الفرجات يكتب: رد الحكومة على كتاب التكليف.. انحراف كبير عن توجيهات الملك

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/15 الساعة 23:18
كتب أ.د. محمد الفرجات بإهتمام كبير بل وأكبر من لهفة العامة لمعرفة تشكيلة فريق حكومة الرزاز ذاتها، راقبت وإنتظرت بإهتمام بالغ رد دولته على كتاب التكليف السامي. كنت أتغنى نشوة وفرحا أن الدولة الأردنية وأخيرا قد أصبح لها مشروع بعد خمس سنوات من الكتابة والنقاش واللقاءات والترويج، وكتبت عن فرحي وعبرت عن عميق الإهتمام ببوستات ومنشورات كثيرة لدى قراءتي لكتاب التكليف السامي للرزاز، إذ أن هذا ما كنت أدعو له. جلالة الملك جعل الأمر المفصلي الرئيسي في كتاب التكليف السامي أن يطلق الرزاز مشروعا تنمويا نهضويا شاملا، وبين له كذلك مفصلا المحاور والملامح. جلالة الملك الذي يشارف حكمه على العقد الثالث، والذي يقرأ جيدا ما بين السطور يعلم بأن المرحلة تتطلب تغييرات في النهج والهدف وآليات التنفيذ في قيادة دولته، مؤمنا بمبدأ "من لا يتطور ينقرض"، في عالم متنافس لا مكان للضعيف فيه. دولة عمر الرزاز شخصية متزنة حكيمة صاحب فكر عميق ونظرة ثاقبة، ولكن كل ذلك خان الرئيس المكلف، فلم يلتقط الإشارة، ولم يعط (بجزم الياء) حق مشروع الملك في كتاب التكليف إلا عدة أسطر، وتبين بأنها كلام فائض عن الحاجة من بديعيات اللغة، ولم يتبين بأنه سيطلق ويقود مشروعا ينعش الدولة الأردنية، ويوحد الصفوف ويوجه الطاقات ويشحذ الهمم، لماذا، وما هو هذا المشروع، وما هي ملامحه؟ إنه مشروع يعمل الجميع على نجاحه؛ شعب وحكومة، ويقوده الملك ويوجه دفته، ويقيم مراحله، ويقوم أي إنحراف فيه عن المسار. مشروع يجمع الوطن مدنه وقراه وبواديه وأريافه ومخيماته، من شماله لجنوبه ومن شرقه لغربه، يقوم عليه الكبار والصغار، تراه وملامحه ومراحل تقدمه على الأخبار، فنجلس جميعا بلهفة في كل يوم أمام التلفزيون الرسمي لمتابعة تقدم سير العمل به. مشروع إقتصادي بإطار وطني سياسي، يفضي إلى وطن ينعم فيه الجميع بالرفاه والرخاء، بالخدمات التعليمية والصحية بجودة عالية، يقدم فرصة عمل للجميع، لا يجوع ولا يضام فيه أحد. مشروع يسجله التاريخ عن أجيالنا كما نقرأ اليوم عن مملكة الأنباط، وكما نفخر بأننا أحفادهم. مشروع تجد الطفل والعجوز على حد سواء يدافع عن بناه ويدفع العابثين عنه، كما وبختنا العجوز الألمانية مارغريتا عندما كنا مجموعة من الطلبة العرب نعبث بكرسي محطة إنتظار الباص قائلة: لا تعبثوا بما حققناه من سنين من العمل الجاد والمضني لنفخر به اليوم. مشروع ينقذنا إقتصاديا كما أنقذ اليابان وألمانيا بعد دمار الحرب العالمية الثانية. مشروع نفخر فيه بصناعاتنا الوطنية، ولا نقبل إلا عليها، مدعمة ببحث علمي من جامعاتنا، فنهيم فرحا لإختراع أو تحسين في منتج أو خط إنتاج، وسيارة وآلة تصنع في بلادنا. مشروع في كل مرحلة تقدم فيه الخير والتقدم لشعبك يا جلالة الملك. مشروع يشغلنا ليلا نهارا، يشمل نهضة بمدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا، مصانعنا ومشاغلنا وشركاتنا. مشروع يوفر المسكن للجميع، يشعر الجميع بأننا في وطن آمن لا يظلم فيه أحد. مشروع يتحول فيه