«الدالات الثلاث».. الملك و«الدائرة» و«الفوتيك»

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/04 الساعة 00:28
كتب: محمود كريشان ثمة أعراف خالدة متوارثة، التصقت في وجدان الأردنيين، وأصبحت جزءاً من تقاليدهم، تزامناً مع انبثاق مصطلحات متداولة فيما بينهم، للدرجة التي أصبحت «حصرية» للأردنيين دون سواهم. سيدنا ونبدأ هنا بكلمة «سيدنا» وهي تعني بطبيعة الحال «جلالة الملك».. حتى أن الأردني عندما يزور دولا مجاورة مثل مصر على سبيل المثال لا الحصر، وفور أن يعلم سائق التكسي هناك أنك من الأردن حتى يُبادرك القول: «والله جلالة سيدنا عمل حاجات عظيمة لبلده».. وفي سوق «الحميدية» الدمشقي الشهير وقبل أن تداهم سوريا العزيزة الأحداث المؤسفة، كان بائع القهوة العربية «السادة» الذي يتجول في أركان السوق، يتعرف الى الأردني من ملامحه، ليقوم على الفور بسكب فنجان القهوة ويقدمه قائلاً: «عشان سيدنا».. لتأخذ الفنجان وتنتشي زهواُ واعتزازاُ بتلك الكلمة الأردنية «الحصرية» المحببة. أما في الدبكات الشعبية التي تُعقد في أفراح الأعراس فإن غناء الرجال يمتد ويصعد مع صوت «القربة»: «سيدنا.. يا سيدنا.. الله ينصر سيدنا.. كل الشعب العربي يقول.. الله ينصر سيدنا»... الدائرة ولن نحتاج هنا لمن يترجم لنا كلمة «الدائرة» لأنها تعني في المفهوم الشعبي «دائرة المخابرات العامة» ذلك الجهاز الوطني الذي كان ولا يزال وسيبقى مكان اعتزاز الأردنيين لما تقدمه الدائرة من جهود عظيمة في حماية البلد.. بصمت وهدوء وانجاز محاط بهالة من السرية.. مثلاً.. عندما يقوم مذيع نشرة أخبار الساعة الثامنة مساءً على شاشة التلفزيون الاردني ببث خبر جاء فيه «أن الأجهزة الأمنية المختصة، ألقت القبض على عناصر خلية إرهابية كانت تنوي تنفيذ أعمال إجرامية في الاردن».. وفور أن تسمع العجائز الخبر حتى تبادر بالدعاء: الله يُنصر «الدائرة».. و"يُقويها»!.. كذلك فإن الأمهات الصابرات في القرى، ينتظرن بفارغ الصبر يوم الخميس من كل أسبوع، وهو موعد إجازة ابنها الذي يعمل بالدائرة، وتسأل بشوق فيما إذا وصل «باص الدائرة» الذي يُقل ابنها وزملاءه إلى القرية!.. ولن ننسى ابدا سيارات «الفولفو» و»الروفر» بنمرها البيضاء عندما تشرق علينا وتنثر الطمأنينة، عندها ينهض الجوري الشهري والرياحين في حديقة الشعب، ويعنقر الرجال شمغهم المهدبة بالانتماء اعتزازا بالدائرة التي تسكن قلوب الاردنيين عشقا نقيا في هذا الزمن الجميل الذي لا نجزع فيه.. ولا نخاف.. الفوتيك وهنا.. فإن «الفوتيك» ارتبط تاريخياً بالقوات المسلحة الباسلة، وهو جزء من تفاصيل الحياة الشعبية، حيث يقوم الضابط أو الجندي بتوزيع الفوتيك الجديد الذي يتسلمه بين الفترة والأخرى، على أهل بيته وأقاربه الذين يرتدونه لممارسة أعمالهم اليومية، مثل حراثة الأرض الطيبة وزراعتها مثلاً!.. أما «الجرزة الصوفية» الخضراء «الثقيلة»، فهي الجرزة المفضلة للامهات التي تأخذها من ابنها وترتديها في فصل الشتاء وغالباً ما تكون برتبة رقيب «شاويش».. ثلاث شرايط.. وعلى الإطار الأعلى من كُم الجرزة يكون شعار «الدفاع الجوي الميداني» او «الصاعقة» على سبيل المثال!. ذلك تزامناً مع مفردات شعبية تتعلق بكبرى مؤسسات الوطن «الجيش العربي» مثل «البوريه» و«القايش» و«الكنتين» و«النافي».. وأشياء أخرى عديدة تؤكد أن مؤسسة الجيش الأردني مغروسة في الوجدان الشعبي وهي تنتشر على جبهات الوطن باروداً وورداً.. مجمل القول: ستبقى «الدالات الثلاث».. في عرف الاردنيين «خطوط حمراء» ممنوع الاقتراب منها، لتبقى محاطة في قلوب ابناء الوطن، تحميها وتحرسها كواكب الزنود والجنود..الى اخر الزمان والدم..
KRESHAN35@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/04 الساعة 00:28