خبراء : فكر قبل النشر عبر السوشيال ميديا فالكلمة كالرصاصة لا تطلق عشوائيا
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/29 الساعة 14:42
مدار الساعة - اخلاص القاضي -"فكر قبل اطلاق اي منشور عبر منصات التواصل الاجتماعي، فالكلمة كالرصاص تؤذي اذا لم تكن بمكانها، فلا تطلق رصاصا عشوائيا، حيث لا ينفع الندم اثر عواقب وخيمة " .. جملة بمثابة نصيحة يقدمها خبراء ومتخصصون لكل الناشطين والمهتمين بالنشر عبر تطبيقات الفضاء الالكتروني الذكية التي اضحت واحدة من اهم محطات حياتنا اليومية، داعين الى ضرورة "ان نكون اذكى منها للتحكم بما ينشر او يذاع حيث يطلق المنشور للعالم باسره بلحظة لا يمكن اعادتها للوراء".
وشددوا لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) على اهمية توخي الحذر قبل القيام بنشر اي معلومة او فكرة او صورة , والاعتماد على محددات اخلاقية تشكل رادعا كابحا لكل ما من شأنه تعكير صفو الفضاء الالكتروني بمحتويات قد تسيء لاشخاص بعينهم لاسباب تتعلق بعرقهم او دينهم او شكلهم او مستوياتهم التعليمية او ان توجه لابنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة .
ويتطرق اخصائيون الى عواقب النشر " المتفلت " من الضوابط الاخلاقية ومنها امراض نفسية عديدة قد تصل بصاحبها الى الاكتئاب وربما الانتحار، داعين الى تأطير التواصل بمحتوى هادف ويحمل رسالة راقية , يقدم الجديد ويخدم الاجيال .
من هنا يحرص رائد وهو طالب جامعي على التأكد ليس من صحة المعلومة التي يريد نشرها فحسب بل من تدقيقها لغويا وقواعديا , قائلا : هذا المنشور بمثابة مرآة عني فلا اريدها مهشمة , فاي كلمة محسوبة علي وتمثلني شخصيا لذا من الافضل ان تكون موزونة ومؤثرة بشكل ايجابي .
فيما لا تعير العشرينية سارة اي اهتمام لتداعيات منشوراتها , كما انها لا تنتقي كلماتها , فاي فكرة تخطر على بالها سلبية كانت ام ايجابية ضرورية ام بلا فائدة تذكر , تقوم بنشرها مباشرة رغم التعليقات التي تصف منشوراتها ب " غير المسؤولة والمسيئة " الامر الذي يضطرها في كثير من الاحيان الى شطب المنشور , ولكن بعد فوات الاوان .
ولانه لا يثق بكل ما ينشر على لسان اشخاص , لا يقوم نشأت – عامل في احدى المطاعم - باعادة النشر عن اصدقاء مفترضين مفسرا ان العالم الرقمي ايضا يشهد ما يصفه ب " امية المعلومات " وطريقة خاطئة لتداولها .
وعلى سبيل التندر وفرض " خفة الظل " يكتب احد الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي يوميا منشورات تحمل في طياتها اسقاطات على اشخاص بعينهم فيتعمد الاساءة اليهم في قالب يبدو " كوميديا " غير انه في حقيقة الامر " رسائل مبطنة تحمل خطاب كراهية واضح " واللافت انه يصر على ابقائها رغم تعليقات تدعوه لازالتها .
مستشار ومدرب منصات التواصل الاجتماعي خالد الاحمد يقول : قبل ان تنشر عبر اي منصة من منصات التواصل الاجتماعي عليك الوقوف عند كلمة " فكر " واسأل نفسك هذه الاسئلة : ما اود نشره , هل هو حقيقي ؟ هل به فائدة ؟ هل هو ملهم ؟ هل هو ضروري ؟ هل هو لطيف وغير مؤذ لاحد ؟ ويضيف ان الاجابة على هذه الاسئلة تحدد مسار النشر , قبل ان يقع الشخص في فخ الندم ولوم النفس , وبالتالي فان هذه الاسئلة تعبد الطريق امام الكلمة المسؤولة والمؤثرة .
