وماذا عن ترامب العربي...؟!
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/02 الساعة 00:33
ادانة القرارات التي اصدرها الرئيس الامريكي فيما يتعلق بدخول اللاجئين والقادمين من 7 دول عربية واسلامية تبدو مفهومة ومشروعة ايضا، ليس فقط لان ما فعله الرئيس يتعارض مع صورة امريكا التي وصلتنا، ودستورها الذي يتطابق مع حقوق الانسان، وانما لانه يعكس كذلك نمطا عنصريا لم نألفه في خطابات الزعماء الامريكيين، حتى اولئك الذين لا تزال ذاكرتنا تحمل اسماءهم كغزاة وتجار حروب .
من حق القارئ الكريم ان يعترض على ما ذكرته سلفا من جهتين : الاولى هي ان اعجابنا بالنموذج الامريكي ليس اكثر من حالة انبهار بالاخر، وبالتالي فان ما فعله ترامب لم يكن اكثر من محاولة “ تظهير “ الصورة وتقديمها على حقيقتها دون تزيين او تزييف، اما الجهة الاخرى فهي مسألة الديموقراطية وحقوق الانسان التي يتباهى بها الغرب عموما لا علاقة لها ابدا بتعاملهم معنا كعرب ومسلمين، فهي قضية تخصهم داخل حدودهم فقط، وبالتالي فان فضائل ديمقراطيتهم تعود عليهم فقط
سأوافق – جدلا – على الملاحظتين، لكني استأذن بتسجيل ثلاث ملاحظات : اولاها ان ما فعله ترامب لا يختلف عما نفعله في بلداننا العربية والاسلامية، وبالتالي فان لدينا عشرات ان لم اقل مئات النسخ من “ ترامب “ العربي والاسلامي، لا اتحدث فقط عن السلطة السياسية وبعض رموزها الذين يفكرون بمنطق ترمب وانما ايضا بالمجتمع ونخبة الدينية والسياسية التي تتفوق على “ترامب” بما لديها من مخزون من الكراهية والتعصب والعنصرية، ولو قيض لها ان تصل للسلطة والقرار لفعلت بنا او بغيرنا اسوأمما فعله ترامب.
اما الملاحظة الثانية فهي انه بموازاة الوجه الاسود الذي جسدته القرارات الرئاسية ثمة وجه اخر ابيض ومشرق عبّر عنه المجتمع الامريكي، وهذا الوجه لم يقتصر على المظاهرات الكبرى التي شهدتها المطارات والولايات والمدن هناك، وانما تجاوزه الى “ ثورة “ القضاء ضد الرئيس، واعلان نحو ( 900 ) مسؤول وموظف اعتراضهم على قرارت حظر دخول المسلمين، حيث وجهوا مذكرة لوزارة الخارجية الامريكية ذكروا فيها ان مثل هذه السياسات ضد جوهر المبادئ الامريكية التي ترفض التمييز العنصري .
الملاحظة الثالثة لها علاقة ايضا بحيوية المجتمع الامريكي وفضائل الديموقراطية التي يتمتع بها، حيث شهدنا انتقادات بدون سقوف اشهرها مختلف الكتاب والمعلقيين السياسيين، وكذلك المواطنين، ضد هذه القرارات، لدرجة ان ما قيل ضد الرئيس داخل امريكا كان اقسى مما قيل له خارجها، مع ذلك لم نسمع اي خبر عن معاقبة او اعتقال اي شخص بتهمة الاساءة او غيرها، بل ان احدى المظاهرات التي اعقبت تتويج ترامب رئيسا تزامنت مع ترتيبات من نوع خاص، وفرت للمتظاهرين المياه ولكبار السن الخدمات الصحية، فيما تفرغ رجال الامن لحمايتهم ولم تسجل اي مخالفة منهم ضد اي متظاهر.
حين ندقق في وجه “ امريكا “ من زاويتين، احداهما زاوية الرئيس وقراراته والاخرى زاوية الامركيين وما يتمتع به المجتمع هناك من حرية وديمقراطية نجد ان قدرة السلطة السياسية مهما حاولت ان تستبد ستكون محدودة ما دام انها تخضع “لسلطة “ المجتمع حين يتمتع المجتمع بما يلزمه من عافية، وحين تكون المؤسسات راسخة والقانون فاعلا، والاهم من ذلك حين يكون الضمير العام حاضرا ويقظا، ليس فقط للدفاع عن قضاياه الخاصة وانما للدفاع عن واجبه الانساني والاخلاقي، حتى لو كان ذلك بالنيابة عن الاخرين .
افضل ما يمكن ان نفعله في عالمنا العربي والاسلامي الذي ما زال يعلق مآسيه وكوارثه على مشاجب الاخرين، وما زال ينتظر من العالم ان يعمل بالنيابة عنه، ويتصدى للدفاع عن مظلومياته، هو ان نحدق في مرايانا الداخلية لنرى صورنا على حقيقتها، ونصحح اعوجاجانا بانفسنا، فما يفعله الاخرون بنا هو جزء مما فعلناه او نفعله بانفسنا، وقبل ان نتدافع لادانتهم يفترض - بل يجب- ان نسال : كم نسخة من ترامب يتربعون فوق مدرجاتنا السياسية والدينية والرياضية، وكم من انفاس العنصرية والكراهية نتبادلها فيما بيننا، ومع غيرنا ايضا .
