’منتدى الاستراتيجيات‘ يصدر ملاحظاته حول قانون ضريبة الدخل
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/26 الساعة 12:51
مدار الساعة - أصدر منتدى الاستراتيجيات الأردني ملاحظاته حول مشروع القانون المعدل لقانون ضريبة الدخل رقم 34 لعام 2014، وركز التقرير على الأسباب الموجبة لتعديل القانون والجوانب القانونية لمواد القانون والآثار الاقتصادية والمالية المتوقعة إذا ما أقر هذا القانون، وكذلك أشار المنتدى في تقريره إلى أهمية التوافق على قانون الضريبة للخروج بقانون عصري عادل وشفاف وفعال ومستدام لمواجهة الأوضاع المالية الصعبة التي تعاني منها الدولة الأردنية، وأيضاً لمنحها القدرة على تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية القائمة.
كما يجب أن يتم سن القانون بطريقة تضمن الاستمرارية والاستقرار في التشريعات الاقتصادية؛ حيث ان التغيرات المستمرة في التشريعات الاقتصادية تضر بالبيئة الاستثمارية والاقتصاد بشكل عام.
وفي دراسة سابقة له سبقت اصدار القانون شدد المنتدى على أهمية أن تكون الرؤية الرئيسية التي يجب أن توجه أي نظام ضريبي بما في ذلك قانون ضريبة الدخل هي تحفيز النمو الاقتصادي، والتقليص من عدم المساواة في الدخل والثروة والفرص، والمساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي على المستوى الكلي، وكذلك تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية الأخرى.
وبين المنتدى في تقريره أنه وبالنظر الى الوضع المالي والاقتصادي في الأردن، تبرز الحاجة الى اتخاذ خطوات جريئة وفعالة من أجل الإصلاح المالي، حيث أشار الى انه يجب أن تبقى مسألة تحقيق النمو الاقتصادي الحقيقي القوي والمستدام المسألة الأهم وذات الأولوية القصوى لصانعي السياسات في الأردن، وذلك بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن ارتفاع معدلات البطالة وعدم القدرة على استيعاب قوة العمل التي تشهدُ نمواً مستمراً، وكذلك مستويات الفقر الملموسة، والأهم من ذلك حاجة الأردن الملحة لإصلاح البنية التحتية ودعم رأس المال البشري.
كما نوه المنتدى أن هناك مسؤوليات كبيرة وملحة وذات أهمية ماسة بدأت تتنامى وتقع على عاتق الدولة الأردنية وهي بحاجه الى تمويل كافي لتلبيتها. وبين المنتدى الى انه إذا ما أردنا ان نفي قانون الضريبة الجديد (2018) حقة، علينا أن ندرسه بالتوازي مع الوضع الاقتصادي والمالي العام للدولة، حيث جاء القانون الجديد ليلبي العديد من الأسباب الموجبة، وكان من أهمها زيادة الملاءة المالية للحكومة من خلال زيادة إيراداتها الضريبية وذلك لتتمكن من القيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقها. لكن من المهم أيضا الإشارة الى أنه ليس بالضرورة زيادة نسب الضريبة لزيادة الملاءة، حيث أن الخطوة الأولى والأهم هي محاربة التهرب الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية سواء للأفراد أو للشركات الصغيرة والمتوسطة أو ضمن فئة المهنيين والحرفيين. كما أنه من المهم ومقابل الضرائب التي يدفعها المكلفون أن يكون هناك كفاءة في الانفاق وزيادة الإنتاجية وتحسين الخدمات العامة المقدمة للمكلفين مقابل زيادة الإيرادات الضريبية.
وأوضح المنتدى بأن ما وصلت اليه المديونية العامة (95% من الناتج الإجمالي المحلي) والعجز الدائم في الموازنة وانخفاض المساعدات المستمر وانخفاض الإيرادات الضريبية بالنسبة الى الناتج الإجمالي المحلي أدى الى محاولات من الدولة لخفض الانفاق والذي كان على حساب الانفاق الرأسمالي الذي واصل انخفاضه وأدى الى تراجع في الخدمات العامة ، كما أدى ما سبق الى ازدياد المديونية العامة وتقييد السياسة المالية للحكومة والتي أصبحت متماشية مع الدورة الاقتصادية بدلا من أن تكون مواجهه لها ،مما أثر بدوره على استقرار الاقتصاد الكلي. لذا كان من الضروري مراجعة قانون ضريبة الدخل في الأردن من أجل رأب أي فجوه تعطل من قيام النظام الضريبي بدوره في دعم الوضع المالي والاقتصادي للدولة، ولكن من الضروري أيضا أن يكون ذلك ضمن أطر ومبادئ موجهة والتزام بالأسباب الموجبة حتى لا نفقد البوصلة.