يقول استاذ علم الاجتماع في جامعة مؤتة الدكتور حسين محادين ان من يملك جرأة ومعرفة واقع ودلالات نشر موضوع ما , يسعى لإيصال فكرته لاكبر عدد ممكن من المتابعين وليس بالضرورة حصرا بمعارفه واصدقائه , لذا من الواجب الاحتراز بما هو جدير بالاضافة او التفرد او حتى المخالفة لفكرة أو انطباع سائد لدى عدد من المهتمين ،متسائلا : والا لماذا تنشر ؟ ويضيف : النشر يعني اشغال مساحة ما من الفضاء يقدم صاحبه من خلاله طوعا وثيقودة فكرية أو معرفية للمتلقي تصلح أما لتعميق الحضور اذا كان المحتوى ايجابي اوقد تشكل إدانة قانونية وأخلاقية , من هنا فأن عملية النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي تضع صاحبها على معايير القراء باختلاف مستوياتهم وافكارهم فمنهم من سيقدر ومنهم من سيخالف الرأي ومنهم من سيقاضي - اذا شكل المنشور اساءة - , متسائلا : والا كيف تفسر عبارة وواقع أن مقتل المرء بين فكيه اي في ما يقوله أو يكتبه.
وينصح الناشطين والمهتمين بالنشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي استغلال تلك المساحات بشكل امثل , بما يسهم في رقي الفكر وانعكاس المكانة العلمية والمهنية , لافتا الى ان تصريحات أو كتابات البعض غير الموفقة أو التي كتبت ونشرت على عجل ودون تمحيص او تحت تأثير الانفعال أو الانغلاق الفكري إنما تتعدى حدود اساءتها الشخص الناشر إلى ما هو أبعد خصوصا اذا كان الناشر عضو في مؤسسة أو حزب أو منظمة مجتمع مدني أو شخص عام.
ويتابع الدكتور محادين بان التزمت لاي فكرة بشكل متطرف يقع ضمن التلويث التعبيري او الفكري خصوصا اذا ما حمل الموضوع المنشور تعابير بذيئة أو ايحائية او مسيئة للثوابت والعادات والتقاليد مشددا على ان القانون والاعراف السائدة هما الناظمان والملزمان قبل التفكير باي عملية نشر التي تعني ان يقدم الشخص نفسه إلى الرأي العام فأما أن يقنعه او يسقط اطروحاته وكلا الخيارين امتحان مفتوح ونتائجه مرتبطه بمدى الوعي العام لما يصلح للنشر او ممنوع منعا اخلاقيا منه .
هنالك العديد من المحددات التي ينبغي اخذها بعين الاعتبار لدى التعامل مع النشر عبر السوشيال ميديا وفقا لمدير تحرير مرصد مصداقية الاعلام الاردني ( اكيد ) الزميل اسامة الرواجفة، منها القانونية واخرى اجتماعية وثالثة سلوكية، بيد ان اهمها المحددات الاخلاقية , النابعة من منظومة قيمية تدرس وقيم وتصنف وتوازن اي منشور قبل نشره.
ولضمان فضاء الكتروني صحي يدعو الرواجفة الى ايجاد ميثاق شرف اخلاقي يؤطر محددات النشر بما ينسجم مع مخرجات مثلى ولا يحد بطبيعة الحال من حرية التعبير المسؤولة، لافتا الى اهمية تبني المؤسسات الاعلامية كافة للترويج لكهذا نوع من المواثيق ليرتبط النشر بالمسؤولية الاخلاقية الذاتية وليس القانونية فقط.
ويعول على اهمية دور الاعلام كذلك في بث رسائل توعية مختلفة تساعد الجيل على التعامل بانسيابية لحظية وبتنظيم ذاتي مع وسائل التواصل الاجتماعي بما يرتب نتائج ايجابية تعود على المجتمع بعامة بالايجابية .