الدستور
من حق القارئ الكريم ان يعترض على ما ذكرته سلفا من جهتين : الاولى هي ان اعجابنا بالنموذج الامريكي ليس اكثر من حالة انبهار بالاخر، وبالتالي فان ما فعله ترامب لم يكن اكثر من محاولة “ تظهير “ الصورة وتقديمها على حقيقتها دون تزيين او تزييف، اما الجهة الاخرى فهي مسألة الديموقراطية وحقوق الانسان التي يتباهى بها الغرب عموما لا علاقة لها ابدا بتعاملهم معنا كعرب ومسلمين، فهي قضية تخصهم داخل حدودهم فقط، وبالتالي فان فضائل ديمقراطيتهم تعود عليهم فقط
سأوافق – جدلا – على الملاحظتين، لكني استأذن بتسجيل ثلاث ملاحظات : اولاها ان ما فعله ترامب لا يختلف عما نفعله في بلداننا العربية والاسلامية، وبالتالي فان لدينا عشرات ان لم اقل مئات النسخ من “ ترامب “ العربي والاسلامي، لا اتحدث فقط عن السلطة السياسية وبعض رموزها الذين يفكرون بمنطق ترمب وانما ايضا بالمجتمع ونخبة الدينية والسياسية التي تتفوق على “ترامب” بما لديها من مخزون من الكراهية والتعصب والعنصرية، ولو قيض لها ان تصل للسلطة والقرار لفعلت بنا او بغيرنا اسوأمما فعله ترامب.
اما الملاحظة الثانية فهي انه بموازاة الوجه الاسود الذي جسدته القرارات الرئاسية ثمة وجه اخر ابيض ومشرق عبّر عنه المجتمع الامريكي، وهذا الوجه لم يقتصر على المظاهرات الكبرى التي شهدتها المطارات والولايات والمدن هناك، وانما تجاوزه الى “ ثورة “ القضاء ضد الرئيس، واعلان نحو ( 900 ) مسؤول وموظف اعتراضهم على قرارت حظر دخول المسلمين، حيث وجهوا مذكرة لوزارة الخارجية الامريكية ذكروا فيها ان مثل هذه السياسات ضد جوهر المبادئ الامريكية التي ترفض التمييز العنصري .
الملاحظة الثالثة لها علاقة ايضا بحيوية المجتمع الامريكي وفضائل الديموقراطية التي يتمتع بها، حيث شهدنا انتقادات بدون سقوف اشهرها مختلف الكتاب والمعلقيين السياسيين، وكذلك المواطنين، ضد هذه القرارات، لدرجة ان ما قيل ضد الرئيس داخل امريكا كان اقسى مما قيل له خارجها، مع ذلك لم نسمع اي خبر عن معاقبة او اعتقال اي شخص بتهمة الاساءة او غيرها، بل ان احدى المظاهرات التي اعقبت تتويج ترامب رئيسا تزامنت مع ترتيبات من نوع خاص، وفرت للمتظاهرين المياه ولكبار السن الخدمات الصحية، فيما تفرغ رجال الامن لحمايتهم ولم تسجل اي مخالفة منهم ضد اي متظاهر.
حين ندقق في وجه “ امريكا “ من زاويتين، احداهما زاوية الرئيس وقراراته والاخرى زاوية الامركيين وما يتمتع به المجتمع هناك من حرية وديمقراطية نجد ان قدرة السلطة السياسية مهما حاولت ان تستبد ستكون محدودة ما دام انها تخضع “لسلطة “ المجتمع حين يتمتع المجتمع بما يلزمه من عافية، وحين تكون المؤسسات راسخة والقانون فاعلا، والاهم من ذلك حين يكون الضمير العام حاضرا ويقظا، ليس فقط للدفاع عن قضاياه الخاصة وانما للدفاع عن واجبه الانساني والاخلاقي، حتى لو كان ذلك بالنيابة عن الاخرين .
افضل ما يمكن ان نفعله في عالمنا العربي والاسلامي الذي ما زال يعلق مآسيه وكوارثه على مشاجب الاخرين، وما زال ينتظر من العالم ان يعمل بالنيابة عنه، ويتصدى للدفاع عن مظلومياته، هو ان نحدق في مرايانا الداخلية لنرى صورنا على حقيقتها، ونصحح اعوجاجانا بانفسنا، فما يفعله الاخرون بنا هو جزء مما فعلناه او نفعله بانفسنا، وقبل ان نتدافع لادانتهم يفترض - بل يجب- ان نسال : كم نسخة من ترامب يتربعون فوق مدرجاتنا السياسية والدينية والرياضية، وكم من انفاس العنصرية والكراهية نتبادلها فيما بيننا، ومع غيرنا ايضا .
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/02 الساعة 00:33