إلى أبناء الأغوار الجنوبية

مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/22 الساعة 21:47
كتب : محمد عبدالكريم الزيود أستذكرك اليوم يا أبا ذرّ، يا سيد الفقراء وأنا أحزنُ على أبناء الأغوار الجنوبية كيف ماتوا داخل صوامع العقبة، بلا نعيّ وبلا بكاءٍ وبلا صوت، هؤلاء الفقراء فرّوا من الجوع بعدما نشفتْ مزارعهم، وجفَّ البحر الميت ولفظهم كالملح، وأغلقتْ المصانع والمدارس في وجوههم، وأُستملكتْ أراضيهم مزارع لكبار القوم، فرّوا يبحثون عن رزقهم وخبزهم نحو العقبة، فرّوا من الموت إلى الموت، ومع ذلك لم يشهروا سيوفهم عندما جاعوا مثلكَ. سيدي أبا ذرّ، يا سيد الفقراء، في بلادنا يموت الفقير وحيدا كما عاش وحيدا مثلكَ، بلا صوت وبلا بكاء، وبلا حزن، وبلا مراسم، فالفقراء لا تحفلهم كاميرات الإعلام إلا عند توزيع الطرود والمساعدات فأنهم عندها يصبحون سلعة للتمنن "لأهل الخير والأيادي البيضاء".. في بلادنا الفقراء مصدر دخل للمنظمات والجمعيات والمشاريع الفاشلة، والإستثمار الفاسد، يبيعونهم الوهم والخواء ويتاجرون بفقرهم وعوزهم ودموعهم. ستة من شباب الغور ضحايا لتفجير صوامع العقبة، ماتوا تحت الغبار، فقدتهم عائلاتهم فجأة، تركوا أمهات ثكلى وأرامل وأيتاماً، ذهبوا صباحا ليعملوا فعادوا جنازات لأهلهم، لا ذنب لهم إلاّ لأنّهم ضحايا للإهمال الرسمي، ولرأس المال الذي لا يأبه لإنسانيتهم ولا لحقوقهم ولا لخبزهم ... فيا شهداء الصوامع، لا عذر للحكومة من دمكم ولا من صريخكم، قتلتكم مرتين، مرّة لأنها خذلتْ فقركم، ومرة عندما سكتتْ عن حقوقكم ولم تعلن سبب موتكم للناس، حتى الموت إستكثروه عليكم، وبخلوا بالدموع والنعي .. سيدي أبا ذرّ : الله ما أقسى الوطن على الفقراء، والفقراء في بلادنا هم جمر الوطنية ومشاريع الشهداء، ورغم الضيق والعوز والجوع فالفقير لا يتاجر في وطنه ولم يخذلَ وطنه يوما، لكنها الحكومات يا أبا ذرّ من خذلنَ الفقراء .. فسلام على شهداء الأغوار الجنوبية.. سلام على شهداء الصوامع، حتى ماء بحر العقبة وملح البحر الميت لا يغسل ذنوبنا وتقصيرنا بحقكم. طوبى للفقراء وطوبى للشهداء، والسلام على أبي ذرّ؛ عاشَ وحيدا وماتَ وحيدا ويبعثُ وحيدا ..!!
  • العقبة
  • نعي
  • شباب
  • مال
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/22 الساعة 21:47