الفرنسية: سحب «الضريبة» نزع فتيل الأزمة لكن هامش مناورة الرزاز محدود

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/09 الساعة 08:51

مدار الساعة - موسى حتر (أ ف ب) نزع تعهد رئيس الوزراء الاردني المكلف عمر الرزاز بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل فتيل الأزمة بعد أسبوع من الاحتجاجات في الاردن لكن هامش المناورة امامه محدود في بلد تجاوز دينه العام 35 مليار دولار.

واثار مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي اعلن الرزاز الخميس نيته سحبه والذي يتضمن زيادة الاقتطاعات من دخل الافراد بنسب تتراوح بين 5% وحتى 25%، احتجاجات لم تشهدها المملكة منذ سنوات كان ابرزها عام 2011 اثر رفع الدعم عن المحروقات.

ولم تشهد العاصمة عمان الخميس لأول مرة منذ اسبوع اي احتجاجات تذكر، واعلن الرزاز ان سحب القانون "غير العادل" سيتم عقب اداء القسم امام الملك الاسبوع المقبل.

ويقول احمد عوض، مدير مركز "الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية" لفرانس برس ان "مشروع القانون كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير لانه يوجه ضربة قاصمة للطبقة الوسطى بشكل رئيسي ولهذا رأينا النقابات والجمعيات العمالية انتفضت ضده".

واوضح عوض ان "الاردن ومنذ ثلاثة عقود يطبق سياسات اقتصادية غير شعبية وهو يعمل منذ 1989 بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي".

والتزمت المملكة المحدودة الموارد والتي تعتمد بشكل كبير على مساعدات خارجية خاصة من واشنطن والاتحاد الاوروبي ودول خليجية بتوجيهات الصندوق لاصلاحات اقتصادية تخفض العجز السنوي مقابل الحصول على قروض.

واشار عوض الى ان "الامور تفاقمت في آخر عامين، والسياسات الاقتصادية باتت أكثر قسوة وابرزها تقديم الحكومة مشروع قانون ضريبة دخل غير عادل".

واكد ان "القانون يفتقر لابسط قواعد العدالة الضريبة وكان سيزيد التباطؤ الاقتصادي من خلال اضعاف القدرات الشرائية للمواطنين ما ينعكس على تعميق حالة التباطؤ الاقتصادي والتراجع الاقتصادي الذي يشهده الاردن".

وسجل معدل النمو الاقتصادي في الاردن عام 2017 نحو 2% ويتوقع ان ينخفض عن 2% لعام 2018.

وتراجع معدل الاستهلاك بداية شهر رمضان الحالي بنسبة 20% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما غابت الخيم الرمضانية عن المشهد هذا العام.

وتراجع التداول العقاري، وهو من القطاعات الأهم والانشط في الاردن، منذ مطلع العام بنسبة 10% فيما تراجع العام الماضي بنسبة 18%.

ويتفق المحلل لبيب قمحاوي مع عوض، ويرى ان "مشروع القانون غير عادل وفجر الأمور واستفز الناس" معتبرا انه "كان من غير الممكن ان يقر بشكله هذا لانه قانون عرفي وجبائي جنائي الاصل فيه الجباية والعقوبة".

واضاف ان "ما حصل الاسبوع الماضي يحصل لأول مرة في تاريخ الاردن فقد التقت كل طبقات الشعب من اغنياء وفقراء وطبقة وسطى من مختلف القطاعات ضد هذه السياسات".

واشار قمحاوي الى ان "الحكومة كانت ستضرب الشعب بكل قطاعاته وهذا ما قاد الى اجماع ضدها كونه الشعب لم يعد يحتمل".

ورأى ان "الشعب ادرك قوته وهو يستعيد قوته التي سلبت منه على مدى سنوات طويلة، لا احد يقبل تخريب البلد ولا احد يريد الاخلال بأمنها لكن لا احد يقبل ان يبقى الحال على ما هو عليه".

ووفقا للارقام الرسمية، ارتفع معدل الفقر مطلع العام الى 20%، فيما ارتفعت نسبة البطالة الى 18,5% في بلد يبلغ معدل الاجور الشهرية فيه نحو 600 دولار والحد الادنى للاجور 300 دولار.

واحتلت عمان المركز الأول عربيا في غلاء المعيشة والثامن والعشرين عالميا، وفقا لدراسة نشرتها مؤخرا مجلة "ذي ايكونومست".

هامش مناورة محدود

لاقى اعلان الرزاز بخصوص التوافق على سحب المشروع، ارتياحا لدى الجميع لكن الأمر لا يقف عند ذلك فالمهم هو "تغيير النهج".

ويقول المحلل السياسي عادل محمود لفرانس برس ان "سحب القانون الضريبي لا يعني بالضرورة نهاية الأزمة هناك مطالب واسعة بتغيير النهج واعادة انتاج سياسيات اقتصادية جديدة".

واضاف "ليس امام الرزاز الا مسارين لا ثالث لهما اولا اختيار فريق اقتصادي رشيق يصحح الاخطاء لسياسات الحكومات السابقة التي لم تجد سوى جيب المواطن كحلول".

وأكد اهمية الوصول ل"فريق اقتصادي يرسم خارطة طريق تقود البلاد نحو الاستقرار الاقتصادي" اما المسار الثاني "فهو اختيار شخصيات سياسة واجتماعية تكون مؤثرة ومقبولة من الشارع".

والرزاز، وزير التربية والتعليم في عهد حكومة سلفه الملقي، ولد عام 1960 في السلط (شمال غرب عمان) ويحمل درجة دكتوراه من جامعة هارفارد في التخطيط بتخصص فرعي في الاقتصاد،و درجة ما بعد الدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة هارفارد.

وعمل منذ عام 2006 الى 2010 مديرا لمؤسسة الضمان الاجتماعي، احدى اهم المؤسسات في الاردن، وكان قبلها مديرا لمكتب البنك الدولي في لبنان بين عامي 2002 و2006.

ويقول قمحاوي ان "الرزاز رجل مهذب ونظيف اليد ومتعلم لكن هامش حركته صعب جدا ومحدود. منصبه بحاجة الى وحش (رجل قوي) يواجه الوحوش من جماعة الفساد والبنك الدولي ومراكز القوى".

وأضاف "اذا اراد الرزاز الاصلاح فهو بحاجة للتصدي لهؤلاء ويواجههم بصلابة".

ويتفق معه احمد عوض ويرى ان "مهمة الرزاز صعبة جدا لكنها ليست مستحيلة والمطلوب من مراكز القوى في الدولة التنبه لخطورة استمرار الاوضاع على ما هي عليه واعطاءه الولاية العامة التي يجب ان يتمتع بها".

واضاف ان ذلك سيمكنه من "فتح حوارات وطنية مع مختلف الشركاء بكامل الحرية دون تدخل الاجهزة الأمنية بحيث ان يكون هناك تطوير لسياسات ذات طابع تسووي توافقي بين مختلف الاطراف".

ويعاني الاردن أزمة اقتصادية فاقمها في السنوات الاخيرة تدفق اللاجئين من جارته سوريا اثر اندلاع النزاع عام 2011 وانقطاع امدادات الغاز المصري واغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية على مناطق واسعة فيهما.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/09 الساعة 08:51