وكان لدى المنتدى العديد من الملاحظات والتوصيات حول قانون الضريبة المعدل والذي تمت احالته إلى مجلس النواب لإقراره، فأبدى المنتدى تحفظا على العديد من المواد التي رأى بأنها لن تؤدي الى نمو اقتصادي أو الى جذب وتشجيع الاستثمار، كما اشار الى ان بعض المواد لن تؤدي الى تحقيق الرفاه والازدهار للأردنيين بل أن بعضها جاءت معاكسة لذلك. وفي المقابل كان هناك بعضا من المواد الإيجابية والتي طال انتظارها مثل عبء الاثبات واعفاء ضريبة الشهرة والتصالح والتشديد على المتهربين ضريبيا.
وفيما يتعلق بالتعديلات التي اعترض عليها المنتدى والتي أشار الى انها ستأتي بآثار سلبيه سواء على الافراد أو الشركات أو الاقتصاد بشكل عام ، فقد بين المنتدى ان التعديل على ضريبة الدخل على الأفراد، وخصوصاً العاملين بأجر شهري، جاء ليزيد من الأعباء على المواطن الأردني ، فبين أنه وبالرغم من اهمية أن يتم العمل على توسيع قاعدة المكلفين ضريبياً ولكن من المهم أيضا ان لا نحملهم أعباء زائدة ، ولذلك أوصى المنتدى بأن يتم تغيير الشرائح والنسب المفروضة عليها الواردة في القانون الجديد بحيث يتم البدء بشريحة قدرها 10,000 دينار وأن تكون النسبة المفروضة على دخل من هم في هذه الشريحة هي 2%، وذلك لتخفيف العبء على المكلفين في الشريحة الأولى وتحفيزهم على الالتزام بدفع الضرائب وتعزيز المصداقية الحكومية في عين دافعي الضرائب، حيث أشارت الحكومة مرارا الى عدم المساس بالطبقة الوسطى. كما أشار الى أنه يتوقع أن 33 ألف شخص على الأقل سوف يصبحون من دافعي ضريبة الدخل للمرة الأولى في حياتهم. وحول رفع الشريحة العليا الى 25% أشار المنتدى إلى خطورة أن يلجأ موظفي الإدارات العليا في القطاعين العام والخاص وهم من أصحاب المعرفة والخبرة الطويلة إلى التقاعد، وذلك نظراً لارتفاع نسبة ضريبة الدخل على رواتبهم، مما سيجعل رواتبهم التقاعدية أكثر جدوى من رواتبهم وهم على رأس أعمالهم. وبالتالي سيكون ذلك عبء إضافي للضمان الاجتماعي كما سنخسر تلك الكفاءات من سوق العمل.
أما بالنسبة للتعديل الذي ألغى الإعفاءات الشخصية لنفقات الأفراد والأسر والتي كانت تنزل من دخل المكلف الخاضع للضريبة بحد أقصى قدره 4000 دينار كما هو معمول به في القانون الحالي، فقد أوصى المنتدى بعدم الغاء هذا الاعفاء نظراً لحاجة الأسر الأردنية لهذا الاعفاء، وخصوصاً الأسر المنتمية للطبقة الوسطى في الأردن، حيث تلجأ هذه الأسر في العادة لخدمات التعليم والصحة في القطاع الخاص وذلك نظراً لعدم كفاءة وكفاية الخدمات الحكومية في هذا المجال. وفي هذا السياق بين المنتدى أنه وبينما بلغت نسبة الطلاب الذين يرتادون المدارس الخاصة في الأردن حوالي 28%، بلغت هذه النسبة في أمريكا وتركيا 5% وفي بريطانيا 2%، ولذا ولحين تحسن خدمات التعليم والصحة يجب الابقاء على هذا الاعفاء.
وبعد أن أخضع قانون ضريبة الدخل الجديد الدخول المتأتية من الصادرات الصناعية لضريبة الدخل، أوصى المنتدى بضرورة تضمين قرار مجلس الوزراء الصادر في شهر 7/2017 بخصوص اعفاء 70% من الدخل الصافي للشركات الصناعية المتأتي من المبيعات المحلية أو التصدير، وذلك نظراً للضغوط الكبيرة التي تتعرض لها الصناعات الوطنية والتي تؤدي لإضعاف قدرتها التنافسية في الأسواق الخارجية.
