ويلٌ لعُمرّ
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/10 الساعة 11:14
كعادتهم، يبدأ المسؤولون عند النقطة التي ينتهي منها جلالة الملك، حتى الكلام والأفكار الخلّاقة والمبدعة لا يتقنها رعيل المسؤولية الغابروالعابر، فهم يتكلمون لغات عديدة ولكنهم لا يحسنون الترجمة، و كلما تكلم الملك في موضوع وجدنا البلد كلها تذهب في نفس الإتجاه، مع أن ذلك الإتجاه وتلك الإشارة التي تكلم عنها الملك موجودة أمامهم طول العمر ولكن لا أحد يهتم، لهذا نرى اليوم كيف أصبح « الشباب» هم الحواريون الذين سينقذون المخلّص القادم، فقط لأن ترجمة كلام جلالته لم يفهم على النحو الصحيح.
في مقالتي السابقة، كان الموضوع عن الشباب الذين رأينا عيناتهم الرائعة خلال إسبوع الإعتصامات والإحتجاجات ضد قانون الضريبة الجائر وضد حكومة هاني الملقي على الدوار الرابع ودوار الشميساني وفي ساحة التنمية السياسية سابقا، ولم أدرك أن كلمة شباب سوف تصنف أبناء الأربعين بأنهم شباب، يا جماعة هناك فهم خاطىء، وصفي التل عندما شكلّ حكومته الأولى عام 1962 كان يبلغ من العمر 43 عاما ثم استشهد عن 51 عاما، وهو لا يزال يمثل إرثا إمبراطوريا يعادل تاريخ إمبراطوريات الشرق،ولكن وصفي كان يمتلك الرؤية والعقيدة ويعرف تفاصيل المجتمع، حيث بنى مشروعه الوطني الذي قضى عليه، لأن من أخلص لهم تخلصوا منه، ومن دافع عن قضيتهم قتلوه بكل عهر وخباثة ونذالة هم ويسارهم العميل.
اليوم هناك تفاؤل كبير لدى الشارع الأردني وتحديدا لدى «شارع عمان» وهو الذي قرر وأثرّ وغيّر، التفاؤل مصدره شخصية الرئيس المكلف د.عمر الرزاز بما يحمله من إرث ثقافي خليط ما بين الشعبية والعالمية والعمق والبساطة،وهو غير محسوب على تيارات لفوضى السياسية المحلية من أحزاب فردية وجماعات يتسلق بعضها ظهر بعض، ورغم تصنيفه التكنوقراطي ،وبعض قطبة للحاجبين، إلا أنه يمتلك هالة أضفت عليه الأمل بأن يكون الحوارّي الثالث عشر ، ليقود أسراب العصافير لتغرد خارج هذه الحديقة البائسة.
د الرزاز يمكنه بالثقافة أن يغير ما لا يغيره جيش الصين العظيم ، فعندما يكون المسؤول الأول قدوة مثالية ، فهذا بداية الطريق نحو مدينة تمتلك شرفات فاضلة على الأقل، ولهذا رغم معرفتنا بالرجل ودماثته وأرستقراطه الأدبي، فإن الحزم والشدة في التعامل مع القضايا الوطنية، ووحدة الشعب بلا مفرّق ولا فتّان، وحماية سلطة وهيبة الدولة، هي أولويات يجب أن لا تخضعه لسلطة من عاثوا خرابا بتربية ومنهج سلك شباب الوطن، الذين يستغلهم « مجلس مصالح السوفييت الأعلى البيروقراطي» والديناصورات المتحجرة التي تهرب من دفع الضرائب أوالزكاة أو تقديم المساعدات للفقراء، أولئك الذين هربوا بأموالهم الى دول حولنا واستثمروا هناك،ثم نجدهم في الصالونات يمدحون ويقدحّون.
في الزمن العربي الإسلامي،الذي لا أريد أخذه كمثال تلزيمي، كان هناك ثاني قائد للدولة الإسلامية بعد الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وأبو بكر الصديق رضي االله عنه، هو الخليفة عمّر بن الخطاب، ولا زال ذاك الخليفة مضربا للأمثال ، وموضوعا لكتب العبقريات القيادية، فكان عمرّ يتفقد بيوت المدينة ليلا، حيث وجد إمرأة تطبخ الحجارة بالماء وعيالها يبكون،فسألها ما الذي تفعليه يا امرأة: فقالت له إليك عني، ويلٌ لعمرّ، فقال لها: وما يدري عمر بك يا أختاه، قالت: « لقد تولى أمرنا ثم غفلّ وانشغل عنا بغيرنا «، فيذهب عمر ومعه خادمه زيد بن أسلم يهرول ليأتيها بالدقيق وهو يقول: ويل لعمرّ.
اليوم رئيسنا الجديد عمر، نرجو االله التوفيق، ولكن لا نريد أن نراه يولول ، فهذه السعودية والإمارات والكويت تداعت أخيرا الى النظر بعين العطف على شقيقتهم الأردن ، فهل يعطف على بلدنا أبناؤها الذين أكلوا خيراتها وتركوا حكوماتنا لصراع أشباح الدائنين، ممن نعرف ومن لا نعرف، ومهما جاءنا من فياضانات نقدية ، إذا لم يدخل ويخرج كل دينارعن طريق الموازنة العامة، ليعرف أين تنفق الأموال وفي أي الوجوه وإذا بقي إنجازنا شوارع ومطبات ، فحينها سيجد الرئيس نفسسه يولول: ويل لعمرّ لقد أثبت أبناؤنا خلال إسبوع أنهم يستحقون الأفضل، وثبت بعين الواقع أن الرؤوس الحامية وأهل العِناد والإنكار هم سبب دمار أي بلد يتحكموا به..
كل عام وانتم بخير
الرأي
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/10 الساعة 11:14