أحمد الطيبي رئيسا لوزراء «إسرائيل»!
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/20 الساعة 03:51
-1-
تعلمت من سنوات عملي في الصحافة، والكتابة أيضا، أن أقرأ الصورة بأبعادها كافة، اليوم تبدو صورة الصراع العربي الصهيوني في أسوأ حالاتها بالنسبة لنا نحن العرب والفلسطينيين خصوصا، سبعون عاما من النكبة، ومحاولات «تهويد» الأرض الفلسطينية على أشدها، لا تكل آلة التهويد الصهيونية عن العمل ليل نهار، سواء بالبلطجة والقوة الغاشمة، أو بسن القوانين العنصرية، ولكن وسط هذه الصورة القاتمة، لا يكاد يتحدث أحد عن تهويد الإنسان الفلسطيني، فهو لا يستعصي على التهويد فحسب، بل يزداد فلسطينية وعروبة وتمسكا بأرضه، والأهم من هذا يزداد «مقاومة» وجدانيا وعملياتيا، وأسريا أيضا، إنه ينجب المزيد من الأطفال ربما بدافع غريزي أكثر من غيره، وهو في سباق ساخن مع الأسر الحريدية اليهودية المتدينة، التي تؤمن لليهود الحد الأدنى من السباق «الديمقراغرافي» اليهودي العربي!
قليلون من يتحدثون اليوم عن مستقبل فلسطين من وجهة نظر ديموغرافية بحتة، خاصة بعد تلاشي «حل الدولتين» يقول أحمد الطيبي، العضو الفلسطيني النشط في برلمان العدو «الكنيست» من القائمة العربية المشتركة: «معطى عن المساواة بين اليهود والعرب بين النهر والبحر واضح. هذا واقع احتلال وابرتهايد. الذي صفى رؤيا الدولتين ملزم بأن يقرر: إما دولة واحدة ديمقراطية مع مساواة حقوق أو دولة أبرتهايد، حلم رئيس وزراء عربي، والذي يبدو الآن كفكرة هاذية، آخذ في الاقتراب»!
هذا المشهد قد يبدو نوعا من الكوميديا الساخرة، ولكنه ليس كذلك لرجالات الإحصاء في كيان العدو، ومن يرصدون بدقة مؤشر المقارنة بين عدد السكان العرب واليهود بين البحر والنهر!
-2-
قبل يوم فقط من الموعد الذي احتفل فيه كيان العدو بافتتاح سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القدس، نشرت وسائل إعلام صهيونية معلومات صادمة عن عدد سكان «العاصمة العتيدة» موقع «المصدر» الصهيوني، نشر مثلا يوم 13 أيار مايو أرقاما مفاجئة عن عدد سكان القدس المحتلة، إذ قال أنه يتضح من معطيات جديدة أن أكثر من ثلثي المدينة هم عرب ومعظم سكانها اليهود هم متديّنون أو حريديون! ووفقا لمصادر الإحصاء في كيان العدو، أنه في هذا العام، اختار المزيد من «الإسرائيليين» مغادرة القدس مقارنة بهؤلاء الذين قدموا إليها، إذ هاجر معظم سكانها إلى «مدينتي» بيت شيمش وتل أبيب. وسائل إعلام أخرى، أنحت باللائمة على دوائر الحكومة الصهيونية التي لم تزل تتخذ من تل أبيب مقرا لها، وقالت ساخرة: إن ترامب الذي رحّل سفارته من تل أبيب إلى القدس هو أكثر حرصا على أسرلة القدس من حكومتهم!
«عاصفة ديموغرافية» كان الخبر الرئيس لصحيفة «معاريف» يوم 27/3/2018، هذا بالإجمال مجرد رقم – عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة – ولكن الأمر نجح في أن يثير عاصفة حقيقية في الساحة السياسية. هكذا بدأت الصحيفة تقريرها: كل شيء بدأ عندما عرض نائب رئيس الإدارة المدنية، (جهاز الاحتلال في الضفة الغربية) العقيد حاييم مندس على لجنة الخارجية والأمن في الكنيست معطيات تفيد بأنه يعيش في مناطق الضفة الغربية والقطاع اليوم 5 ملايين فلسطيني (3 ملايين في الضفة والباقي في غزة). ولا يتضمن هذا المعطى الفلسطينيين الذين يعيشون في شرقي القدس والعرب مواطني إسرائيل. عددهم حسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي 1.8 مليون. أما دمج كل السكان العرب بين البحر والنهر – في الضفة، القطاع وفي شرقي القدس – فيبين أن عددهم يفوق عمليا عدد اليهود الذين يعيشون في إسرائيل، نحو 6.5 مليون!
هذه المعطيات، التي عرضت عرضا، أثارت عاصفة ودهشة، فوفق الصحيفة،
وتنقل الصحيفة عن النائب عوفر شيلح من «يوجد مستقبل قوله: «إقرأوا كل خبير إسرائيلي، البروفيسور ارنون سوفير مثلا. كلهم يقولون انه بين النهر والبحر بالكاد توجد اليوم أغلبية يهودية. وحتى لو أخرجنا من الحساب المليونيْ غزي، فإننا نحصل على أرقام معناها واحد: الانفصال – وإلا خطر على وجود الحلم الصهيوني!
والحقيقة أن الأمر لا يتطلب أعواما كثيرا، كي نرى هذا «الخطر» وقد اقترب أكثر فأكثر لتدمير حلمهم، فثمة عوامل أخرى، ستقرب ذلك اليوم الذي نرى فيه تحقيق الحلم الفلسطيني، حتى بدون تنفيذ حق العودة، الذي جعله الفلسطينيون عنوانا لإحيائهم يوم النكبة السبعين!
الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2018/05/20 الساعة 03:51