الى أين يتجه العالم في عهد ترامب؟

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/01 الساعة 20:22

تذكرني سلسلة القرارات المتلاحقة للرئيس الامريكي دونالد ترامب بهوس العقيد معمر القذافي وقراراته الغريبة الاطوار والتي كانت تشكل في معظمها فرصة للتندر والسخرية والاستهجان حيث كان يتميز بأفكاره الغريبة والخارجة على نطاق المألوف في بروتوكولات رؤساء الدول سواء فيما يتعلق بالتدخل في شؤون الدول الاخرى او زعزعة استقرار الدول او دعم الحركات الارهابية بما في ذلك  اسقاط طائرة الركاب الاميركية (بان امريكان) فوق قرية لوكربي الاسكتلندية في عام 1988 واعتراف القذافي في نهاية المطاف بتحمل المسؤولية عن تفجير الطائرة ودفعه مليارات الدولارات لذوي الضحايا كتعويضات عن ذويهم الذين كانوا على متن الطائرة المنكوبة..

وأما بالنسبة للرئيس الاميركي ترامب فقد لاقت القرارات الغريبة التي صادق عليها وخاصة قرار منع السفر للولايات المتحدة من سبع دول عربية وإسلامية ، لاقت ردود فعل عنيقة ورافضة ومستنكرة على مستوى العالم حيث وصفها رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، بأنها مقلقة وتؤثر على مستقبل الاتحاد الأوروبي والعلاقات بين ضفتي الأطلسي وانها "تجعلنا الى حد كبير غير قادرين على التكهن بمستقبلنا في الاتحاد الاوروبي".. وذلك في ضوء تهجم ترامب على الدول الاوروبية بسبب استقبالها للاجئين الفارين من سوريا والعراق والصومال واليمن..الخ.

ولاقت هذه التصريحات ردود فعل متفاوتة من ناحية الرفض والاستهجان في عموم الدول الاوروبية خاصة بعد ان وصف ترامب حلف الناتو (منظمة حلف شمال الاطلسي) بأنه (عفى عليه الزمن) بمعنى انه لم تعد له أية  قيمة فعلية على أرض الواقع..

وها هو الرئيس الفرنسي يطالب الاوروبيين بأن يردوا بصرامة على الرئيس الأميركي  كلما سعى لتقويض سلامة الاتحاد الأوروبي من خلال تأييده لانسحاب دول اوربية اخرى بعد بريطانيا ، من الاتحااد.
كما رفضها الامين العام للامم المتحدة مؤكدا انها تتنافي مع مبادئ حقوق الانسان التي تنادي بها المنظمة الاممية..

أما في بريطانيا الحليف التقليدي للولايات المتحدة فقد تم جمع أكثر من مليون ونصف مليون توقيع لرفض الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها ترامب لعاصمة الضباب في وقت لاحق.

ولم يقتصر رفض قرارات ترامب على خارج الولايات المتحدة بل انه بدأ في الداخل فها هو يقيل وزيرة العدل لرفضها الانصياع لقراراته.. كما وقع اكثر من 900 موظف من وزارة الخارجية الاميركية عريضة تتضمن رفضهم لقرار ترامب المتعلق بمنع السفر الى الولايات المتحدة من سبع دول عربية واسلامية وها هو يقصي المسؤولين الذي يرفضون الاذعان لقراراته وتنفيذها.. ناهيك عن المظاهرات النسائية الحاشدة في طول البلاد وعرضها احتجاجا على مواقف ترامب من النساء بشكل عام.

أما قرار ترامب المتعلق ببناء سور على طول حدود الولايات المتحدة مع المكسيك التي تقدر بـ 3145 كيلو مترا فقد اضطر الرئيس المكسيكي إنريكي بينا نيتو الى الغاء الزيارة التي كان سيقوم بها لواشنطون الاسبوع الماضي لبحث علاقات التعاون والتنسيق المشترك مع الدولتين الجارتين.

وعلى الصعيد الداخلي أيضا أعلنت السلطات الرسمية في ولاية كاليفورنيا وهي المعقل التقليدي للديمقراطيين ، أنها أجازت حملة لجمع التواقيع لاجراء استفتاء عام للمطالبة باستقلال الولاية الشاسعة والتي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة.. وبموجب القانون الاميركي فانه يتوجب جمع ما نسبته 8بالمائة من اجمالي عدد الناخبين في الولاية لاجراء الاستفتاء المطلوب..

اما قرار ترامب الاكثر إثارة للجدل فهو نقل السفارة الاميركية من تل أبيب الى القدس وهو القرار الذي سيثير حفيظة العرب والمسلمين في كل مكان كما أنه سيعزز المشاعر المعادية لامريكا في المنطقة وبالتالي يغذي افكار التشدد والارهاب كما انه يشكل ذريعة قوية لهذه الفئات لتبرير مواقفها ومعتقداتها المتشددة.

هذه القرارات أدت تعميق إلى الشرخ بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس الأميركي بجناحيه مجلسي النواب والشيوخ حيث وصف الديمقراطيون القرارات بـ «المقرفة» وأنها «تدفع البلاد إلى الوراء».

وبعد ، فما هو السيناريو القادم بعد كل هذا التخبط والفوضى والتهور.. هل سيدق ترامب مسمار تفكك الولايات المتحدة وانهيارها ام ان هذا الهيجان والانفلات سيؤدي الى الحرب العالمية الثالثة في ضوء تصاعد وتيرة مشاعر التأزيم والشوفينية والتوتر بين الدول العظمي في ضوء القرارات المتسرعة والمتلاحقة لدونالد ترامب.. لننتظر ونرى..

مدار الساعة ـ نشر في 2017/02/01 الساعة 20:22