الرسالة من تعيين حمارنة.. وهل يتحضر الدغمي لمعركة؟
مدار الساعة - أوردت صحيفة "رأي اليوم" تقريراً حول تعيين الدكتور مصطفى حمارنة رئيساً للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، جاء فيه:
لا يمكن في عاصمة مثل عمان تجاهل الرسالة التي يحملها تعيين خبير من نوع نادر مثل الدكتور مصطفى حمارنة، مهندس فكرة “مبادرة الشراكة البرلمانية مع الحكومة”، كرئيس للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، بعد أن استبعد من تشكيلة البرلمان الحالي.
حمارنة اليوم ينضم للنادي الموثوق من القصر والذي يتزايد عدده في رجال الصف الاول بعدما كان طوال المدة الماضية محصورا في الظل وفي التعاون بالقطعة في مواقع مختلفة.
ميزة الرجل، بالإضافة لاثنين اخرين اليوم في تركيبة الحكومة من فئة الموثوقين هما الدكتور عمر الرزاز وزير التربية والتعليم ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ايمن الصفدي، هي التفكير بطريقة استراتيجية أظهرها حمارنة مع زملائه في مبادرته النيابية التي لا يبدو انها ستكرر، والتي حملت عنوان “الاشتباك الايجابي مع الحكومة”.
من هنا بدا تعيين الرجل بمثابة تكريم له أولا، وتكريم لفكرة “مبادرة” الخلاقة ثانيا، والتي قوبلت منذ ايامها الاول في المجلس السابع عشر بالكثير من الانتقادات والرفض من قبل حيتان في المجلس أولهم الرئيس السابق لمجلس النواب عبد الكريم الدغمي.
اليوم لم يعد الدكتور حمارنة ذاته تحت القبة، إلا ان هجمات التيار المحافظ الذي قد يمثله احيانا الدغمي لم تتوقف على المبادرة وعلى حمارنة ذاته، والذي يلمح الدغمي اليه ويصرّح باعتباره حينا “حزبا امريكيا” وآخر باعتباره اسرائيليا، كون الدكتور حمارنة خبيراً في المؤسسات والمنظمات الاجنبية والامريكية خصوصا.
التوافق في السياق على تكريم الرجل بين القصر والحكومة بدأ بعد التقاطات واسعة لمجلس الوزراء لبوادر معركة يحضّرها الدغمي من جهته، ويحضّرها بقية أعضاء مبادرة الشراكة من جهتهم في المجلس، ما حذا برئيس الحكومة الدكتور هاني الملقي بتسريع توقيع كتاب تكليف حمارنة “درءاً للكثير من الجدل”.
ورغم كون قرار التعيين كان جاهزا منذ نحو شهر الا ان بعض النقاشات التي قادها التيار المحافظ داخل وخارج الحكومة كانت سببا في تأخير صدوره، إلا ان المعارك التي بدأت تتحضر لحمارنة، أسهمت اليوم في تسريع القرار.
تعيين حمارنة يستطيع ان يقرأه أي عالم بخفايا الامور باعتباره تكريما ملكيا للمبادرة اكثر من كونه قرار مجلس وزراء، وهنا لا يخفى ايضا ان وزير الشباب حديثة الخريشا ايضا ضمن التكريم للمبادرة، كونه نائبا سابقا وفعّالا في المبادرة ذاتها في مجلس النواب السابق.
بكل الاحوال، ما بعد التعيين يبدو الاهم: فعقل الدولة الاردنية اليوم متجه بثبات نحو تفعيل دور المجلس الخامل والمقتصر على الدراسات والابحاث سابقا، وتحويله عبر الدكتور حمارنة وفريقه- قيد التشكيل- إلى مطبخ خبرة “يرفد” الحكومة ويساعدها في تشخيص المشكلات ويقترح عليها الحلول وبرامج المعالجة.
في التفاصيل، سيحمل الدكتور حمارنة معه برامج “مبادرة” واوراقها ويوسعها ويعمل عليها، وهنا الحديث عن استراتيجيات تم تفعيلها واعتمادها في حكومة الدكتور عبد الله النسور الا ان العمل عليها كان معرقلا بسبب طبيعة العمل الوزاري مع النواب.
في هذا السياق تحديدا صرح حمارنة لـ”رأي اليوم” بكون تفعيل عمل المؤسسة المهمة هو الأولوية، مضيفا انه سيعمل على حوارات عميقة في الجانب الإداري مع جميع الجهات المختصة لتحديث وتطوير العمل ودعم المبادرات المنتجة في “ضوء توصيات مجلس الوزراء ورئيس الوزراء وبالتنسيق الكامل مع جميع المؤسسات والوزارات وبعقل مفتوح”.
من هنا يظهر ان حمارنة يعيد انتاج مشهد “مبادرة” بطريقة متطورة، إلا انها تحمل ذات العقلية التنسيقية لمختلف الجهود. خصوصا واوراق المبادرة وتوصياتها بالنسبة للعمل والصحة والتعليم والنقل كانت شاملة وجدلية في الوقت ذاته، خصوصا بالنظر لملف “أبناء الاردنيات” الذي لا يزال يواجه الكثير من العرقلة في التطبيق في مختلف الحكومات. بالنسبة لحكومة الملقي فهي منفتحة على اي خيارات قد تطور من ادائها، خصوصا وهي اليوم تواجه غضبا وعدم رضا في الشارع لسياسات رفع الاسعار التي تتبعها مقابل القليل من الانجازات المبعثرة.
في الأثناء، يبحث الدكتور حمارنة عن خبرات شبابية من جهة ومختلفة في التوجهات عن المألوف، وفق معلومات “رأي اليوم”، الامر الذي لا يزال أثره على الدولة وانعكاسات اعماله يبدو “غير واضح المعالم” بصورة دقيقة.
بكل الاحوال، بدأ الخبراء بحمل مجاهرهم باكرا لرؤية ما قد يفعله الدكتور حمارنة من تغييرات في الدولة اثر تسلمه منصبا حساسا مثل “رئيس المجلس″ في الوقت الذي يبدو فيه حمارنة حماسيا ومتأنّيا في الوقت ذاته.