جرحى بغزة يؤدون امتحانات الثانوية بالمشافي
مدار الساعة - محمد قديح، عمر أبو هاشم، باسل القرا، ثلاثةُ شبان فلسطينيين لا تتجاوز أعمارهم (17عامًا)، شاركوا في أكثر من منطقة بمسيرات العودة، شرقي قطاع غزة، والتقوا جميعًا على أسرة مستشفى غزة الأوروبي جنوبي القطاع؛ وفي ذات الغرفة أثناء آداء امتحانات الثانوية العامة (التوجيهي).
محمد أصيب مرتين الأولى في بطنه بعيار ناري، والثانية في وجهه بقنبلة غاز في التاسع والعشرين ببلدة خزاعة شرقي خان يونس، جنوبي القطاع، وما زال يُعاني من جرحه الغائر، وفي ذات المنطقة أصيب باسل في القدم تسبب في عرقلة حركته؛ أما عمر فقد نال العيار الناري المتفجر من قدمه اليُمنى وأفقده نصفها، شرقي رفح.
كابد هذا الثلاثي الألم والوجع، وما تسببه رصاص الجيش الإسرائيلي لهم من إعاقة وعرقلة لحركتهم، وأصروا على استمرارهم في تقديم امتحانات الثانوية العامة، التي عادت ما تحتاج لجهد استثنائي يفوق أي سنة دراسية أخرى، ووقت طويل للدراسة قد لا يتوفر في المستشفى.
وكلما جاء موعد أحد الامتحانات، عاد الثلاثي للقاء مُجددًا في ذات القاعة، وهم على ذات الأسِرة، التي لا يتمكنون بدونها من التحرك للقاعة، المُخصصة لهم بتنسيق بين إدارة المستشفى ومدير التربية والتعليم – شرق خان يونس؛ فيما تزال الدماء تنزف من مكان إصابتهم.تحرر "محمد" قليلاً من سريره مُستعينًا بوالده الأربعيني وصديقه الذي يساعده في دراسته أكرم أبو دقة، ونزل للجلوس على مقعد مُمدًا قدميه على مقعد آخر ، متكئاً على مقعد ثالث، وأمسك بكتاب اللغة العربية المخصص لطلاب فرع العلوم الإنسانية – الأدبي، وباشر بمراجعة ما يمكن مراجعته قبل بدء الامتحان بدقائق.
يقول محمد، لمراسل الأناضول، "أصبت في التاسع والعشرين من مارس/أذار أثناء المشاركة في التحضيرات لمسيرات العودة السلمية، بعيار ناري في البطن (مدخل ومخرج)، وعدتُ مُتكئًا على عكازي مُجددًا بعد أيام، وأصبت بقنبلة غاز في الوجه في ذات المنطقة بخان يونس، ونقلت للمستشفى حتى الآن أمكث أتلقى العلاج".
ويضيف محمد، وهو يتألم ويضغط بيده على مكان إصابته أسفل البطن، "رغم الوجع والألم الذي أعاني منه، سأستمر في حياتي ومسيرتي العلمية، وسأكمل الثانوية العامة، وأتمنى أن أنجح وأكمل حياتي ومشواري الدراسي".
ويؤكد أن الاحتلال - بإصابته له ولبقية الجرحى - لم ينل من عزائمهم، ولن يستسلموا للواقع المرير الذي حاول فرضه عليهم، باستهدافه لهم بمختلف أنواع الأسلحة؛ ليفاقم من معاناتهم، فوق الحصار الذي يفرضه منذ أكثر من 11عامًا عليهم؛ وشدد "العلم أقوى سلاح نواجه به المُحتل".أما، أكرم أبو دقة (40عامًا) صديق والد محمد، فحرس منذ إصابته على الوقوف بجوار الجريح وأسرته، خشية أن تؤثر الإصابة على نفسيته، ويتراجع عن إكمال مشواره الدراسي؛ فتطوع لمساعدته في دارسة مواد الثانوية العامة، ويبقى معه حتى دخول قاعة الامتحان في المستشفى مع جرحى آخرين.
ويقول أكرم، لمراسل الأناضول،: "محمد عانى كثيرًا من إصابته، ويتعرض لتشنجات على فترات، فيستوجب الوقوف معه، كأقل واجب تجاه هكذا شخص؛ بجانب قيامي بتحفيزه ورفع معنوياته، رغم أنني تفاجأت بمعنوياته المرتفعة، وإرادته القوية، وتقبله لما حدث معه".ويشير إلى أن الاحتلال عند استهدافه لهؤلاء الشباب ليس غبيًا، بل هو يُدرك أن رأس مال أي مسيرة أو شعب قوي هي الثروة البشرية التي تتمثل في هؤلاء الشباب وقوتهم وعزيمتهم.ورغم الاستهداف الواضح لم يبخل هؤلاء على الوطن بالتضحية؛ ورغم التضييق والجوع والحصار والاستهداف، يواصلون التسلح بالعلم، وخير دليل وجود نسبة كبيرة من هؤلاء الشباب تصر على العلم، ونسبة كبيرة من شعبنا متعلمين كذلك؛ وهذا يدل على أحقيتنا في وجودنا بهذه الأرض المقدسة.ولم تتمكن "الأناضول" من الحديث مع بقية الجرحى، لعدم مقدرتهم على ذلك، بسبب وضعهم الصحي، وأجواء الدخول للامتحان. الاناضول