قراءة في الحراك الأردني.. يختلف عن حراك الأمس

مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/01 الساعة 21:18
أ.د. أمين المشاقبة تسارعت الأحداث في الشارع الأردني بعد الإضراب الأخير ضد مشروع معدل لقانون ضريبة الدخل وقرار الحكومة الملغي بتعديل أسعار المشتقات النفطية، وبرز الحراك الشعبي مجدداً من أقصى الشمال والجنوب للبلاد احتجاجاً على سياسات الحكومة الاقتصادية المؤثرة على المستوى المعيشي للناس، ووضعت البلاد في حالة الغليان الشعبي ضد تلك السياسات غير الشعبية عموماً. إن حراك اليوم يختلف عن حراك الأمس والسنوات السابقة، إذ تقود النقابات المهنية جزءاً من هذا الحراك، وتركيبتها مختلفة تماماً عن السابق من حيث الاتجاهات السياسية، فبالأمس كانت حركة الأخوان المسلمين تشكل المشهد، واليوم هي على الرصيف والذي يقود الحراك والموقف المضاد قوى سياسية غير إسلامية النهج، ناهيك عن القوى الشبابية غير المنظّمة سياسياً والمناطقية وذات الطابع العشائري في العديد من المناطق، ومشهد الدوار الرابع كان خليطاً وحضور المرأة كان واضحاً، وبالتالي فإن ما يجري اليوم ليس كما كان يجري بالأمس. إن حالة الوعي المستنير لدى الشباب الأردني عالية، ودرجة الحرية متّسعة وكسر حاجز الخوف من السلطة السياسية بات واضحاً، والأجهزة الأمنية لاتريد الاشتباك وإنما الرقابة والتنظيم وعدم الخروج عن قواعد التعامل السلمي مع أفراد وجماعات الحراك، وهذا موقف معتاد ومحترم للأجهزة المعنية، حيث أن الاتجاهات العامة للحراك ذات طابع سلمي وليس تخريبي. ويشكل الاحتجاج أو الإضراب حق دستوري مشروع، وهذا ما يفهمه الانسان الأردني الواعي لكل شيء. إن مطالب الشارع اليوم ذات اتجاه اقتصادي بحت، ويُرى أنه لا حاجة لضرائب جديدة أو موجة رفع أسعار؛ لأن دخول الناس لم تعد تكفي سد الرمق لحياتهم ومتطلباتهم المعيشية، ناهيك عن المطالب بحكومة ذات سياسات تنعكس على تحسين المستوى المعيشي والاقتصادي لا حكومات جباية، حكومات تحس بوجع الناس وآلامهم وتسعى لحل المشكلات المستعصية عن الحل، حكومات تحمل رؤيا واضحة في معالجة القضايا التي يشعرون بها. إن من يقول أن الشعب الأردني لايدفع ضرائب هو ليس منا، ولا يعرف الواقع، والشعب الأردني من أكثر شعوب الأرض التي تدفع ضرائب ورسوم وجمارك على كل شيء، إذ أصبح هناك بند ضريبة على الضريبة، والمعروف أن 66% من دخل الموازنة العامة للدولة يأتي من الضرائب والرسوم والجمارك، ماذا تريد الحكومات أكثر من تلك المساهمة من الشعب الذي يقبع أكثر من ثلثه تحت خط الفقر؟ إن المطلوب هو مسؤول يحس ويشعر بوجع الناس، الشعب الأردني صاحب كرامة وعزّة، وضحّى كثيراً ويستحق مسؤولين يحترمونه ويشعرونه بذاته وكرامته التي لايتنازل عنها مهما كانت الظروف، الشعب الأردني منتمٍ وموالٍ لبلده ونظامه، ويستحق أكثر بكثير مما يُفعل به من قبل حكومات مقطوعة ومنقطعة عنه وتنظر له من أبراجها العاجيّة، هناك حدود للتحمل والصبر، وباعتقادنا فقد تغيّر الحال كثيراً، والجيل الجديد واعٍ ومدرك ويحتاج لأسلوبٍ غير الأساليب التي كانت مستخدمة سابقاً، ونهجٍ جديدٍ يختلف عمّا سبق، ورؤيةٍ حديثةٍ تمتصّ غضبه.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/06/01 الساعة 21:18