ويبين ضرورة ان يطرح الشخص على نفسه عدة اسئلة قبل النشر ومنها : هل سيؤثر المنشور على الاخرين سلبا , هل يوجه خطاب كراهية , هل يذم , هل يهين , هل يحمل مضامين لا اخلاقية , هل يسبب ضررا امنيا والى ما هنالك من الاسئلة الافتراضية التي تقودنا الى التفكير الايجابي والى نشر كل ما من شأنه ان يحمل رسالة هادفة , لا يندم بالتالي صاحبها على نشرها ولا يسبب لسواه اي نوع من انواع الضرر.
" فكر قبل النشر , ما ينشر عبر السوشيال يشبه فعل الرصاص لا يمكن اعادته , فلا تطلق رصاصا عشوائيا " هذه كانت نصيحة المستشار في علم النفس الطبي، استاذ الارشاد النفسي في جامعة عجلون الدكتور نايف الطعاني , الذي يوضح بان ما تنشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعكس شخصيك وتوجهك واخلاقك وسلوكك فليكن بصورة جميلة ومعبرة وهادفة .
ويشير الى ان العالم باسره يعيش فرصة ذهبية في ظل توفر تلك الوسائل , وعلى كل الناشطين عبرها استثمار تلك الفرصة بتغذية المحتوى الرقمي بكل ما هو نافع وجديد ومطمئن وضروري , وكل ما يحدث فرقا في حياة الناس كبث رسائل الطاقة الايجابية وتعزيز مهارات التواصل ونشر المعارف وتبادل الانشطة والتفاعل الحيوي الذي يسهم في تنمية المجتمعات المحلية، لافتا الى ان كثيرا من " البوستات والصور " التي تنشر عبر السوشيال ميديا تتعلق بفعل الخير ومساعدة الاخرين لها وقع ايجابي على حركة الناس محدثة عدوى مفيدة ومطلوبة .
ويرى الدكتور الطعاني ان للنشر الالكتروني شروطا اخلاقية ومهنية وتوثيقية مفضلا عدم النشر فقط لغاية النشر دون اعتبار المحتوى السليم , وان تتضمن المنشورات رسائل حب وود وتآخ وتضامن .
ويحذر من العواقب النفسية للنشر العشوائي غير المسؤول ومن تلك : الشعور الكبير بالندم واقتراف الذنب , الخوف والقلق والارتباك مستدركا بان التطبيقات المختلفة تعطي للاشخاص خاصية " شطب المنشور " ولكن لا احد يضمن ان المنشور لم يجر عليه " مشاركة / شير " او يتم التقاط صورة له " سكرين شوت "، موضحا ان للكلمة فعل الرصاصة القاتل.
ويتابع : ان الاضطرابات النفسية جراء النشر الخاطىء وخاصة تلك التي تتعلق بصور لا اخلاقية او بمنشورات تحمل خطابا مدمرا قد تصل الى حد الانتحار , مشددا على اهمية رقابة الاسر لابنائهم وخاصة في سن المراهقة .
ويؤكد على ان التفكير الجيد قبل النشر يحصن صاحبه ويقيه من تعليقات الاصدقاء المفترضين التي قد تكون جارحة او مؤلمة او عنيفة اذا حمل " البوست " دلالات لا اخلاقية او مسيئة لاشخاص بعينهم لاسباب تتعلق بعرقهم او دينهم او شكلهم او مستوياتهم التعليمية او لابنائهم من ذوي الاحتياجات الخاصة .
خاتما : كن ايجابيا في كل ما تطرحه عبر منصات التواصل الاجتماعي لان التغذية الراجعة ستكون بالضرورة ايجابية الامر الذي سيسهم في تعزيز الثقة بالنفس وصقل الشخصية والبناء على نجاحاتها وصولا للتفوق والتأثير المجتمعي.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/29 الساعة 14:42