لماذا يخشون كشف حساباتهم البنكية؟

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/27 الساعة 02:36

ما الذي يقلق بعض الفئات من وجود نص قانوني يعطي سلطات التحقيق "بقرار قضائي"، الحق بالاطلاع على الحسابات البنكية لأشخاص وشركات عند الاشتباه بحالة التهرب الضريبي؟

يبرز هنا مبدأ الخصوصية المصرفية للأفراد والمؤسسات وضرورة احترامه، وهذا بالقطع أمر لا يمكن التساهل معه. لكن ما دام حق الولوج للحسابات منوطا حصرا بهيئة رسمية تتعامل مع المعلومات بسرية تامة وفي نطاق التحقيق، من دون تشهير أو إعلان، يغدو هذا الادعاء باطلا.

على المستوى العالمي، تهاوى مبدأ الخصوصية المصرفية مع تبني النظام المصرفي العالمي "الأميركي" إجراءات جديدة تسمح للسلطات هناك بمراقبة العمليات المصرفية حول العالم وكشف الحسابات البنكية، في إطار الجهود الدولية المبذولة لمحاربة تمويل الجماعات الإرهابية. إن حسابات ملايين العملاء في البنوك هي اليوم تحت تصرف السلطات الفيدرالية في الولايات المتحدة.

وإذا كان هناك من يشك بأمانة الموظفين الرسميين المعنيين بالتحقيق، فالأولى أن يطال الشك أيضا الآلاف من موظفي البنوك الذين يملكون الحق بحكم عملهم بالاطلاع على حسابات العملاء، لا بل والمتاجرة فيها لمصلحتهم الشخصية. لكن مثل هذا السلوك لم يحصل أبدا في الأردن؛ إذ يظهر العاملون بالبنوك قدرا عاليا من المسؤولية والأمانة.

وفي التحقيقات التي تجريها جهات تنفيذ القانون والمتعلقة بقضايا تدور حولها شبهات فساد، عادة تملك حق الاطلاع على الحسابات البنكية للمشتبه بهم، وتتسلم من إدارات البنوك كشوفا فيها، ولم يصدف مرة أن تم تسريب هذه البيانات لوسائل الإعلام أو لعامة الناس.

وبصرف النظر عن الاعتبارات القانونية ليس هناك سبب في اعتقادي الشخصي يدفع بشخص للقلق من كشف حسابه المصرفي إذا كانت الأموال المودعة فيه قد حصل عليها بطرق شرعية، ويملك الأدلة الكافية لإثبات ذلك.

وإذا كان المعني بالتحقيق فردا أو مؤسسة ملتزمة بدفع ما عليها من استحقاقات ضريبية، فلا مبرر أبدا للخوف من تقديم كل بياناته لجهات التحقيق.

إن أسهل وأسرع طريقة لكشف المرتشين والفاسدين والمتهربين من دفع الضرائب هي بالوصول لحساباتهم البنكية هم وأفراد عائلاتهم، والاطلاع على قائمة ملكياتهم من العقارات والأراضي، ومقارنة قيمتها بدخلهم السنوي، للتأكد فيما إذا كان قادرا فعلا على امتلاكها من حر ماله أم لا.

إن بعض المعارضين، ولا أقول جميعهم، لوجود دائرة معنية بالتحقيقات الضريبية، إنما يودون استمرار الوضع القائم الذي يسمح لهم بجني الأرباح وإخفائها عن دائرة ضريبة الدخل، أو أن ثروتهم من مصادر غير مشروعة يحاسب عليها القانون.

في أوساط النواب كلام قوي عن توجه لإلغاء المادة المتعلقة بالحسابات المصرفية من قانون ضريبة الدخل. إن حصل ذلك سيكون خطأ كبيرا، ورسالة سلبية للرأي العام الأردني وخدمة مجانية للمتهربين ضريبيا.


الغد
إن الحل الأمثل هو بوضع ضوابط على التطبيق تضمن حق السلطات بالوصول للمعلومات والبيانات المطلوب للتحقيق من دون إضرار بسمعة الأفراد أو كشفها للعامة. لقد سئمنا من ذرائع الخصوصية للتستر على الفساد والتهرب الضريبي.

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/27 الساعة 02:36