وبين تقرير منتدى الاستراتيجيات الأردني أن رفع ضريبة الدخل على أرباح البنوك من 35% إلى 40% كما هو وارد في القانون المعدل سيجعل نسبة ضريبة الدخل التي تدفعها البنوك الأردنية على أرباحها الأعلى في العالم، وأضاف المنتدى أن رفع هذه الضريبة لن تقتصر آثاره السلبية على البنوك فقط، ولكنها ستنعكس على عملاء هذه البنوك من المواطنين والشركات العاملة في القطاع الخاص الأردني حيث ستضطر البنوك إلى توسيع هامش فائدتها مما يعني ترتيب التزامات مالية أكبر على المواطنين وشركات القطاع الخاص الأردني. كما بين المنتدى أن مساهمة البنوك التجارية في دفع الضرائب بلغت 67% من مجموع ما دفعته جميع الشركات المساهمة العامة في عام 2017 و90% مما تم دفعة في 2014 وهي ارقام مرتفعة وتعبر عن التزام هذا القطاع بدفع ضرائبة، كما انه وبزيادة الضريبة على هذا القطاع فإننا نعمق من الاعتماد الكبير على قطاع واحد وذلك يزيد من المخاطر. وكذلك الأمر بالنسبة لشركات التأمين والتأجير التمويلي، والتي رفعت ضريبة الدخل على أرباحها من 24% إلى 40%، قال المنتدى أن هذا الرفع سيؤثر على سير عمل هذه الشركات وعلى المواطنين الذين يتعاملون مع هذه الشركات، علماً أن بعض من هذه الشركات تعاني اصلا من تراجع في ايراداتها. وبناءً على ذلك أوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بالإبقاء على نسبة 35% كضريبة على أرباح البنوك، و24% لشركات التأمين وشركات التأجير التمويلي.
وأوصى منتدى الاستراتيجيات الأردني بإلغاء المادة التي تنص على اخضاع الأرباح الموزعة من قبل الشركات المساهمة العامة، حيث اعتبر المنتدى هذه المادة ازدواجيةً في فرض الضرائب؛ إذ تدفع الشركة ضريبةً على أرباحها ومن ثم يفرض القانون على المستثمر في هذه الشركة ضريبة على التوزيعات التي يحصلها من ارباح هذه الشركة.
وتساءل المنتدى في تقريره حول تحميل المفوضين بالتوقيع في الشركات للمسؤولية القانونية في حال التخلف عن توريد الضريبة المقتطعة، حيث قال المنتدى في تقريره أن في ذلك مسؤولية كبيرة على المدير العام والمفوض بالتوقيع، وقد يكون عدم التوريد أو الاقتطاع نتيجة خطأ من المحاسب؛ فكيف نعاقب المدير العام أو المفوض بالتوقيع على أموالهم الخاصة؟
كما أشار المنتدى أن عقوبات الفروقات في الاقرارات الضريبية الواردة في المادة 36 من القانون المعدل قاسية جداً والتي تصل الى الحبس لمدة 10 سنوات في حال كان الفرق 100 ألف دينار، ويجب إعادة النظر فيها، وأضاف المنتدى أن هنالك تشدد بوجوب نشر الاحكام القضائية المكتسبة الدرجة القطعية في قضايا التهرب الضريبي بالصحف ووسائل الاعلام والوسائل الالكترونية، وقد يكون للنشر في وسائل الاعلام أثر سلبي في المجتمع، لذلك اقترح المنتدى ضرورة إعادة النظر في امر نشر الاحكام القضائية في وسائل الاعلام.
وفي تعليقه على مواد القانون المُرسل من قبل الحكومة إلى مجلس النواب، قال المنتدى بأنه يجب أن تكون أحدى أهم الأسباب الموجبة لتعديل قانون ضريبة الدخل أن يُمَكِن هذا القانون الدولة من الوفاء بكامل مسؤولياتها من أجل تحفيز النمو وبناء اقتصاد وطني تنافسي ومستدام يحقق الازدهار للأردنيين، ولتتمكن الدولة من جذب الاستثمارات اللازمة لذلك، ولكن المنتدى لم يلاحظ ورود هذا السبب ضمن الأسباب الموجبة لقانون ضريبة الدخل ولكن بالمقابل وردت جملة "حاجة الدولة الى المال" ضمن الأسباب الموجبة دون تبرير أو شرح تلك الحاجة للرأي العام ودافعي الضرائب.
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/26 الساعة 12:51