ماذا تشكل زيارة الملك محمد السادس لجنوب السودان

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/02 الساعة 11:09

مدار الساعة - تشكل الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجمهورية جنوب السودان، تجسيدا جديدا لمبادئ التنمية المشتركة والتضامن والتعاون جنوب  جنوب التي ما فتئ يحث عليها جلالة الملك منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين.

وتجسد هذه الزيارة، وهي الأولى من نوعها لجلالة الملك إلى هذا البلد الواقع شرق القارة الإفريقية، الخيار الذي تتبناه المملكة المغربية خلف القيادة المستنيرة لجلالته، والمتمثل في تنويع شراكاتها وإضفاء بعد قاري وعالمي على سياستها الإفريقية، وذلك على أساس مبادئ التضامن والتعاون والاحترام المتبادل.

وتأتي هذه الزيارة، التي وصفها ثلة من المراقبين بالتاريخية، والتي ستفتح، لا محالة، صفحة جديدة في سجل العلاقات بين الرباط وجوبا، لتعزيز الرؤية الملكية لقارة إفريقية قادرة على تنمية نفسها بنفسها وتغيير مصيرها بيديها، مستعينة في ذلك بالعزيمة الراسخة لشعوبها وغنى طاقاتها البشرية ومواردها الطبيعية.

والأكيد أن هذه الخطوة المشهودة ستمكن المملكة من وضع الخبرة والتجربة التي راكمتها على مدى السنوات الماضية، رهن إشارة جمهورية جنوب السودان، لاسيما في مجالي العمل على استتباب الأمن ومحاربة الإرهاب. حيث سيتم تمكين هذه البلاد الفتية من الخبرة المغربية التي تحظى باعتراف كبير على المستوى الدولي، خدمة للأمن والاستقرار بجنوب السودان.

كما ستعطي الزيارة الملكية الميمونة لجنوب السودان دفعة قوية للعلاقات السياسية والاقتصادية حديثة العهد بين البلدين، كما ستمكن الرباط وجوبا من الاتفاق حول مبادرات ملموسة من شأنها المساهمة في الدفع بتعاون ثنائي قوي، متنوع ومربح لكلا الطرفين.

وستشكل الزيارة، أيضا، مناسبة للبلدين من أجل بلورة إطار قانوني غني وعملي كفيل بوضع إطار ملائم للتنسيق المثمر والفعال وتكريس التعاون جنوب- جنوب التواق إلى مستقبل متضامن قائم على تبادل الخبرات وتقاسم التجارب.

وهكذا، سيتمكن البلدان من توحيد جهودهما لتقديم إجابات موضوعية وجريئة على مختلف التحديات التي تواجههما، لاسيما قضايا السلم والأمن وتكريس الديمقراطية والحكامة الجيدة والتنمية الاقتصادية، إلى جانب قضايا أخرى ذات الاهتمام المشترك.

ولعل عزم المغرب على مد يد العون لجمهورية جنوب السودان في مختلف المجالات، يتجلى من خلال التعليمات الملكية السامية المتعلقة بإقامة مستشفى ميداني متعدد التخصصات من المستوى الثاني، في جوبا، وذلك في إطار بعثة إنسانية لفائدة ساكنة جمهورية جنوب السودان ابتداء من يوم الاثنين 23 يناير الماضي.

وتعكس مبادرة إقامة هذا المستشفى الميداني العناية الملكية السامية تجاه سكان جنوب السودان، من أجل تقديم المساعدة لهم وتمكينهم من العلاجات الضرورية، كما تندرج في إطار التقليد الإنساني الإفريقي للمملكة، وتشكل محورا للتضامن الفاعل للمغرب مع شعب جمهورية جنوب السودان الشقيق.

وتأتي هذه الزيارة، أيضا، عقب العودة المظفرة للمغرب إلى موقعه الطبيعي ضمن الاتحاد الإفريقي، والتي تأتي كتتويج للجهود الحثيثة التي يبذلها على مستوى عدد من بلدان القارة، لاسيما في مجالي التنمية البشرية والاقتصادية المستندة على مبدأ التعاون جنوب- جنوب وتقاسم الخبرات والمنفعة المشتركة.

ومما لاشك فيه، أن عودة المغرب لأسرته المؤسساتية الإفريقية ستمكنه من الانخراط بشكل أكبر في الإستراتيجيات التنموية القطاعية بإفريقيا، والمساهمة فيها بكيفية فعالة من خلال إغنائها بالخبرة المتفردة التي راكمها المغرب في الكثير من المجالات، وكذا العمل على إسماع صوت القارة في مختلف المحافل والمنتديات الدولية.

وتأتي هذه العودة، أيضا، لتعزيز التزام المغرب لفائدة تعزيز الأمن والاستقرار بمختلف مناطق القارة التي تعيش على وقع التوثر والحروب، والعمل على تسوية النزاعات عبر الوسائل السلمية.

والأكيد أن زيارة جلالة الملك لجوبا تعزز الرؤية الملكية لإفريقيا جديدة تأخذ بزمام أمورها، إفريقيا موحدة تثق في قدراتها الذاتية، وإفريقيا قوية تستشرف المستقبل بكل تفاؤل وأمل.

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/02 الساعة 11:09