جرحى من ’مسيرة العودة‘.. أجساد في الأردن وقلوب في غزة

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/29 الساعة 11:05

مدار الساعة - صرخات وأنات، آهات ودمعات، نظرات كلها عَبرات.. هذا حال عدد من جرحى مسيرة "العودة" الفلسطينية، الراقدين في مستشفى المدينة الطبية العسكري بالأردن.

29 إصابة تقشعر لها الأبدان، وصلت مستشفى "مدينة الحسين الطبية" العسكري في العاصمة عمان، بعد أن عجزت مستشفيات قطاع غزة بإمكاناتها المحدودة نتيجة الحصار الإسرائيلي، عن تقديم العلاج اللازم.

وبين أسِرّة هؤلاء، تجولت كاميرا الأناضول للوقوف على معاناة الجرحى الفلسطينيين الذين انتشرت إصاباتهم في مناطق مختلفة من أجسادهم.

هذه الإصابات، حسب وصف مراسل الأناضول، تسببت لهم بآلام شديدة نتيجة تفتيت الرصاص الإسرائيلي عظامهم، وتشوية أجسادهم.

المشاهد القاسية تلك، أفقدت المصور وعيه خلال الجولة التفقدية التي صاحب فيها طاقم المستشفى؛ ليهرع الأطباء على إثر ذلك لإسعافه.

وعلى الرغم من صرخات الألم التي هزت قلوب من يناظرهم في المستشفى، فإن عيون جرحى مسيرة "العودة" كانت متجهة صوب غزة، التي تشهد مظاهرات متواصلة على الشريط الحدودي بين القطاع وإسرائيل.

وفي 14 و15 مايو/أيار الجاري، ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرة دامية بحق متظاهرين سلميين على حدود قطاع غزة، استشهد فيها 65 فلسطينيا وجرح أكثر من ثلاثة آلاف آخرين.

** أصغر جريح

يرقد عز الدين النواصرة (14 عاما) أصغر المصابين، على سريره ويناظر قدمه المُصابة، إلى جانب والده الذي يقول: "أنا من طلبت منه الخروج في مسيرات العودة. لن تثنينا إصابته عن المشاركة مرة أخرى".

ولم تمنعه صرخاته وإحساسه بالألم الشديد عن مداخلة غلبت عليها البراءة والطفولة: "يا ريت أرجع مشان (حتى) أروح عالسلك (الشريط الحدودي بين غزة وإسرائيل) كمان مرة".

وعما تعرض له، يضيف الطفل الفلسطيني: "في 14 من هذا الشهر (مايو/أيار) خرجت بشكل سلمي للمشاركة في مسيرات العودة. كان الجنود الإسرائيليون يصوبون (أسلحتهم) نحو الواقفون، ولم يستثنوا أحدا من رصاصهم".

ويتابع مشيرا إلى السرير الذي بجانبه: "أنقذني المصاب الذي بجانبي (الآن في المستشفى). أنقذني وأصيب في اليوم التالي".

** طفل ينقذ شابا

وعلى سرير آخر، يرقد الشاب مهند الأسود (29 عاماً)، وعيون والدته "أمال" تناظره، والتي لم يتوقف لسانها عن قول "الحمد لله".

وتروي والدته قصه ابنها: "مهند أصيب بقدمه اليمنى في 11 الشهر (الجاري)، كان يشعر بأنه سيستشهد، وطلب مني طعاما لم يأكله من عشر سنوات".

وبنبرة غلبتها العَبرة تضيف: "أصابني غصة في قلبي. شعرت أن مكروها سيصيب مهند؛ فكل ما فعله آنذاك كان يدل على ذلك.. ترك أبناءه الخمسة (3 بنات وولدان) وجاء لرؤيتي".

ويقطع مهند حديث والدته، واصفا لحظة إصابته: "استمر النزيف ساعتين متواصلتين، حتى أنقذني طفل يبلغ من العمر 11 عاماً ، يُدعى رمضان البيشاوي".

"رمضان رفض التخلي عن ابن بلده رغم صعوبة الموقف وخطورته، واستمر ممسكا بيده حتى أوصله منطقة الإسعاف"، يضيف مهند.

ويتابع: "كان الجيش الإسرائيلي يستهدف حتى سيارات الإسعاف. توسلت لرمضان بتركي لكنه رفض".

**جهد أردني

ويستعرض العميد الطبيب سعد جابر، مدير مدينة الحسين الطبية، جهود المملكة الأردنية في علاج مصابي الأحداث التي شهدها قطاع غزة منذ 30 مارس/آذار الماضي.

ويقول جابر للأناضول: "تم إرسال فرق من المدينة الطبية إلى قطاع غزة، جرى إحضار الجرحى بالتنسيق مع المستشفى الميداني الموجود هناك، وذلك بناء على توجيهات الملك ورئيس هيئة الأركان (قائد الجيش)، محمود فريحات". 

وحول طبيعة الإصابات التي وصلت من غزة، يوضح أن جميعها بعيارات نارية، ومعظمها في الأطراف السفلية، وبعضها في العين، فضلا عن إصابتين في منطقة البطن. 

"حالتهم مستقرة، ويتم إجراء العديد من العمليات لهم، وقد تم وضع خطة علاجية لكل مريض"، يضيف جابر. 

ويتابع: "تم استقبال دفعتين؛ الأولى مكونة من سبعة جرحى، والثانية تضم 22 مصابا، بينهم سيدة، وتترواح أعمارهم بين 14-40 عاما". 

ويستدرك نجم: "لا يوجد سقف لعدد المرضى الذين سنستقبلهم. والحالات التي لا يمكن التعامل معها في المستشفى الميداني (بغزة) سيجري نقلها إلى الأردن".

ويشير أنه تم تعزيز المستشفى الميداني الأردني في غزة بعدد من الأطباء، على مستوى عالٍ؛ لمساعدة الأهالي (الفلسطينيين) هناك".

يشار إلى أن طواقم المستشفى الميداني الأردني في قطاع غزة باشرت، في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية للجرحى منذ عام 2009، بتوجيهات من الملك عبد الله الثاني؛ في محاولة لتخفيف معاناة قطاع غزة.‎

ويعاني قطاع غزة منذ 2006، حصارا إسرائيليا عقب فوز حركة "حماس" بالانتخابات التشريعية، ما أثر بشكل خانق على الخدمات الصحية وقطاعات أخرى.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/29 الساعة 11:05