الأردن لنمر إقتصادي، ويقضي على الفقر والبطالة، ويسد العجز والمديونية، لأنه لا ينقصنا لا مياه ولا طاقة متجددة ولا أيدي عاملة ولا عقول ولا مواد خام، وغير ذلك من حجج باطل ومقولة الضعفاء. مشروع يكبح جماع الذين يستقوون على الوطن بنفوذهم المالي والعشائري وبإسم السلطة والتسلط، ليشعر الجميع بخير في دولة القانون والمؤسسات. مشروع يتابعه الملك ويوجهه ويقيمه ويقومه، ويعكس خيره على شعبه. مشروع يكتب فيه التاريخ أن ملكا أحب شعبه فتفرغ لخدمته وقاد مشروع نهضوي تنموي، عم خيره على مملكته. الواضح ولغاية اليوم بأن أحدا لم يلتقط إشارة الملك، والذي بالأصل وسأعلنها على الملأ لأول مرة (وليصدقني القول جلالته أو ليقل عني بأنني أبالغ، وسأصمت حينها للأبد)، حيث أنه ومنذ توليه العرش يرغب بأن يطلق مشروعا تسير الدولة لتحقيقه (شعبا وحكومة وقيادة)، وتوج ذلك بأوراقه النقاشية والتي بعثرتها الحكومات التي لم تلتقط الإشارة كذلك، وقد عاتبها الملك صراحة في إحدى تصريحاته. البقاء بلا مشروع يعرضنا للخطر، فأوروبا توحدت وتكتلت سياسيا وإقتصاديا، الإمارات تسعى للدخول إلى المستقبل الرقمي والذكاء الإصطناعي والطباعة الثلاثية، تركيا كذلك لها مشروع سياسي إقتصادي، جارتنا السعودية ترسم مستقبلها بمشروع كبير، والأمثلة تطول من مشاريع الدول نحو الإكتفاء الذاتي أو مشاريع غير ذلك. البعثرة وكثرة الخطط والإستراتيجيات تتأتى من غياب المشروع، والإخفاقات ونتائجها وإنعكاساتها على الجهد والمال والوقت سيئة بحق الدولة والأجيال؛ أذكر التحول الإقتصادي والخصخصة، والمفاعل النووي، والعاصمة الجديدة وغيرها الكثير. اليوم يطلق الملك مشروعا للدولة الأردنية، ولا تطلقه الحكومة المعنية، حيث أنها لم تشخص جيدا، فأخطأت العلاج. المشروع الذي طلب الملك إطلاقه يتطلب تهيئة الشعب ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص معنويا لهدف مثل (مديونية وبطالة صفر% عام 2025)، ويوحد الجهود ويناغمها مع المشروع، فتقوم كل مؤسسة بوضع خطتها وفقا لذلك، ويتم تلقي وقياس وتقويم تقدم سير العمل في مجلس الوزراء، ويقوم مجلسي الأعيان والنواب بمتابعة وتحفيز ميداني دوري لصناعاتنا وزراعاتنا ومشاريعنا في كل المحافظات، ويقوم إعلام الدولة والإعلام الحر بالمتابعة الدورية، فيتشكل دعم شعبي مجتمعي هادف ناقد موجه، بالمجمل تجد كل الدولة تدفع بإتجاه النجاح. التغطية المالية وهي الأهم للمشروع، قمت بتفصيلها بصندوق الإستثمار الوطني، وصندوق المغتربين،،وقرى المغتربين الذكية، والمدينة والقرى الذكية المتخصصة، والمشروع الفكري الأردني النبطي العالمي الكبسولة الرقمية، فأصبح مشروعنا تنمويا إقتصاديا سياسيا ثقافيا فكريا، ينفذ عبر العقود القادمة. لم يبق إلا أن ننطلق، البعض يعتقد من كتاباتي هذه وعبر السنين الماضية بأنني أطلب الوزارة، فأقول بأن الفكر الذي نحمله والنهج الذي تولد لدينا لتطبيق رؤية الملك بمشروعه النهضوي، يتطلب أن يحمله رئيس وزراء وليس وزير، وأن رؤساء وزاراتنا -إلا من رحم ربي- تسلموا وعملوا بلا فكر ولا رؤية ولم يكن لديهم مشروع أصلا.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/15 الساعة 23:18