم الدول.. وهنا لا بد من وجود قوانين رادعة خاصة في مجال اخبار بعض المواقع الاخبارية الالكترونية التي تلجأ الى الابتزاز حينا وقتل الشخصيات حينا اخر ومسيطر عليها من قبل اشباه المثقفين.. وايضا لا بد من ضرورة ضبط مواقع التواصل الاجتماعي التي في كثير من الاحيان تهدم وتغذي شريان الكذب والاشاعات والافتراءات بسبب ضعف الثقافة احيانا وبسبب عادات قديمة لا جدوى لها في احيان اخرى.. ونطلب من الله ان يحمي اوطاننا وامتنا ويحصنهم برضى من عنده ضد مثل هذه الاشاعات والاكاذيب والافتراءات المخربة.
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/04 الساعة 19:51